الكيان الصهيوني وأعشاش الدبابير الاستيطانية؟!

تابعنا على:   19:54 2014-07-05

د. حسين المناصرة

كلنا نعرف أن الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة تشكل أساسًا - بصفته قوة استعمارية؛ تقوم على الهجرات من بقاع العالم المختلفة، باسم صهيونية إعادة أمجاد الدولة العبرية القديمة - على المستوطنات الصهيونية قبل احتلال فلسطين عام 1948 إلى اليوم، فما زالت إسرائيل تمارس هذا العمل الاستيطاني الإجرامي في فلسطين كلها ؛ إلى درجة أن تتحول (الضفة الفلسطينية الغربية) إلى دولة صهيونية بالكامل من خلال بناء المستوطنات السرطانية في كل بقعة فلسطينية مرتفعة أو مستوية بعيدًا عن الوديان؛ وهذا يعني أن الوجود الفلسطيني داخل وطنه غدا في سجون لا أكثر ولا أقل ، على الرغم من كون هذه السجون مدنًا وقرًى !!

وبكل تأكيد ، فإن أية حرب بين الاستيطان الصهيوني في أية بقعة من فلسطين المحتلة، والفلسطينيين الذين يقيمون في وطنهم ، ويصارعون هذا الاحتلال الوحشي المجرم يوميًا ، هي حرب خاسرة ألف بالمئة بالنسبة إلى الفلسطينيين ؛ لأن جيش الاحتلال الصهيوني كان يقتل، ويدمر ، ويحرق، ويهدم، ويعتقل، ويسجن... ولا رادع له في عملياته الإجرامية ضد الفلسطينيين، ومن ثمّ كانت اتفاقيات العار الأوسلوية صكًا لتبريء الاحتلال من إجرامه اليومي بحق الوجود الفلسطيني المنكَّل به بالكامل...لذلك أتاحت هذه المؤامرات أو الاتفاقيات الأوسلوية المجال لهذا الكيان أن يشن جيشه المجرم الحرب تلو الحرب على المناطق الفلسطينية المحتلة ، كما حدث في انتفاضة الأقصى ، أو في اجتياح غزة ... فماذا كان بإمكان تلك الأسلحة الخفيفة التي يحملها بعض عناصر أمن السلطة الفلسطينية لإدارة الأمن، أن تفعل في مواجهة قصف أرضي وجوي وبحري... يمارسه هذا الكيان المجرم؟!

واليوم تعرف الإدارة الصهيونية النازية أن المعركة على الفلسطينيين من خلال الجيش هي معركة خاسرة إعلاميًا ؛ لأن جيش هذا الكيان لم يترك بقعة فلسطينية دون أن يدمرها؛ وما زال وسيبقى يمارس هذا الإجرام في الحصار والتخريب والقتل ، فقد دفع الفلسطينيون ثمنًا لم تدفعه بشرية في التاريخ كله جراء اختطاف شاليط ، والآن تريد دولة الصهاينة أن يدفع الفلسطينيون وجودهم ، فتعيث في فلسطين فسادًا وإجرامًا لن يكون له مثيل ، وهي تريد أن تقنع العالم أن ما يحدث في فلسطين هو فتنة داخلية بين السكان ، يعني بين الفلسطينيين والمستوطنين ، وهنا الحرب خاسرة بامتياز بالنسبة إلى الفلسطينيين الذين لا يملكون أكثر من إرادة الصمود والتشبث بالبقاء في وطنهم وعلى أرضهم ، في حين يمتلك رعاع المستوطنين المجرمين الأسلحة كافة ، والإجرام المتأصل في وجودهم ، وهم أرذل خلق الله وأبشعهم ، وأنهم قادرون على أن يحرقوا الفلسطينيين كلهم؛ كما حرقوا الشهيد محمد خضير - رحمه الله .

هذه السياسة الصهيونية الإجرامية؛ وهي تخطط من خلال تسليح قطعان الاستيطان ، وتدريبهم ، وتعبئتهم بالإجرام والقتل ...فاليوم يدرك الصهاينة أن هذه المؤامرة بإمكانها أن تصلح في فلسطين، لاجتثاث الشعب الفلسطيني من أرضه وتاريخه وثقافته ؛ فالمنطقة العربية – عمومًا- تتآكل في حروبها الداخلية ، وتشرذمها وصراعاتها الأبدية ...لذلك لا مانع من الممارسة الصهيونية الاجتثاثية الاستيطانية في أن تطلق اليد لقطعان المستوطنين تحت حماية الجيش الصهيوني الضليع في حرب الشوارع ؛ وحتى هؤلاء القطعان فإنهم يعدون من أهم عناصر هذا الجيش إجرامًا ... والنتيجة ستكون ارتكاب مجازر بحق شعبنا الفلسطيني ، تحت مظلة السلطة الفلسطينية التي لا حول لها ولا طول ، وأنها مجرد جسر متهالك ليمارس هذا الكيان من خلاله إجرامه ومجازره ، دون أن يحمل هذا الكيان عبء أنه محتل ومغتصب ، وأنّ عليه أن يلتزم بالمواثيق الدولية التي تحمله مسؤولية الفلسطينيين الذين يعيشون في وطنهم تحت هذا الاحتلال منذ نشأته إلى اليوم.

ينبغي -فلسطينيًا وعربيًا وعالميًا- ألا نُروّج لانتفاضة فلسطينية ثالثة ، وكأنّ الفلسطيني هو الذي يسعى إلى اجتثاث الكيان الصهيوني من جذوره!! ما يحدث هو حرب صهيونية على شعبنا الفلسطيني تحت هذا الاحتلال ، وعندما تكون هذه الحرب إجرامية جائرة ، فإنها تمارس أبشع أساليب القتل والتدمير والسلب والنهب والحرق والاعتقال ؛ فهذا يعني أن هذا الكيان الغاصب هو المعتدي ، وهو المجرم ، وهو الذي يجر المنطقة العربية إلى الخراب ، وأن كل ما يحدث هو من أجل إفشال مشروع المصالحة الفلسطينية ، رغم أن هذه المصالحة شكلية ؛ لأن هذا الاحتلال أنجز مهمته في غزة ، فأبعدها عن مخططاته الآنية ، وبذلك هو يسعى الآن إلى تدمير الوجود الفلسطيني في فلسطين المحتلة عام 1948 ، والضفة الفلسطينية الغربية المحتلة عام 1967، والهدف من ذلك كله، أن يسعى هذا الكيان إلى تكريس يهودية الدولة الخالية من الوجود الفلسطيني!! وهذا هو الدور المنوط بأعشاش دبابير الاستيطان الصهيوني على أية حال!!

اخر الأخبار