
ديناميات الاستحمار

أنس دويكات
تطاولت على البشرية عصور من القهر والاستبداد ومصادرة التاريخ والهوية تحت مسميات عدة، كلها تستظل بمظلة الاحتلال الصريح أو المقنع وتاريخ الأمم شاهد على أنماط متفاوتة من منسوب البطش، وحالة التأثير بين احتلال وآخر.
يعتبر الاحتلال الصهيوني أقسى وأعنف أنواع الاحتلال شكلًا ومضمونًا، فهذا الاحتلال كان وما زال قائمًا على استخدام القنابل العنقودية في القتل والتدمير وتفريغ الأرض من أهلها ومصادرة الثروات
ان الاحتلال في حقيقته وجوهره هو عملية ثقافية فالمعرفة هي جوهر السلطة ,والاحتلال باعتباره سلطة هو في الاساس عملية ثقافية ومعرفية اكثر مما هي عسكرية فالاحتلال يستشري في البلدان التي يجد فيها البيئة الخصبة المفرغة من الثقافة الوطنية لدى افراد الشعب المحتل ,واذا وجد الاحتلال مجتمع مثقفا عمد الى تفريغه من محتواه الثقافي فبعد اجهاض ثقافته وطمس تاريخه يصبح ذاك الشعب موجه ينفذ سياسة ذاك الاحتلال دون ادراك
ان قنابل الاجهاض الثقافي اشد فتكا من القنابل العنقودية كيف لا وهي تعمل على خلق اجيال من الشباب الذين لا يحملون ادنى مقومات الوعي الوجودي وذلك من خلال سياسة الاستحمار التي يتبعها الاحتلال فيحتل العقل واحتلال العقل هو مفتاح احتلال الارض .
ولعل من ابرز ديناميات الاستحمار المستخدمة للسيطرة على الشعوب هي دينمية "التجهيل" بتحريك الاذهان الى الجهل وتغفيله عن القضايا المصيرية فدينمية التجهيل بالاضافة الى دينمية" الالهاء" والتي تتم عن طريق الهاء الناس عن الحقوق الكلية بالحقوق الجزئية بجانب ايجاد نوع من فلسفة الاهم والمهم وفقه الاولويات باشغال الناس بالمهم دون الاهم وفي الهامش دون المركز .
ان تحرير العقل واجب قبل تحرير الارض فالعقل المفخخ اخطر من الجسم المفخخ