لماذا لم يصدمنا تطبيع حركة النهضة التونسية مع اسرائيل ؟

تابعنا على:   10:54 2019-06-11

د.ابراهيم محمد المصري

لم تكن مفاجأة كبيرة وان كانت صادمة لغالبية الجمهور الفلسطيني نشر قنوات الاعلام الاسرائيلية لأخبار زيارة اسرائيليين يهود لتونس ،في ظل حكومة الشاهد الشريك الرئيسي لحركة النهضة الاسلامية بتونس.

للوهلة الاولى مع اندلاع ثورة تونس عام 2011م ، ساد لدى المواطن الفلسطيني اعتقاد عام وتفاؤل ، بأن سيطرة حركة النهضة الاسلامية التي تنتمي لحركة الاخوان المسلمين في تونس ستعزز البعد الديني والثوري الداعم لقضية فلسطين ، والنابع من موقف حركة النهضة المعلن برفض وجود اسرائيل ومعارضته لأي اتفاقيات سلمية مع الاحتلال سواء تلك المتعلقة باتفاقية السلام الموقعة بين مصر واسرائيل عام 1979 م ، أو اتفاقية كامب ديفيد مرورا باتفاقية اوسلو 1993م وانتهاء باتفاقية وادي عربة بين الأردن واسرائيل ، عندما اتهم راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الاسلامية التونسية بأن كامب ديفيد هو مشروع خيانة " رافضا الصلح مع اليهود.

وسبحان الله تغير الحال وانقلب ، فأصبح بين ثورة وضحاها مع انكسار نظام زين العابدين وبعد مرور أعوام قليلة ، داعيا ومرشدا من أجل التطبيع مع اسرائيل .

كيف تبدل الحال وتغير ، وبعد أن اعتبر الغنوشي وهو في المعارضة أن المعركة مع اسرائيل هي الأساس ، وأبدى معارضته الشديدة عام 1994 م لتطبيع الحكومة التونسية في عهد زين العابدين العلاقات مع اسرائيل أو تصفية القضية الفلسطينية ، وطالب حينها بإغلاق المكتب الاسرائيلي بتونس وقطع العلاقات الدبلوماسية معها،

وليس غريبا او بعيدا أن بدأت النظرة التقليدية لحزبه في التغيير بعد وصولهم للحكم عندما زار زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي الولايات المتحدة الامريكية بناء على دعوة وجهت اليه من معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى عندما ألقي فيه محاضرة في 30-11-2011م وصرح أنه لا عداء مطلقا مع اسرائيل ، وأنه يعتقد أن دستور تونس الجديد لن يتضمن اشارات معادية للصهيونية.

وبرغم أهمية فلسطين في الخطاب الديني لحركة النهضة ، نجدها تشددت كثيرا ضد اسرائيل وهي خارج اطار الحكم ، ولكن ما لبثت وهي في موقع السلطة والقرار ، حتى جاهرت وبدون أي اعتبار للضحايا الفلسطينيين والعرب ، ضحايا العنصرية الاسرائيلية وهل جريمة قتل ابو جهاد على يد الموساد لم تكن في عمق الاراضي التونسية ، نعم جاهرت بالتطبيع العلني مع اسرائيل تحت مسميات السياحة وتطوير الاقتصاد ومبادئ التسامح والانسانية والقانون الدولي قبل ان يتحقق للفلسطينيين دولتهم أو استرداد حقوقهم في نادرة غريبة عجيبة لا تتوافق مع شرع او قانون او مبادئ انسانية .

ان حركة النهضة والحكومة التونسية هنا فقدت كثيرا من مصداقيتها وشرعيتها على الصعيد الديني والقومي والثوري لدينا ولدى أحرار العالم ، ولأن استغلت توظيفها الديني لقضية فلسطين ، فلم تعد جرائم التطبيع تقنع هذا الفلسطيني القابع خلف الزنازين والحصار ،يؤمن بالسلام قبل تحقيق مصيره واعلان دولته المستقلة ، وهو يعي تماما أنه يفتقد بلا شك للدعم العربي والاسلامي الذي صدعوا فيه رؤوسنا ، واذا به سراب في حرقة الصيف .

كلمات دلالية

اخر الأخبار