ماذا تريد "إسرائيل" للمنطقة؟

تابعنا على:   14:02 2019-03-26

صادق ناشر

سؤال يتكرر باستمرار منذ عقود، غير أن الإجابة عنه ترجمت عملياً في السنوات القليلة الماضية، بعدما بدأت «إسرائيل»، بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، بإعادة رسم خارطة المنطقة باتجاه الهيمنة المطلقة واقتطاع أراض سواء بالقوة أو بالتحايل، وهو ما تجلى مؤخراً عبر استخدام النفوذ الأمريكي لإعطاء حق لمن لا يستحق، كما حدث مع اعتراف واشنطن بسيادة «إسرائيل» على الجولان العربية المحتلة منذ عام 1967، رغم إدراكها أن من شأن ذلك أن يُدخل المنطقة في أتون حرب شاملة.
هكذا تريد «إسرائيل» والولايات المتحدة الأمريكية منطقة الشرق الأوسط، منطقة حروب شاملة وأزمات متواصلة، والهدف إبقاؤها في أتون مواجهات لا نهاية لها، وكلها أوضاع تخدم المشروع الأمريكي وأدواته، مستخدمة «إسرائيل» قفازاً لتنفيذ المهمة، حيث زودتها بما يلزم من إمكانيات التسليح ودعمتها بالمواقف السياسية في مواجهة خصومها في مختلف المحافل الدولية.
صحيح أن المعادلة اليوم تميل لصالح الولايات المتحدة و«إسرائيل»، في الحرب الدبلوماسية والتمكين على الأرض، خاصة في ظل غياب موقف عربي ودولي موحد، إلا أن من الثابت أن هذه المعادلة لن تستمر إلى ما لا نهاية، وستجد «إسرائيل» والولايات المتحدة الأمريكية نفسهما في مواجهة مباشرة مع شعوب المنطقة، التي لا شك سيكون لها موقف مغاير مما يحدث، فصحوة الشعوب لا يمكن أن تخضع لمعايير القوة العسكرية والخبث الدبلوماسي، بقدر ما تخضع لمعايير الإرادة والإيمان بعدالة القضية.
تشعل «إسرائيل» والولايات المتحدة الشرق الأوسط بالحروب وتصدران إليه الأزمات والخراب، لكنهما تتناسيان حقيقة أن الشعوب الحية هي التي تقرر مصائرها، وهو ما يمكن الإشارة إليه من خلال بقاء القضية الفلسطينية حية في نفوس أبنائها منذ سبعين عاماً، إذ لم تفلح السياسة التي تعكسها عربدة «إسرائيل» ضد أبناء الشعب الفلسطيني، في كسر إرادتهم، حيث ظلوا منحازين لخيار المقاومة المستمرة حتى اليوم.
سلسلة المواقف الأخيرة التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عززت اقتراب المنطقة من مرحلة الانفجار الشامل، فالانحياز الأعمى من قبل واشنطن ل«إسرائيل» يساهم في إبقاء جذور أزمة الشرق الأوسط مشتعلة، وهذا الانحياز ستدفع المنطقة ثمنه من أمنها واستقرارها.
لقد شكل العامان اللذان حكم فيهما ترامب الولايات المتحدة نقطة مفصلية في موقفها ونظرتها لقضية الصراع العربي «الإسرائيلي»، خاصة بعد قرار نقل سفارتها إلى القدس الذي تصادف مع الذكرى ال 70 للنكبة، وإيقاف تمويل وكالة تشغيل وغوث اللاجئين (الأونروا) وإسقاط حق عودة اللاجئين وإلغاء المستوطنات من قضايا الحل النهائي وإغلاق مكتب المنظمة الفلسطينية وطرد رئيس بعثتها من واشنطن، وتأييد قانون القومية الذي أصدرته «إسرائيل»، وغيرها من المواقف التي تشير بوضوح إلى أن الولايات المتحدة لم تعد وسيطاً للسلام، بقدر ما صارت طرفاً في المعادلة إلى جانب دولة الاحتلال.

عن الخليج الإماراتية

اخر الأخبار