رحيل طارق مصاروة

تابعنا على:   10:32 2019-04-22

حمادة فراعنة

ليس بالضرورة أن تتفق معه حتى تحبه، وليس بالضرورة أن تجاريه حتى تتصادق معه، فهو المهذب دائماً، المتدفق رغبة وفرحاً وإيماناً بما يرى أنه حق وصحيح.
إنه الفلسطيني بوعي، العربي بعمق، الأردني بعشق، والمسيحي الشهيد المصلوب على جدران التضحية والتفاني للوطن والحب، والاندفاع حتى الاندماج، إنه طارق مصاروة.
ما إن قالت له زوجته قبل أقل من أسبوع، في آخر زيارتي له وخاطبته: «حبيبك حمادة، جابلك العسل الذي تحبه» حتى فتح عينيه، وحرك شفتيه كأنه يريد أن يقول شيئاً ولم يتمكن. 
صديقي طارق مصاروة رحل، كما كنا نتوقع، بين لحظة الحزن والأخرى، عطفاً عليه وعلى زوجته بعد أن وقع أسيراً للمرض، وكان يصمد ويتحدى، ونلتصق به وبالأمل، لعله يعود، وتعطلت عنده ولديه بعض الأجهزة، كان يتوجع وتتوجع معه زوجته المتفانية، ربما أكثر منه، كان يتألم وهو صامت، حتى رحل مسكوناً بالطمأنينة وراحة الضمير، ونقاء السريرة، والعطاء الذي لم يتوقف حتى الرحيل. 
إنه من الكبار، وقد يكون آخرهم بعد أن ودعهم: جمعة حماد، عبدالرحيم عمر، إبراهيم سكجها، محمود الشريف، محمود الكايد، فهد الفانك، وربما آخرين، رحلوا وكان آخرهم من صناع الكلام والموقف، والانحياز إلى الوطن، رفاق الدرب والحرف والحبر، الكبار الذين رفعوا قيمة البلد، فرفعهم، وأدوا الأمانة، فأكرمهم، إنه الزمن الجميل الذي عاشوه، واندمجوا فيه، وأبدعوا وتفانوا وكسبوا. 
رافقته في العديد من اللقاءات والزيارات، التقينا معاً مع الحسين وأبو عمار وصدام حسين، وعمر البشير، فكان الصحفي الذي لا يفقد البوصلة، والسؤال الذي ينتظر الجواب، والرغبة في الاستزادة لتقديم الرؤية والخلاصة، لمتابعيه وعشاق رشاقة قلمه، واختصار محتوياته، وعمق مفرداته، ورسائله الواضحة بلا خلل، ولا وجل، وبلا تردد، معبرة عن وطنيته الأردنية، وقوميته العربية، وفلسطينية تطلعاته، وإنسانية قيمه.
سنفتقد طارق مصاروة، كما افتقدنا من سبقوه من الكبار، وسنرحل من بعده كما رحل، ونحسده على عشاقه، ونتطلع لأن نكون بمستواه، صحفياً وكاتباً وإنساناً. 
التقدير العالي لزوجته نبيلة التي ما انقطعت لحظة عن تقديم الدفء لشريكها وزوجها، وهي حقاً تستحق الكثير من الاحترام والتقدير، لما فعلت من وفاء وهي إلى جانبه حتى لحظة رحيله، مسكونة بالنُبل الذي تحمله .
[email protected]

كلمات دلالية

اخر الأخبار