الولايات المتحده وسلاح العقوبات وكبح السلوك الإيراني !

تابعنا على:   09:13 2019-05-18

د. ناجى صادق شراب

لا يمكن المقابله والمقارنه بين خيارات الولايات المتحده وخيارات الرد الإيراني لأسباب كثيرة تتعلق بحجم القوة الأمريكية ،وأن ميزان القوى في المنطقة لم يعد يعمل لصالح إيران. ومن ناحية لن يكون الرد ألأمريكى أحادى القرار بل قد تندفع دول أخرى كثيره في سياق المواجهة االعسكرية التي يحاول كل طرف تجنبها. إدارة الرئيس ترامب ذهبت لخطوات بعيده كثيرا مقارنة بالإدارات ألأمريكية السابقة كإدارة الرئيس ترامب في توظيف خيار العقوبات المالية والإقتصادية بدرجة أكثر كثافة وشده بإعتبارها أحد أهم أدوات السياسة الخارجية ألأمريكية في تنفيذ أهدافها وحماية مصالحها. ولم تقتصر هذه السياسة سياسة العقوبات على حالة واحده بل شملت العديد من الدول حتى الصديقة والمتحالفة مع الولايات المتحده. وسياسة العقوبات المالية والإقتصادية في التعامل مع إيران ليست جديده، فإدارة الرئيس أوباما لجأت لها وحققت أهدافها بتغيير السلوك الإيراني وإلزامه بتوقيع الاتفاق النووي خمسه زائد واحد والذى بموجبة خضعت ألأنشطة الإيرانية النووية للمراقبة. لكن إدارة الرئيس ترامب ذهبت خطوات بعيده في هذا الإتجاه ، وأبرز الخطوات : الانسحاب أولا من ألإتفاق النووى وفرض عقوبات مالية على العديد من المؤسسات والأشخاص الإيرانيين، وإدراج الحرس الثورى كمنظمة إرهابية علما أنه أحد أهم أجهزة الدولة الإيرانية والحامى للنظام ألإيرانى. ثم تبنى خيار تصفير الصدارات النفطية الإيرانية بإنهاء الإعفاء الذى كان ممنوحا لثمانية دول ، وهو ما يعنى خسارة إيران لعشرات المليارات من الدولارات ، في الوقت الذى ترتفع فيه نسب البطالة ، والفقر ، وتراجع قدرة النظام الإيراني على الإستجابة للمطالب الحياتية للمواطنيين الإيرانيين مما قد يخلق فجوة بين قدرة النظام والإستجابة تكون دافع لتجدد الإنتفاضات ضد النظام ، وأخيرا لجأت إدراة الرئيس ترامب للتلويح الجدى بالخيار العسكرى بإرسالة حاملات طائراتها للمنطقة أبراهام لنكولن ردا على التقارير الإستخباراتية بأن لدى إيران نوايا حقيقية بإستهداف المصالح ألأمريكية وشن حملة من الإغتيالاات ةوالهجمات ضد الدبلوماسيين ألأمريكيين والسفن ألأمريكية ، خصوصا ان التواجد ألأمريكى في المنطقة قد يسمح لإيران بذلك، فهناك أكثر من 5500 جنديا أمريكيا في العراق وأكثر من ثلاثين قاعده عسكريه ، بخلاف قواعدها في اكثر من دولة من دول المنطقة، وتواجد حوالى 2000 جنديا في شمال شرق سوريا، وكلها اهداف من السهل على القوات الإيرانية او بواسطة وكلائها كحزب الله من إستهدافها.الولايات المتحده وعلى لسان وزير خارجيتها وضعت 12 مطلبا أو شرطا تتعلق بالحد من القدرات النووية والصواريخ الباليستيه، ووقف اى تهديد لمصالح أمريكا ودول المنطقة ، ووقف أي دعم لجماعات وتنظيمات تعتبرها أمريكا إرهابية كحزب الله وحماس والجهاد والحوثيين، ووقف اى أنشطة إرهابية في الخارج. والإفراج عن المواطنيين المعتقلين من الولايات المتحده والدول الحليفه، وإنسحاب قواتها من سوريا، وإنهاء أنشطة فيلق القدس الخارجية. وذهبت هذه التصريحات إلى لغة أبعد شدة وقوة بتصريح جون بولتون بان قيام إيران باى هجوم ضد مصالح الولايات المتحده أو مصالح حلفائها سيقابل بقوة لا تلين. وأن نشر حاملة الطائرات ألأمريكية رسالة واضحه لقادة إيران بكبح جماح تهديداتهم.

والسؤال هنا ما هي اهداف الولايات ؟ وهل قابلة للتحقيق؟ في مقالة لجون بولتون في مارس 2015 على الولايات المتحده القيام بتغيير النظام في إيران، والحؤول دون حصولها على سلاح نووي وتحولها لقوة نووية ،لأن هذا يعنى الإعتراف بقوة إيران والإعتراف بمصالحها ونفوذها وتقاسمها مع الولايات المتحده وهذا لا شك سيأتى على حساب العلاقات التحالفية لأمريكا مع دول المنطقة كالسعودية وألإمارات. ويضيف في مقالة أخرى في ذا نيويوركر أنه تواقا لإستخدام القوة ضد إيران.هذا هو الهدف الإستراتيجى والغير معلن للولايات المتحده إدراكا منها صعوبة تحقيقه في النموذج ألإيرانى والتي تستثمر الكثير في مؤسسته الأمنية لضرب أي معارضه متوقعه.والهدف الثانى من هذه العقوبات والضغط العسكرى المتزايد قبول إيران بحيار التفاوض الواسع والإستجابة للمطالب التى حددها وزير الخارجية الأمريكية.وهدف تغيير السلوك السياسى الإيراني والتكيف والإستجابة لما تريده الولايات المتحده، والإعتقاد السائد ان هذا الهدف ممكن تحقيقه لأن إيران لن تقوى في المدى الطويل على مواجهة هذه العقوبات.وما يحد من اتلوقعات وفعالية الخيارات الأمريكية ما يراه بعض المحللين ان الرئيس ترامب لا يميل لإستخدام القوة العسكرية لتداعياتها الكبيرة ونتائجها الغير متوقعه،وقد تكلفه ثمن الرئاسة خصوصا انه على أبواب السنة الأخيرة للتنافس على الرئاسة. وقد يلجأ للبديل لذلك بقيام إسرائيل بالخيار العسكرى . وهناك من يرى عدم جدية العقوبات المالية والإقتصادية لأنها أحادية القرار، وتحتاج لدعم من العديد من الدول وهذا غير متوفر كما الصين وروسيا ألأقرب للعلاقات مع إيران ،وتوقف هذه العقوبات على قوة الدولار كأسس لكل التعاملات المالية العالمية ومحاولة الكثير لإيجاد بديل له، مع ذلك ستبقى العقوبات المالية ألأكثر تأثيرا وفعالية ، لما تملكه الولايات المتحده من نفوذ وسيطره على المؤسسات المالية الدولية ، وخشية الكثير من الدول على مصالحها، ناهيك ان هذه العقوبات ستنعكس سلبا على حجم الإستثمارات في إيران والتي تراجعت بنسب كبيره. ولذا يعتقد ان هذه العقوبات ستقود لتغيير السلوك إلإيرانى ، ودفعه للتفاوض من جديد. ويبقى السؤال ما هي الخيارات الإيرانية مقابل الخيارات ألأمريكية.

اخر الأخبار