أشتية.. ونتنياهو الخامس!

تابعنا على:   10:40 2019-04-18

عوني صادق

انتهت انتخابات الكنيست الحادية والعشرين إلى نتائج عامة أكدت فوز بنيامين نتنياهو وائتلافه اليميني على نحو عزز موقعه الحزبي ومكانته الشخصية في آن معاً، حيث حصل الليكود على 36 مقعداً، وكان له 30 مقعداً في الكنيست العشرين، وحصل ائتلافه على 65 مقعداً، وكان له 61 مقعداً، وأصبحت له قاعدة انتخابية ثابتة تجعل ولايته الخامسة أكثر استقراراً.
وبمعنى آخر، يمكن القول إن «نتنياهو الخامس» أصبح أقوى من «نتنياهو الرابع»، على الرغم من بقائه ملاحَقاً من القضاء بتهم الفساد!
وتزامناً مع ظهور تلك النتائج «إسرائيلياً»، أدت حكومة الدكتور محمد أشتية اليمين أمام الرئيس محمود عباس، في ظروف اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة «الإسرائيلية» على القدس والجولان، وتطلع نتنياهو إلى فرضها على الضفة الغربية، وذلك يرمي في وجه الحكومة الفلسطينية الجديدة تحديات «جديدة» أصعب مما سبق، مع أنها ليست جديدة تماماً. وحتى الآن، لم يشكل نتنياهو حكومته لكنه سيشكلها من دون لا شك، والسؤال المطروح على حكومة أشتية هو: كيف ستواجه هذه الحكومة «نتنياهو الخامس» وحكومته الجديدة؟
بداية يجب عدم الاستغراق في الوهم وتصديق أن للفلسطينيين حكومة ذات صلاحيات. فالحكومة ذات الصلاحيات تأتي من «دولة حقيقية ذات سيادة» وهذه لم توجد للفلسطينيين بعد، والموجود طالما أن (اتفاق أوسلو) معمول به، «إدارة ذاتية» وهي ما نص عليه «الاتفاق» الذي لم ينفذ بنده الخاص بقيام الدولة التي كان مفترضاً أن تقوم في العام 1999. هذه «الإدارة الذاتية» لا تستطيع أن تقرر أو تنفذ أي قرار يتناقض مع المصالح «الإسرائيلية»، أو يمكن أن يهدد تلك المصالح، والتمسك ب«التنسيق الأمني» يكفي اعترافاً بذلك. مع ذلك، من المفيد إلقاء نظرة على برنامج حكومة أشتية، لتقدير الجواب على السؤال المطروح.
ففي تصريح له بعد التكليف، تحدث أشتية عن «استراتيجية» حكومته، وقال: «استراتيجية حكومتي ستقوم على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني والدفاع عن أراضيه وموارده، والتصدي للتوسع الاستعماري الاستيطاني»، مشيراً إلى أن عدد المستوطنات والقواعد العسكرية «الإسرائيلية» في نهاية العام 2017 في الضفة الغربية وصل إلى 435 موقعاً، منها 150 مستوطنة و116 بؤرة استيطانية! وأضاف قائلاً: «إسرائيل» تقوم بشكل مكثف وممنهج بتهويد مدينة القدس، وقامت مؤخراً بإصدار أوامر بترحيل 12 تجمعاً بدوياً شرقي القدس، وترخيص آلاف الوحدات الاستيطانية الحديدة»!
وقال أشتية في تصريح ثانٍ، إن حكومته «لن تكون حكومة «برستيج» والوزراء سينزلون للشوارع لتحسس هموم الناس»، وإن حكومته «ستمثل الكل الفلسطيني»! وفي تصريح ثالث، قال إن مهمة حكومته استعادة الوحدة الفلسطينية! وباستعراضه الخطوط العريضة لبرنامج حكومته أثناء أداء اليمين، أعاد تأكيد أن هذه الخطوط «متمثلة في تحقيق الوحدة الوطنية، والتحضير للانتخابات التشريعية، ودعم عائلات الشهداء والأسرى والجرحى، وتعزيز صمود المواطن على أرضه، والدفاع عن القدس، والنهوض بالاقتصاد الوطني».
يذكر أن نتنياهو سبقه بالقول (7 4 2019) في تصريح للقناة التلفزيونية ال12، إنه بعد الاعتراف الأمريكي بالسيادة «الإسرائيلية» على مرتفعات الجولان، تجري مناقشات أيضاً حول ضم الضفة الغربية. وأوضح: «أنا لن أقسم القدس، ولن أقتلع أي مستوطنة أو مستوطن، وسأهتم بأن نسيطر على منطقة غربي نهر الأردن، وسأفرض السيادة «الإسرائيلية» على يهودا والسامرة»، وكرر مضمون هذا التصريح بعد ذلك في تصريحين آخرين.
لن أسأل الآن الدكتور أشتية كيف ستستعيد حكومته الوحدة الوطنية، ولا كيف ستنهض بالاقتصاد الوطني، ولا عن أي شيء من هذا القبيل، ولكنني أسأله كيف ستعزز «صمود المواطن الفلسطيني في أرضه» وكيف ستدافع عن أراضيه وموارده، وكيف ستدافع عن القدس والضفة الغربية وتمنع ضم الأخيرة؟! إن برنامج حكومة أشتية يحتاج إلى جيش كبير لتحقق بعضه وليس كله، و«اتفاق أوسلو» لن يسمح له إلا بقوات للأمن لتنسق أمنياً مع الأجهزة الأمنية «الإسرائيلية» لملاحقة المقاتلين وتوفير الأمن للمستوطنات والمستوطنين! فهل كان الدكتور أشتية جاداً وهو يعلن «برنامج» حكومته؟

*عن الخليج الإماراتية

اخر الأخبار