السكوت ليس موقفاً

تابعنا على:   22:54 2019-05-03

حنفي ابو سعدة

حنفي ابو سعدة

إحدى أكثر العبارات التي ينبغي التأمل فيها هي قول أحد الحكماء بأن المشكلة بحد ذاتها ليست مشكلة , المشكلة الحقيقة هي موقفك أنت من المشكلة .
التواطؤ جريمة وعار .

وفي قراءة سريعة لتفاصيل ما نعيشه فإن المشكلة الحقيقة ليست في إجراءات الرئيس وحكومته , أو بالأحرى حكورته , بل المشكلة تكمن في موقف الكثيرين الذين إعتادوا التكيف مع كل أزمة تخلقها سياسات الرئيس , وكلما تكيفوا مع أزمة وجدوا انفسهم في أزمة أكبر يتكيفون معها , ويتهيئون لما بعدها ،ازمة بدأت بخلل فني ووصلت الى شلل وطني أصابت كل بيت في غزة بالظلم والقهر والفقر .

الرئيس وحكورته مارسوا الكذب حينما قالوا عن إجراءات الخصم انها مجرد خلل فني ؟؟؟,,
ومارسوا التخبط وسوء الإدارة حينما طالبوا الموظفين بالإستنكاف والموت مقبورين في بيوتهم ،وإعدام كل الخبرة التراكمية المكتسبة لديهم المدعمة بالتحصيل العلمي والمعرفي ،

ثم انكروا قولهم وقراهم الجائر لتبرير اجراءاتهم المالية والإجرامية بحق غزة وموظفيها ومرضاها وعمالها وشبابها ومستقبل اجيالها ،ومارسوا التهميش حينما اتخذوا كل إجراءاتهم دوت تصريح او موقف أو حتى توضيح بينما عقدت مؤتمرات صحفية لتوضيح الموقف لموظفي الضفة حينما اضطروا للخصم من رواتبهم .وكان غزة وموظفيها واهلها مواطنين من درجة ثانية أو ثالثة ،و مارسوا الاذلال حينما نشروا كشوفات التقاعد على صفحات الانترنت ،
و العنصرية بالتمييز بين الموظفين في الضفة وغزة
واللاآدمية حينما اصروا على اجرائاتهم من خصم وفصل ونحن على اعتاب شهر رمضان المبارك والعيد.
ونحن هنا امام خلاصتين لا ثالث لهما :-
الأولى / ان إدارة السلطة تتخبط ولا تعرف كيف تتصرف بمسؤولية وطنية تجاه الشعب . إدارة تجهل مقتضيات العمل الانساني والقانوني والمؤسساتي .
الثانية / ان إدارة السلطة وحكورة الرئيس تعرف جيدا ماذا تفعل و تعمل وفق خطة ممنهجة وهي بالتالي غير مؤتمنة على إدارة فتح والمنظمة والسلطة .
الخلاصة الاكيدة بكل الأحوال / ان الرئيس وحكورته اصابت المواطن ووعيه وإيمانه بقضيته الوطنية بمقتل – حين كفر المواطن بالوطن وبالوطنية- , وهو يرى عملية افقار وتجويع واذلال ممنهجة يتعرض لها , ويرى اعمار الشباب تذوب في رحى العبث والفراغ , ويرى الرئيس ووزرائه وحاشيته وزبانية الحكورة يعيشون وسط هذا الرغد وهذه الأرباح المهولة لقطاع البنوك على حساب قوت الأطفال .
المشكلة الحقيقة هي في موقف العجز الذي سيطر على سلوك البعض , وتجاوزا مرحلة العجز حين وصلوا بكل اشفاق عليهم الى مرحلة مهاجمة التيار الإصلاحي الذي غادر مربع العجز والشكوى الى مربع العمل ورسم خطط الإنقاذ المجتمعي والوطني , ومواجهة براثن و برامج الاذلال والتجويع والفصل السياسي والمؤسساتي والجغرافي الذي تمارسه إدارة السلطة بحق غزة .
المشكلة الحقيقة هي أن البعض لا زال يصم آذانه ويغمض عينيه ، ويغيب ضميره وإنتماءه الوطني ، عن رؤية ما كان يحذر منه قادة التيار الإصلاحي منذ سنوات ، وها هي توقعاتهم وتخوفاتهم تحرق بلا رحمة كل مقومات صمود المواطن وتسحق أدنى متطلبات حياته الكريمة في خطوة حتى الاحتلال لم يقم بها في أوج غطرسته واحتلاله لشعبنا .
ليست فتح وحدها من يختطفها فريق الرئاسة ، بل يختطف معه قضيتنا الى المجهول والتصفية عبر جهل سياسي على أحسن تقدير ، و يختطف معه فتح ومستقبل أبنائها واحيانا الشابة و التي ماتت على شواطئ أوروبا ، يختطف بكل جهل وعبث مقدرات صمودنا وادني درجات حياتنا . ويبدوا أن المستقبل القريب أشد سوادا وجوعا وظلما ، وان في جعبة فريق الرئاسة الكثير ضد غزة ورموزها وتاريخها وفتحها .
نقطة أخيرة / غزة تطحن من يتجرأ عليها , تاريخيا كانت ولا زالت عصية على الجوع والظلم , غزة ليست مقبرة للغزاة فحسب وهي لم ولن تكون لقمة سائغة يجرها البعض او يبتلعها , غزة تداوي جراح كفها وتنهض , و أول نهوضها هو تيارها الإصلاحي وقيادته وجماهيره الوفية ،هذا ليست شعارا ولا كلاما انشائيا , بل هي دروس التاريخ لمن يقرأ . لمن يفهم يا سادة , لمن يقرأ ما في عيون شبابها من قهر وغضب والم .

اخر الأخبار