المجلس مازال داعماً

تابعنا على:   17:23 2019-03-25

عمر حلمي الغول

صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته ال40 يوم الجمعة الفائت الموافق 22 آذار/ مارس 2019 على اربعة قرارات لصالح فلسطين بأغلبية 23 صوتا، ومعارضة 8 أصوات، وإمتناع 15 صوتا، وتبنى المجلس الأممي التقرير الصادر عن لجنة التحقيق الدولية في 28 شباط/ فبراير 2019 الماضي، الذي تضمن إقرارا واضحا وجليا، بأن دولة الإستعمار الإسرائيلي إرتكبت جرائم حرب ضد المتظاهرين الفلسطينيين السلمين، وأدان المجلس " النية المعلنة، وتعمد إستخدام إسرائيل القوة المميتة غير المشروعة، وغيرها من أساليب القوة المفرطة في مواجهة المحتجين المدنيين في غزة، وطالب بملاحقة مرتكبي كل الإنتهاكات بقطاع غزة للعدالة."

هذا وسجلت القيادة الفلسطينية ترحيبها بقرارات مجلس حقوق الإنسان، وإعتبرت القرارات خطوة إيجابية، وفي الإتجاه الصحيح، وتصب في تعزيز مكانة العدالة الدولية، ودعم للحقوق الوطنية الفلسطينية، وفضح وتعرية لإرهاب دولة الإستعمار الإسرائيلية المنظم. والقرارات عمليا تشكل ردا على قرارات وتوجهات وسياسات إدارة الرئيس ترامب المتماهية مع حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية المنحلة.

وكان المجلس شكل تلك اللجنة في ال18 من أيار/ مايو 2018، التي واجهت صعوبات في تنفيذ مهمتها نتاج محاولات حكومة نتنياهو منعها من تأدية مهمتها الأممية، ومع ذلك نجحت في تحقيق ما كلفت به من قبل المجلس.

لكن الملفت في الأمر، هو تراجع بعض الدول الصديقة كالهند وغيرها من التصويت لصالح القرارات الأممية. فضلا عن إنكفاء ثلاث دول أوروبية عن التصويت لصالح القرارات الأربعة، حيث إمتنعت بريطانيا عن التصويت، في حين أن كل من النمسا والدنمارك صوتت ضد، وإستبقت تلك الدول توجهاتها غير الإيجابية بتصريحات لقياداتها، فمثلا صرح وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت في رسالة خطية وجهها يوم الخميس الماضي الموافق 21 من آذار/ مارس الحالي إلى صحيفة Jewich Chronicle " أن حكومة لندن ستعارض أي مشاريع قرارات ستطرح في مجلس حقوق الإنسان بموجب البند السابع من جدول الأعمال الدائم، وهو بند يتعلق حصرا بأنشطة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، وإنتهاكات حقوق الإنسان هناك".

وأضاف هانت ان المملكة المتحدة ستصوت ضد القرارات الأربعة، لإن القرارات لا تهدف إلآ لإدانة إسرائيل، وحسب قوله، فإن التصويت لصالح القرارات "يقوض مصداقية المجلس"!

وبالمقابل أعلن وزير خارجية الدنمارك، أندرس سامويلسون على حسابه في "توتير" الخميس الماضي، إن بلاده ستصوت ضد جميع القرارات المطروحة بموجب البند السابع، مضيفا، انه من الخطأ أن تكون إسرائيل الدولة الوحيدة، التي لديها بند خاص بها في جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان.

كما ان المستشار النمساوي، سباستيان كوتس أعلن في كلمة له أمام جمعية AJC للمحامين اليهود في بروكسل، إن فيينا لن تؤيد أيضا مشاريع القرارات الأربعة، وأصفا إياها بالمنحازة سياسيا ضد إسرائيل.
والمدقق في تصريحات المسؤولين الأوروبيين الثلاثة يلحظ، انهم حرفوا بوصلة النقاش، وجانبوا الحقيقة الجلية، كونهم حادوا عن الأسباب الموضوعية، التي دفعت مجلس حقوق الإنسان الأممي إلى تخصيص بند ثابت على جدول أعماله، هو البند السابع، لمتابعة إنتهاكات دولة الإستعمار الإسرائيلية ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني الواقع تحت نير الإستعمار منذ 51 عاما خلت، وترفض تلك الدولة كل القرارات الأممية الداعية إلى الإنسحاب من أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران/ يونيو 1967، والسماح للفلسطينيين بالعيش الكريم والآمن في حدود دولتهم المستقلة، وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، ليس هذا فحسب، بل وتتمادى يوما تلو الآخر في إرتكاب جرائم الحرب بشكل متواصل ضدهم، غير عابئة بقرارات الشرعية الدولية، التي بلغت حتى الآن 722 قرارا من الجمعية العامة للأمم المتحدة، و86 قرارا من مجلس الأمن الدولي.

كان الأجدر بالقادة الأوروبيون الثلاثة ان يوجهوا إنتقاداتهم لحكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة بدل محاباتها، والتستر على جرائمها، والتساوق مع سياسة إدارة الرئيس ترامب اليمينية الشعبوية. وأن يرتقوا لمستوى دورهم الأممي في الدفاع عن حقوق الإنسان، ويطالبوا إسرائيل بالإلتزام بالقرارات الدولية دون تلكؤ ومماطلة لا العكس. وبالتالي لم يكن إدارج بند ثابت على جدول أعمال المجلس من باب المجاملة للفلسطينيين، انما لإسباب موضوعية واضحة وضوح الشمس، ابرزها الإنتهاكات الإسرائيلية الخطيرة والمتواصلة ضدهم.
ورغم ما تقدم، فإن المسؤولية السياسية والأخلاقية والقانونية تملي على كل الدول، التي إمتنعت وعارضت القرارات الأربعة المشروعة، والمتوافقة والداعمة لقرارات الشرعية الدولية، أن تعيد النظر بتوجهاتها الخاطئة، والمتناقضة مع روح القانون الدولي لدعم خيار السلام، وصد جرائم الحرب، التي ترتكبها الدولة الإسرائيلية المارقة والخارجة على القانون، إن كانت معنية بتحقيق العدالة النسبية على المسار الفلسطيني الإسرائيلي. وهنا يمكن الجزم، ان بريطانيا قبل غيرها من الدول تتحمل مسؤولية تاريخية تجاه الشعب العربي الفلسطيني وإنصافه، وإعادة الإعتبار لبعض حقوقه الوطنية المسلوبة منذ 71 عاما خلت.

وأن تكف عن ممالأة إسرائيل الإستعمارية.

اخر الأخبار