
القدس ثم الجولان والصمت العربي سيد الموقف!!!

عبدالحكيم عامر ذياب
اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية على لسان رئيسها ترامب أن الجولان تتبع دولة الاحتلال الإسرائيلي كما القدس والضفة الفلسطينية ، انطلاقاً من مبدأ أن كل تلك الأراضي قد سكنتها إسرائيل منذ أكثر من خمسون عاماً !!
أعجب لأمر السياسة التي أصبحت اليوم تتشكل على أساس الأمر الواقع ، رغماً عن أنف كل العرب ، هذا الواقع الذي يرتكز على قوة البلطجة ، والسلاح ، وهدير الدبابات ، وبساطير الجنود الملوثة ، لا على أمنيات دولة احتلت أرض شعب تشرد بسببها ، ورغم ذلك سمح لها أن تتطور ، وأن تتخذ قراراتها بعد عرضها على مراكز دراسات متخصصة ، ونحن أصبحنا كظاهرة صوتية لا نتمسك إلا بتاريخ أصبحت الأجيال تنساه ، وصوتنا بدأ يخفت تدريجياً ، أمام الغطرسة الأمريكية وضعفوا حد التجرد من قوتهم ، وهيبتهم ، واصبحوا يتوسلون ود أمريكا ويطلبون رضاها بنقودهم ، مما أوصل حالنا لأن يعلن ترامب موقفه بكل وقاحة وكأنه يعلم أن لا ردة فعل عربية ، وأن له الحق في تحديد مصيرنا دون أن يكون لنا كلمة حتى ، وسمح له أن يعلن مواقف دولته بكل استخفاف ووقاحة ، بالانحياز لإسرائيل ، دون أن يكون للعرب أي وزن حتى في رسم سياسات دولهم ، وهذا ما أصبحنا نراه بوضوح في وضعنا الهش ، والمحزن ، أوصلنا إلى أن نرتعش خوفاً من رئيس أمريكي لا يعرف إلا أن على إسرائيل أن تحقق حلمها ، في استقلال دولتها الامنة ، والمستقرة ، والخالية من أي تهديد ، فتجرأ الأمريكي الجامح على تسليم أراضي العرب لليهود ، في حين أنه أيضاً يقوم بإدارة حملة نتنياهو الانتخابية ، وهذا كله ليس صدفة فقد أعلن سابقا الرئيس ترامب أنه سيعمل على إنجاح صندوق نتنياهو في الانتخابات ، ورفع أسهمه مقابل منافسيه ، وذلك لأن من يتبناه هو وترامب أيضاً هو الملياردير الأمريكي اليهودي شلدون أدلسون .
وأصبح العرب بلا قيمة تذكر ، ولا هيبة على المستوى الدولي ، فقد تجسدت قوتهم في بطشهم لشعوبهم ، وازدياد حالة الضرب والسحل والسجن ، وذلك يعكس ضعفهم ، وارتكازهم على قشة وهم ، في أي لحظة ممكن سقوطهم ، لأنهم لا يرتكزون على نظام ديموقراطي ، وسياسي واضح ، وقانون يحكم الشعب بإنصاف ، بل استعانوا بمبدأ الاستقواء ، ليعرضوا فيما بعد انفسهم للمساءلة والابتزاز ، ثم يضطروا للسكوت أمام شرعية العالم ، وبذلك يمكننا أن نفسر ردة فعل العرب الخجولة ، التي لا تتناسب مطلقاً مع حجم ما يحدث بحقها من أمريكا وإسرائيل ، فالجولان عربية سورية ، وما فعلته إسرائيل هو احتلال ، ولا يمكن لها أن تكون إسرائيلية ذات يوم ، وما يفعله ترامب هو تحد وقح للعرب ، كما فعل بالأمس القريب حين أعلن أن القدس عاصمة إسرائيل ، ولم يسمع صوتاً ولا استنكاراً حتى ، مما شجعه بالاستمرار لمخططه .
ومع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية ، ينتقل الجولان بقرار أمريكي للدولة الاسرائيلية ، كل ذلك كان سببه حالة التردي والانهيار العربي المخزي .
عصر ترامب يوضح لنا أن التاريخ كان على حق ، وأن هناك من القادة العرب الذين حاربتهم شعوبهم ، والعرب كلهم حين وصفوهم بالخيانة مثل السادات الذي أصر على استعادة أرض سيناء ، بأي ثمن حتى لا تسيطر عليها إسرائيل ، ولو كانت سيناء تحت الاحتلال الإسرائيلي، لتم السيطرة عليها أيضاً كما ضم الجولان ، ولم تعد بوصلتنا تحرير الأرض ، ولا وقف الاستيطان ، ولا تحرير القدس ، مما ينذر بشؤم كبير مفاده أننا لن نحقق شيء سوى خسائر فادحة من كرامتنا ، وأراضينا ، وهيبتنا التي كان يحسب لها ألف حساب ، واقناع شعوباً لم تعد تقرأ إلا الشعارات ، وتقول اللهم نفسي ، دون النظر للنتائج التي أصبحت مأساوية وسيسوء أكثر حال اقتربنا من الانتخابات الأمريكية ، لذا علينا أن نعترف أننا لا نستطيع أن نجد الحل في ظل غياب الرأي العربي ، ووحدة كلمته ، وسياساته التي فقدت وزنها ، ولونها ، وقيمتها ، وشكلها !! .