ما بعد "عملية الخليل" ومسؤولية عباس ومشعل !

تابعنا على:   11:02 2014-07-02

كتب حسن عصفور/ افتراضا أن عملية خطف المستوطنين، وما تبعها من قتل مبين لثلاثتهم، كانت عملية فلسطينية انتقامية من العدو المحتل لكل ما يقوم به يوميا من فعل عدواني لا حدود له، عدوان يستفز "الحجر الصامت" منذ سنوات على النطق، فإن ما بعد العملية ليس كما قبلها، وحتما لن تمر المسألة مرور الكرام للأطراف ذات الصلة بمجرى الأحداث، سواء منها القيادة الرسمية للشعب الفلسطيني أو قيادة الكيان الاحتلالي وحكومته الفاشية، والضلع الثالث قيادة حركة حماس..

منذ بداية العملية سجلت القيادة الرسمية وتحديدا الرئيس محمود عباس خسارة معنوية سريعة، وضعته في مكانة سياسية حرجة، ما اوصل شعبيته الى منخفض يفوق منخفض الشتاء الشديد، كونه تسرع بالقاء خطاب في جدة، لم يكن متوقعا وتجاوز به حدود المنطق الوطني، ورغم كل محاولات "التبرير الاجتهادي" لفرقة "حسبة الله السياسية" للدفاع عن "قيمة الخطاب وحكمة الرئيس لحماية شعبه"، فما كان الا ارتفاع منسوب السخرية والرفض من الخطاب والخطيب والمبرراتية، ولذا وبلا أدنى شك فالخاسر الأكبر من العملية، هو الرئيس محمود عباس لعدم قدرته على إدارة الأزمة كما كان ينبغي، وتصرف بردة فعل مرتبكة، كشفت عورة غياب الفعل المؤسسي في اللحظات الصعبة..

وتلك الخسارة السياسية للرئيس عباس لن تقف عند حدود نتائج الخطاب المعيب، بل قد تتجاوز الحالة الشعبية الرافضة للخطاب، الى بداية التشكيك بقدرته على استكمال المهمة والوظيفة التي جاء من اجلها، عبر الانتخابات العامة، قبل أكثر من تسع سنوات، وإن لم يسارع ومعه "خليته المغلقة جدا" على اعادة تقييم المشهد بعيدا عن الانفعال والبحث عن المبررات والذرائع، والتفكير العملي بحقيقة التطورات التالية فإن النتيجة ستكون مزيدا من الارتباك الذي سيقود حتما الى الاخفاق، ما يؤدي الى مطالبة سياسية بانهاء فترة "التمديد" للرئيس، وسيبرز ذلك من بين صفوف حركة الرئيس وبعض مما يستعدون منذ أجل للوراثة بطرق قد تبدو أنها "مشروعة"، وتحت شعار عدم "قدرة الرئيس وانتهاء صلاحيته السياسية"..مناورة لم تعد مجهولة ابدا، ويعلمها الرئيس بكل تفاصيلها أطرافا وشخوصا..

ولأن نتنياهو كان يقيس حركة الفعل الدولي في الأشهر الأخيرة لسياسة حكومته، فهو بات على يقين أن أجله السياسي بات وشيكا، رغم ما يعتقد أنه حقق لاسرائيل نتيجة التطرف والعدوانية والاتساع الاستيطاني دون حدود، ولم تهزه ردة فعل من أي بلد أو إدارة، الى جانب قيامه بتهويد ما استطاع اليه تهوديا في القدس الشرقية، ونال من طبيعتها كما لم يسبق لغيره، رغم كل ذلك كان يعلم يقينا أن العالم يتحول معنه ودولته، وان الرفض بل والكراهية تتسع يما بعد آخر..

لذا سارع وفورا على محاولة استغلال عملية الخطف، فبعد أن علم بمقتل المخطوفين فورا، أصدر أمرا لاخفاء طبيعة الحدث وتحويلها من فعل قتل لمستوطنين، كانت تنتهي بعد ساعات بادانة من كل من يحبون الادانة، واعتقال بعض من شخصيات واقتحامات لبعض مناطق العملية، الى عملية خطف لثلاثة "فتية"، يستغلهم خير استغلال، سواء اعادة "التعاطف الانساني" مع دولته التي تخسر كل ساعة احتلال وحجر استيطان، الى جانب حصار الرئيس عباس والسلطة عبر وضعهم في "زاوية حشر سياسية"، والعمل بكل السبل لهدم ما تحقق من نتيجة سريعة ايجابية باسم "حكومة التوافق"..

