اعلان الخلافة جبهات جديدة تشتعل

تابعنا على:   13:21 2014-07-01

معين الطاهر

آخيرا تمخضت الدولة الاسلامية في العراق والشام , او ما عرف ب داعش عن الخلافة الاسلامية , وتمت مبايعة ابو بكر البغدادي من قبل " اهل الحل والعقد " الذين لم تعرف هويتهم او ماهيتهم , وهو موضوع اشكالي في الفقه الاسلامي , خليفة على كل المسلمين في شتى أقطارهم , وتم الاعلان عن دولة الخلافة الموعودة .

استفادت داعش من الحاضنة الشعبية ذات الأصول السنية في العراق , والتي تمردت على سياسات نوري المالكي المجحفة بحقها . وتمكنت بالتعاون مع قوى أخرى حزبية وعشائرية من السيطرة على غالبية الجزء السني في العراق خلال ساعات . وكانت قبل ذلك قد نجحت في السيطرة على أجزاء واسعة من سوريا , ومن ثم في القضاء على حلفائها بالأمس من جبهة النصرة أو الجيش الحر , ورسخت زعامتها في مناطق نفوذها .

اعلان الخلافة ليس ترفا , ولا دعاية حزبية او سياسية , أو دعوة دينيه . بل هو ومن المنظور الديني لهذه الاتجاهات له بعده المتجذر في العقيدة وأصول الدين . وكما كانت له مفدماته التي امتدت من القاعدة وأبو مصعب الزرقاوي والدولة الاسلامية , فان له نتائجه التي يدركها تماما صانعوا الاعلان . ويدركون انعكاس هذه النتائج على سياساتهم وعلى معاركهم التي يخوضونها .

دولة الخلافة المفترضة لا تحتمل التعددية , سواء كان ذلك في مناطق سيطرتها , أم في شتى بقاع المسلمين . اذ أن الخليفة هو خليفة كل المسلمين الذين عليهم السمع والطاعة , وسلطته مطلقة عليهم جميعا , ولا يجوز ان يكون لهم اكثرمن دولة , فما بالك بأكثر من جماعة او حزب أو تنظيم .

لنتمعن في ما ورد في اعلان الخلافة حين يقول " واياكم وشق الصف , ومن اراد شق الصف فافلقوا رأسه بالرصاص وأخرجوا ما فيه, ولا كرامة لأحد " . كما أنه يخاطب الجماعات والتنظيمات الاسلامية الأخرى في كل مكان ويقول " بطلت شرعية جماعاتكم وتنظيماتكم , ولا يحل لأحد منكم أن يبيت دون أن يبايع " . مذكرا اياهم بأن سبب تأخير النصر " وجود هذه الجماعات " .

اذن فقد اصبح من الواجب شرعا ضمن هذا المفهوم على الجميع من الظواهري الي الملا عمر وطالبان , الى الاخوان المسلمين والى اي فرد او جماعه ان يبايع الخليفة البغدادي فورا ودون أي تأخير , والا اعتبر مرتدا خارجا عن جماعة المسلمين ووجب قتاله .

أما الحاضنة الشعبية التي مكنت الخليفة البغدادي من بسط سلطته وتوسيع دائرة نفوذه , فان عليها هي أولا أن تنصاع لهذه السلطة , لم يعد مقبولا أن يقال أن قوى حزبية او قومية او اسلامية اخرى او حتى عشائرية شاركت او ستشارك في سلطة الخليفة ودولته . وحتى يتمكن الخليفة من تحقيق وحدانية السلطة , فان عليه أن يتجه أولا لمحاربة المرتدين من مسلمي الأمس الذين لا ينصاعون لسلطانه . تماما كما فعل الخليفة أبو بكر الصديق عندما توجه لمحاربة المرتدين قبل ان يتوجه نحو الفتوحات الخارجية .

بمعنى آخر فان العقد الاجتماعي والسياسي الذي سمح ل داعش ببسط نفوذها في الشام والعراق , سيجري استبداله بالقوة بسلطة الخليفة الدينية المطلقة , وعلى هذه السلطة كي تترسخ وحدها دون شريك أن تشتبك مع حلفاء الأمس . لذا من المتوقع أن تتحول الجبهة مع المالكي او الأسد الى جبهة ثانوية , وتشتعل في الداخل جبهات اخرى سواء على ارض دولة الخلافة الحالية , ام مع القوى والجماعات الأخرى التي سترفض قطعا منطق المبايعة والانطواء تحت راية الخليفة في بلدانها الاسلامية . كذلك قد تتحول الأوليات لتوسيع نطاق دولة الخلافة من العدو الافتراضي الحالى ( المالكي وبشار أو الشيعة ) , مع ابقائهم هدفا دائما للتعبئة والتحريض المذهبي , الى نواحي وبلدان أخرى في الاقليم قد تعتبر بمثابة خاصرة رخوه في النظام الاقليمي برمته . وهدفا اسهل لزعزعته والانقضاض عليه , فثمة جبهة تكاد أن تخف وتيرة الصراع فيها , وجبهات تشتعل أو تكاد . وقواعد جديدة للاشتباك تتشكل في منطقتنا .

اخر الأخبار