خاص - بالصور... نجار من غزة يحول "المشاطيح" إلى تحف فنية

تابعنا على:   00:12 2019-05-31

أمد/ غزة- أحلام عفانة: من داخل منجرته في حي التفاح شرق قطاع غزة، يرتب نجار فلسطيني قطع الأخشاب فوق بعضها البعض بأحجام ومقاسات معينة كي يخرج بأشكال فنية متنوعة، ليعبر بذلك أن "الحاجة أم الاختراع".

مهنة ورثها كمال ارقيق (42 عاماً) عن والده الذي يمتلك منجرة منذ 40 عاماً، حيث بدأوا بصناعة "صناديق الخضار" إذ كانوا يستوردون حطب الأشجار ذو الجودة العالية من إسرائيل ومصر بكميات كبيرة داخل المنجرة التي كان يعمل بها ما يقرب 40 عاملاً.

الانقسام الفلسطيني كان نقطة فارقة في حياة الفلسطينيين إذ استطاع أن يقسم ظهرهم نصفين، فالمعابر أُغلقت، الكهرباء أصابها خلل كبير، وأمور الحياة ازدادت تعقيداً إلى جانب الحصار الإسرائيلي الخانق، مما أدى إلى تراجع المهنة إلى الخلف وفقدان عملية الاستيراد والتصدير من وإلى الخارج.

وقال ارقيق لـ "أمد للإعلام": "بعد تلك الظروف اضطر الوالد إلى ترك مجال النجارة، لأن الأبواب جميعها أغلقت أمامه، وبعد سنتين تبنّيت الموضوع، حاولت أستورد الأخشاب كالسابق ولكن كان الأمر في غاية الصعوبة".

حاول النجار أن يفكر مليّاً ويخرج بشيء يساعده على تخطي هذا الوضع المتردي الذي ساد البلد، وإذ به يتّجه إلى الخشب المتهالك ألا وهو "المشطاح" الذي هو خشب رديء الجودة يستخدمه التجار في نقل البضائع عليه من الخارج، أي يعتبر من الزوائد.

وأضاف: "ما دفعني لهذا النوع من الخشب نظراً لأنه متوفر في غزة بشكل كبير، وثمنه بسيط مقارنة بغيره، أي يمكنني من خلاله الوصول للناس ولقدراتهم الشرائية".

وأوضح النجار أنه بالبداية كانت الناس متخوفة نوعاً ما من هذا الخشب، كون الفكرة المنتشرة حوله بأنه هالك فور الإمساك به سوف ينكسر، لكن تدريجياً بدأت تتلاشى تلك الفكرة وبدأ الإقبال يزداد شيئاً فشيئاً.

وتابع: "تأتي المشاطيح إلى غزة بجودة رديئة جداً، ولكنني أحاول بقدر المستطاع أن أقتني أفضل الأنواع منها كي أستطيع التعامل معها، فليس من السهل التعامل مع المشطاح، نظراً لأنه يمكن أن تكون كل خشبة به ذات نوع مختلف ومن بلد متغاير".

صعوبات كثيرة استطاع لقيق أن يتغلب عليها بأقل الأضرار الممكنة، أولها التعامل مع نوعية خشب رديء، كثرة المسامير به وعند إزالتها تبقى آثارها ما يؤدي إلى مشكلة كبيرة، وأيضاً عملية الدهان نظراً لأن هذا النوع من الخشب غير مهيئ لاستقبال "البوية" بسبب شوائبه التي من الممكن أن تؤدي إلى اختلاف درجة اللون المطلوب.

وتابع: "بفصل الله تغلبت على كل هذه الصعاب، وعملت على مدار 15 عاماً وخرجت بمشغولات جميلة جداً، تحت شعار "نجعل من العدم كل شيء جميل".

أوضح لقيق أنه بعد إحضار خشب "المشطاح"، تبدأ عملية فكّه، مشيراً إلى أن عملية التفكيك ليست بسيطة، حيث يجب رشّه بالماء حتى لا يتكسر.

وأردف: "بعد ذلك نقول بتنظيفه من المسامير، ثم ندخله على نظام ماكن حتى يتم مسحه، بعدها تبدأ مرحلة المنشار لتقطيعه بمقاسات وزوايا معينة بحسب الشكل المطلوب".

واستكمل قائلاً: "بعد ذلك تأتي مرحلة الدهان، حيث أن طريقة الدهان تختلف عن الخشب المتعارف عليه، فله تعامل خاص نظراً لأن كل قطعة به بلون مختلف ونوع مختلف".

ولفت إلى أن الناس أصبحت تستغني عن الخشب الغالي الثمن، وتستعيض عنه بخشب "المشاطيح" نظراً لأنه يؤدي الغرض وبسعر أقل يقدّر بربع الثمن تقريباً، منوّها إلى أنه يستطيع إنتاج أي قطعة خشبية أو فنية يحتجاها كل بيت فلسطيني، كما أنه ينجز مشغولات تحاكي التراث.

أحبّ لقيق مهنته كثيراً، إذ يشعر بالفخر حين ينجز تحفاً ومشغولات فنية من شي متهالك لا قيمة له، وأوضح قائلاً: "قمت بتزيين هذه الشوائب وحوّلتها لشيء جميل، حاربت مع الخشب حتى أخرج بصورة جميلة".

ونظراً لأن الفانوس طقس خاص بشهر رمضان المبارك، حيث كانوا قديماً عبارة عن "تنكة" مشكّلة على هيئة فانوس يضعون فيها شمعة للإنارة، أما اليوم فقد تطور الأمر إلى أن أصبح أغلب الناس تلجأ إلى صناعته من الخشب.

عن طريق الصدفة منذ ما يقارب 5 سنوات، فكّر لقيق بصنع شي خاص لشهر رمضان، إذ بدأ بصناعة الفوانيس لكنه لم ينجح بالبداية، ظل يحاول إلى أن استطاع إنجازها بالشكل المطلوب.

بعد أن يمر الفانوس بمراحل التصنيع المتسلسلة، تبدأ عملية الدهان للهيكل الخشبي الخاص بالفانوس المكون من خمس خانات بالألوان المطلوبة، ثم نرسله إلى المطبعة كي يتم كسوته بالصور التي يطلبها الزبون على الجلد الخاص بالطباعة، ومن ثم تركيب الإنارة له.

وأوضح لقيق أنه يقوم بصناعة فوانيس صغيرة وكبيرة الحجم قد تصل إلى 3 متر، لافتاً إلى الإقبال الكبير عليه.

وختم قائلاً: "أتمنى أن أشارك بمعارض لنشر هذا الإبداع"، متحدياً دول العالم بصناعة مثل هذا الجمال من العدم.

كلمات دلالية

اخر الأخبار