"شبكة الأمان سياسي" قبل "الأمان المالي" يا هؤلاء!

تابعنا على:   09:16 2019-04-21

كتب حسن عصفور/ منذ قرار سلطة الحكم المحدود اللامسؤول، بعدم استلام أموال المقاصة (الحق الفلسطيني)، منقوصة بسبب قرصنة سلطات الاحتلال لمبلغ يوازي ما يدفع لأسر الشهداء وأسرى الحرية، دخل "النقاش الوطني العام" في مسار مضاف لما يحمل من قضايا جدلية.

ومراقبة للحديث الرسمي لإعلام السلطة، نلمس أن المسألة المالية أصبحت الأكثر حضورا وبأشكال متعددة، ولن يمر قولا لأي من مسؤولي سلطة الحكم المحدود دون أن يتم ربطه بالمسالة المالية، وتلك ليست مصادفة، بل تشير الى عمق التفكير الذي يبحثون حلا له.

الحديث عن ضرورة توفير "شبكة أمان مالي" لمواجهة الموقف الإسرائيلي تمثل الورقة التوضيحية للجوهري الذي تفكر به "قيادة السلطة"، رغم انها أزمة كان لها ألا تكون لو تصرفت فعلا بمسؤولية، بعيدا عن الهروب من الحقيقة التي عليها التعامل معها.

أن يصبح المطلب المركزي لقيادة سلطة رام الله من "الرسمية العربية" الشبكة المالية فنحن أمام منعطف خطير، ونقل جوهر الصراع الراهن من العمق السياسي ومواجهة المشروع التهويدي والخطة الأمريكية المكملة له، الى البعد المالي تعبير عن "أزمة عميقة" في تحديد الأولويات الوطنية.

لا يليق بالشعب الفلسطيني، ان تتحدث "قيادته الرسمية" أمام لقاء عربي وفي أجواء من "التناحر السياسي الداخلي" بدت تتجاوز كثيرا البعد الانقسامي، من طرفي النكبة، في غير الجوهري الذي أصبح خطرا حقيقيا على المشروع الوطني بكامل أركانه.

كان من المفترض عقد لقاءات فلسطينية متعددة وبلا حسابات صغيرة، تضع تصورا موحدا للمرحلة القادمة، ومنها ماذا نريد في المسالة السياسية، وكيف لنا أن نعيد صياغة أدوات العمل الوطنية – العربية وتشكيل "غرفة عمل مشتركة" لوضع رؤية موحدة متفق عليها، حول "صفقة ترامب" والسياسية الإسرائيلية.

أن يتحدث رئيس سلطة الحكم المحدود، محمود عباس أمام اللقاء الرسمي العربي، دون موقف موحد فتلك نقيصة لن تمر مرورا عابرا، الى جانب أن الرسمية الفلسطينية لا تملك رؤية حقيقية لما تريد لاحقا، ولا زالت تعيش في تيه ملموس، بين ما قررت أطرها حول فك الارتباط كليا بدولة الاحتلال، والذهاب نحو المسار الاستقلالي دون حسابات "ضيقة"، وبين ممارستها الرافضة لتنفيذ أي خطوة عملية يمكن أن تكون مؤشرا عمليا على بداية "فك الارتباط" بدولة الكيان.

الهروب من صياغة رؤية سياسية محددة وعدم البحث عن "شبكة أمان سياسي" لها، مستبدلتها بأولية جديدة لها "شبكة امان مالي"، ليس عملا مصادفة، بل تكريس للمسار الذي اختاره الرئيس محمود عباس، "الاشتباك اللفظي" مع الخطة الأمريكية دون ان يتقدم بخطوة عملية واحدة، فيما يحاول جاهدا ألا يمس العلاقة مع إسرائيل، مختبئا وراء عموميات الكلام.

وضع "الشبكة المالية" أولوية على "الشبكة السياسية" هي تجاوب بشكل ما مع بعض عناصر "صفقة ترامب الإقليمية"، التي تعتمد في بعض جوانبها على البعد المالي لتنفيذ بعض مكوناتها، وأصبح الترويج لهذا الجانب في الخطة الأمريكية أبرز ما يتم تداوله، ولذا فالحديث عن "الشبكة المالية" لن يكون بعيدا عن ذلك، مهما حاول البعض تبريريا ساذجا.

افتعال ازمة مالية ثم الذهاب الى الرسمية العربية للمساعدة في حلها، ليس سوى فعل استجدائي له ثمن سياسي معلوم، فيما المطلوب وضع الرسمية العربية أمام امتحان بتقديم موقف سياسي كامل عما نريد فعلا، وليس جعجعة لغوية، فمن لا يتقدم برؤية سياسية شاملة محددة، ويكتفي بالصراخ حول أزمة مالية سيكون ثمنه مقابل طلبه، وبالقطع لن يكون هو مطلب الشعب الفلسطيني.

كان الأجدى في ظل كل ما يقال عن علاقات عربية تتسع أبوابها، مع إسرائيل بعلم من سلطة رام الله ومساعدتها، أن تكون الورقة السياسية الفلسطينية المحددة نصا وزمنا، وآلية تنفيذها هي القاعدة، بحيث يدرك الجميع ان القرار الرسمي بدا فعلا في الانتقال من "التبعية الى الاستقلال"، وتلك معركة تفرض جدارا عربيا مشاركا وليس مساندا.

وعناصر الرؤية معلومة جدا تحتاج الى إعادة طباعتها وتوزيعها رسميا لا أكثر.

دون ذلك ومع واقع المشهد الفلسطيني الداخلي، الأكثر سوادا منذ سنوات، سيكون حصادكم حصرما!

ملاحظة: "الجعجعاني" يهدد إسرائيل لو قامت بتنفيذ ضم الضفة كما تعلن، فتلك هي نهاية "التنسيق الأمني" وانهيار السلطة...يااااااااه شو هالعبقرية اللي فاقت عبقرية فيثاغورس...وبيقلك هاي الفرقة بدها تسقط صفقة ترامب!

تنويه خاص: مؤشرات السودان بعد خلع البشير وتحالفه الأمني الإسلاموي، تسير في الصواب السياسي لفجر جديد بعيدا عن ظلامية دامت طويلا...نهاية عهد وبداية عهد...!

اخر الأخبار