أزمة المشروع الوطني الفلسطيني... و مخارج الحلول

تابعنا على:   09:16 2019-05-11

د.باسم عثمان

لا شك بان الوحدة الوطنية الفلسطينية و التي تتجدد تجسيداتها في الاشراف والمتابعة الميدانية لهيئات و جمهور مسيرات العودة وفي وحدة المرجعية الوطنية لفصائل المقاومة الفلسطينية في تصديها للعدوان الاسرائيلي الاخير على غزة يمثلان نموذجا وطنيا يحتذى به و مثالا ميدانيا لا بد من تعميمه على الكل الفلسطيني و بجميع هيئاته و مؤسساته.

 والحقيقة تقول بان الخلل الاساسي في الحركة الوطنية الفلسطينية في مرحلة التحرر الوطني, هو في الانقلاب السياسي الذي قامت به السلطة الرسمية الفلسطينية على البرنامج الوطني الائتلافي لمنظمة التحرير لصالح برنامج اوسلو و التزاماته, ومنذ ذلك الوقت و الاوضاع تتفاقم في الحالة الفلسطينية و الكوارث تلحق بالقضية الوطنية و حقوق الشعب الفلسطيني.

تحت وطأة اوسلو و في ظل تداعياته نشهد تسارعا في تدهور اوضاع النظام السيا سي الفلسطيني من نظام رئاسي برلماني الى نظام رئاسي سلطوي و الذي  قطع شوطا طويلا على طريق استكمال تحويل (هيئات و مؤسسات) م.ت.ف من نظام برلماني الى نظام رئاسي يدار بمراسيم مفصلة على مزاج "المطبخ السياسي" للسلطة و من يمثل اجتماعيا و سياسيا.

ان خطورة هذا التحول في اوضاع منظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية والذي تقوده السياسة الرسمية يتمثل في انهاء المنظمة كرافعة وطنية ائتلافية تمثيليا و سياسيا الى "سلطة خدمية" أو الى "سلطة بلا سلطة".

ان الحل هو في العودة عن مسار اوسلو و كل مترتباته و التزاماته و الياته لصالح البرنامج الوطني و التزاماته البديلة في هذه المرحلة, وهو ما يمثل الملاذ الوحيد و الخلاص الوطني لازمات المشروع الوطني الفلسطيني, ينطلق في تكريس منظمة التحرير الائتلافية و التوافقية و تجديد شرعية مؤسساتها البرلمانية و بالتمثيل النسبي الكامل و بالديمقراطية التوافقية يمثل متطلب اساس وأولوية وطنية تضع اليات اعادة بناء و تطوير هيئات و مؤسسات م.ت.ف و توسيع طابعها التمثيلي الوطني و الديمقراطي و الاجتماعي و ليس اعادة فك و تركيب ما تبقى من مؤسساتها و اطرها على مقاس سلطوي انفرادي يخدم مصالح فئوية سياسية سلطوية.

ان الخلل في الحالة الفلسطينية الراهنة يتمثل في غياب المؤسسة الوطنية الجامعة و الديمقراطية التوافقية الائتلافية و تعطيل مؤسساتها الوطنية,  لذلك فان النضال المستمر لإصلاح المؤسسة الوطنية من داخلها و اخراجها من مازقها السياسي سيظل اولوية وطنية قصوى الى ان تنطوي صفحة الرهانات الفاشلة على استراتيجية مسار اوسلو و انهاء الانقسام و تداعياته الكارثية لصالح استراتيجية  المقاومة و الياتها في الميدان و في المحافل الدولية.

ان احتواء الانعكاسات الخطيرة لتطبيقات صفقة القرن يتطلب بالضرورة العمل على إنهاء الانقسام الداخلي (الجغرافي والإداري والمؤسساتي والسياسي) من خلال التطبيق الميداني لقرارات المجلس الوطني الفلسطيني, واستعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني وهو متطلب أساسي في المواجهة مع صفقة القرن والعمل على احباطها.

هذا الانقسام الذي تعيشه الحالة السياسية الفلسطينية الرسمية كرس نظاما سياسيا فرديا بصلاحيات مطلقة يدار فيه الحكم بمراسيم لا تخضع للرقابة او المساءلة أو المراجعة، ما يتطلب دعوة هيئة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، للتوافق على إجراءات إنهاء الانقسام, والدعوة لانتخابات شاملة تتجدد فيها كل الشرعيات الفلسطينية  لكل الهيئات والمؤسسات القيادية الفلسطينية  في منظمة التحرير الفلسطينية وبما يعزز من موقعها السياسي والتمثيلي.  

إن مواجهة صفقة القرن كإطار للتسوية السياسية و ليست كاطار للتسوية القانونية لأنها تغرد خارج السرب القانوني للقرارات الدولية - وظيفتها تصفية القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية - تتطلب التوافق على استراتيجية وطنية شاملة تستند إلى حالة وطنية فلسطينية متماسكة وآليات ميدانية فعالة, لتصويب العلاقات الائتلافية داخل م.ت.ف ومؤسساتها ، وإعادة بناء هذه العلاقات على قاعدة الديمقراطية التوافقية والشراكة السياسية. 

وعلى القيادة الرسمية الفلسطينية  مغادرة السياسة الإنتظارية وسياسة المماطلة والتسويف وتعطيل قرارات الاجماع الوطني والشروع دون تردد بخطوات فك الارتباط مع سلطات الاحتلال و التحرر من قيود اتفاق أوسلو, ردا فلسطينيا متناسبا مع جرائم الاحتلال الاستيطانية والتهويدية للأراضي الفلسطينية, و الصفقات الامريكية المشبوهة, وهذا لن يكون الا بتنفيذ قرارات المجلس الوطني الفلسطيني و تحديد العلاقة مع "اسرائيل", باعتبارها دولة معادية تحتل اراضي دولة فلسطين الى جانب استنهاض المقاومة الشعبية بجميع أشكالها ، وتطويرها لانتفاضة شاملة ، على طريق التحول إلى عصيان وطني شامل, يدفع المجتمع الدولي الى التدخل لإلزام دولة الاحتلال الاسرائيلي على احترام قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية. 

نحن أحوج ما نكون الى استراتيجية وطنية لمواجهة خطر الاستيطان الاسرائيلي, الذي بات يشكل تهديدا وجوديا للشعب الفلسطيني كجزء من سياسة الاشتباك مع صفقة القرن الامريكية, والدخول في حوار وطني شامل لطي صفحة الانقسام ومتطلبات فك الارتباط بدولة "الاحتلال الاسرائيلي ومتطلبات تدويل الحقوق والقضية الوطنية الفلسطينية وخوض معاركها في المحافل الدولية.

اخر الأخبار