
مطالبُ العام الأول لمسيرات العودة

محمد خالد دبابش
عام كامل على انطلاق مسيرات العودة على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة، والتي شهد انطلاقها يوم الأرض وذكراه في العام المنصرم، مما يوثق التاريخ لنا فيها مرحلة جديدة من الصراع والتغير على ساحة القتال الفلسطينية الإسرائيلية، فليس من شكٍّ في أن الشعبَ الغزي هو من تصدَّر هذه المسيرات، وأخذها على عاتقه رهانًا كما نادت المسيرات على العودة وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، بصمود وثبات وعزيمة وإصرار الشعب الغاضب فيها، وقد اعتلت ثلة من قادة بعض الفصائل الفلسطينية القمة في هذه المسيرات، مطلقة على نفسها مسمى الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، لتكون هي المحرك والقائد لها، الأمر الذي شَكَّلَ للمسيرات بُعدًا وطنيًا وعالميًا فيما بعد، مما أعطى للسياسيين الفرصة باستغلالها كمحطة وطنية وحدوية إلى حد ما، وهنا نقف وقفة جادة معها لطرح العديد من الأسئلة التي ما فتئ الشارع الفلسطيني والغزي خاصة من طرحها، ما هي النتائج التي حققتها، وإلى متى ستستمر هذه المسيرات، وهل ما زالت الهيئة ترى أنها بنك أهداف وطني بامتياز وكنز ثمين للقضية الفلسطينية، وهل سيشهد التاريخ بأنها غيرت مجراه، كل ذلك وأكثر يدور في الأذهان حيالها، فضلاً عن الوعي والإدراك والثقافة التي حققتها في صفوف العامة، في الوقت الذي جعلتهم يؤمنون بقداسة هذه الأرض وأن عليها ما يستحق الحياة، لقد كانت المسيرات منذ الثلاثين من مارس/ آذار في العام الماضي ( يوم الأرض ) في تصاعدٍ مستمرٍ ومحتدمٍ مع الاحتلال الإسرائيلي بأشكال المقاومة السلمية الشعبية التي تشهدها ما بين اشعال للإطارات المطاطية الكوشوك واطلاق للطائرات الورقية والبالونات الحارقة وصولاً إلى الإرباك الليلي، الأمر الذي كشف وفضح همجية وطغيان وجبروت الاحتلال ضد الشعب الأعزل، حين واجه جموع المتظاهرين بالقتل وسفك الدماء واستباحة الأعراض، الذي إن أردنا أن نصنفه فإننا نعتبره انجاز من انجازات المسيرات بإعادة رسم الصورة الحقيقة للاحتلال الإسرائيلي أمام العالم بإرهابه وتعديه للحدود، في تطاوله ليس على المواطن فحسب بل تجاوز الحد أن قتل الصحفي والمسعف اللذين يتمتعان بحصانة دولية، وعلى هذا فقد جاءت الضرورة الملحة في يقظة الضمير العالمي والعربي خاصة تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته، في ظل حلقات متتاليات من مسلسل التطبيع مع الاحتلال، وتلبيةً لمتطلباتِ أن الخيانة شرٌّ، لا بد من الوقوف عند بعض مظاهر المسؤولية تجاه فلسطين، ولا بد من الحفاظِ على سلامة الهوية العربية والإنسانية حفاظًا عمليًا تطبيقيًا، لا مناداةً بالتشريعات والقوانين فحسب.