ونجح بأسرع مما اعتقد، عندما وقع الرئيس عباس في "مصيدة بيبي"، فأصدر امره لكل أجهزته بالتنسيق الأمني الكامل والتعاون غير المحدود مع أجهزة الاحتلال، ولسوء حظه السياسي أن تزامنت عملية "القتل – الخطف" مع مؤتمر بجدة لدولة التعاون الاسلامي، فألقى خطابه الشهير بكمية المصائب، واعتبره الشعب الفلسطيني كارثة فيما استخدمته دولة الكيان خير استخدام لتمرير بعض "أهدافها" من القتل – الخطف، وكان للأجهزة الأمنية الفلسطينية فرصة لاكتشاف "تزوير بيبي" بتحويل القتل الى خطف لو أنها تفرغت للبحث عن "الحقيقة" بدلا من "التنسيق والتعاون" مع الاحتلال ارضاءا للرئيس..

نتنياهو حقق كثيرا من مراده في حصار الرئيس عباس وارباك اتفاق الشاطئ تنفيذا وروحا تعاونية، وشل حكومته برئاسة الحمدالله، وتعرية جبنه السياسي من الذهاب الى غزة، فيما جند حشدا سياسيا اسرائيليا داخليا لمصلحته قد يستخدمه انتخابيا، رغم أن قادم الأيام وانكشاف حقيقة الحدث قد يتحول الى "ويل وريح صرر" على نتنياهو وحكومته وكل مخططه، وذلك مرهون بمدى القدرة على كشف الحقيقة المغيبة في عملية "الثلاثة"..

ولا شك أن حركة "حماس"، كان لها أن تخرج بأكثر الفوائد السياسية لو أن العملية انكشفت فورا بأنها قتل مستوطنين، وليس خطفا، لو أنها كانت فعلا هي من يقف وراء العملية ستكون قد ارتكبت "خطيئة سياسية كبرى"، بأن احالت ما كان يمكن اعتباره "فوزا مستحقا"، يعيد لها بريق ما فقدته من فعل "مقاوم" بعد "خطف غزة" الى خسارة قد تفوق تقديرات من كان له صلة بالعملية..

وحماس لا تعتبر ان الاعتقالات في صفوفها أو قصف القطاع أو حتى اغتيالات لبعض مسؤوليها يمثل خسارة، بل تراه "ربحا صافيا" لاسترداد صورتها "المقاومة"، لكن الخسارة الأكبر التي لم يحسب لها حسابا، هي الردة عن تنفيذ "اتفاق الشاطئ" بكل ما به من عناصر كانت تشكل "مفتاح الفرج" لأزمتها بعد هزيمة الجماعة الساحقة في مصر..

والتهديد بعودة السيطرة على حكم غزة لن يكون سوى تنفيذ ما تريده دولة الكيان وحكومة نتنياهو، ولذا ستكون الخطيئة الكبرى لو أن حماس قررت فعل ذلك..

من الصعب القول أن هناك رابح من عملية الخليل، بل أن الأطراف ذات الصلة يمكن اعتبارها خاسرة، ولكن حجم الخسارة أو زمنها يتوقف على سرعة أي منهم لحصارها، وهو ما على الرئيس عباس أن يدركه ليكون أول المراجعين، ويتقدم فورا نحو تنفيذ اتفاق الشاطيء ويعيد الشرعية لقطاع غزة، وأن يمنح مقره الغزي روح الحضور بالذهاب السريع، وفرض أمر على سفر الحكومة الى القطاع ومن لا يريد ليذهب الى بيته أو جامعته..وأن يستعد فورا لاستخدام "القوة الناعمة" التي يملك من خلال "الشرعية الدولية" و..دولة فلسطين" تنتظر عرسها الوطني الكبير!

اما حماس فعليها ألا تستعجل "قطاف" عملية الخليل، وعلها تكون درسا لمراجعة فكرية سياسية حقيقة لتصبح جزءا من الحركة الوطنية ومشروعها وأن تنتقل من البقاء الى جوارها كما كان منذ البدء..

فرصة هزيمة نتنياهو بعد "عملية الخليل" لا تزال قائمة ولكن كيف يمكن استخدامها بعيدا عن روح "الهزيمة المسكونة عند البعض"، وبعيدا عن مناورات مشعل التقليدية لتعزيز الذات بدل القضية!

ملاحظة: تحطيم الصرافات الآلية وبعض واجهات البنوك ليس سوى عمل عصابي، كائن من كان من قام به..ليس هكذا يتم صرف الرواتب يا "سادة"، رغم علمنا تماما أن "الجوع كافر"!

تنويه خاص: لا زال البنك العربي صامتا على تهمة ابو مرزوق برفضه قبول أموال قطر لتسديد الرواتب.. هل حقا حولت قطر ورفض البنك!

اخر الأخبار