أضواء على الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني .

تابعنا على:   23:10 2013-10-28

سميح خلف

في ظل تراجع الإنروا عن خدماتها في مد المساعدة للاجئين الفلسطينيين في المخيمات الفلسطينية داخل الوطن وخارجه وفي ظل التقاعس الخدماتي المقدم للشعب الفلسطيني من مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية ما تتسم به الساحة الفلسطينية الآن من عمليات الفساد والنهب والسرقة لأموال الشعب الفلسطيني التي تأتي من خارج حدود فلسطين المحتلة .

وجب أن نسلط الأضواء على الدور الذي تؤديه الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني في خدمة الفقراء الفلسطينيين وفي ظل بطالة مستفحلة وحصار يكاد أن يكون شامل للظرف العربي والظرف الذاتي والموضوعي للشعب الفلسطيني سواء في مخيمات اللجوء خارج الوطن أو داخل الوطن.

وفي ظل متابعتي لدور تلك الجمعيات ومنذ دخولي إلى قطاع غزة منذ 6 أشهر كنت أتوقع وكما كنت أسمع وأنا خارج الوطن أن لتلك الجمعيات دورا كبيرا في حماية الحياة الإنسانية للمواطن الفلسطيني ، إلا أنني قد صدمت من دور تلك الجمعيات والتي تحمل يافطات وعناوين مختلفة من حالة الهبوط في الأداء من حيث تغطية مستلزمات الأسر الفقيرة .

فالجمعيات التعاونية تكاد تكون هي صناعة فصيل أو خدمة لأبناء فصيل فقط ، ورغم هذا التصنيف والتبويب فأيضا الخدمات لا تقدم بالشكل المباشر للمستضعفين في تلك الفصائل بل تقدم بناء على صلات القرابة والمعرفة والقرب من مصدر القرار ، هي نفس الظاهرة الموبوءة التي أصيب بها السلطة الفلسطينية ومسؤوليها.

الشعب الفلسطيني في المخيمات الفلسطينية يعاني من الفقر المدقع في أماكن اللجوء وفي أماكن تواجده في الأرض المحتلة سواء في الضفة أو غزة ، وعلى سبيل المثال لا الحصر وقع الشعب الفلسطيني واللاجئين الفلسطينيين في سوريا فريسة لمتغيرات ذاتية وموضوعية لتلك الدول مما جعلته في حالة لجوء إضافية وحالات فقر وتشتت وحالة عوز ينقصها أدنى المسؤولية من الجهات الدولية والإقليمية والفلسطينية أيضا.

أما في الساحة اللبنانية فحدث ولا حرج ، فاللاجئين في المخيمات الفلسطينية في لبنان يعانون من الحصار منذ خروج قوات الثورة الفلسطينية من الساحة اللبنانية وكأنهم مكتوب عليهم أن يدفعوا ثمن صمودهم وثمن دفاعهم عن قضيتهم الفلسطينية ودعم الثورة الفلسطينية بالكادر والمقاتل والمال ، ولذلك دخلت المخيمات الفلسطينية في لبنان تحت التقسيمات المذهبية والسياسية والحزبية مما أدى إلى منع الفلسطينيين من مزاولة أكثر من 68 مهنة في الساحة اللبنانية ، مما جعل اللاجئين الفلسطينيين في عملية تزهيق وحصار إلى اللجوء إلى أماكن لجوء أخرى في الأمريكتين والدول الاسكندنافية واللاتينية.

تعاني المخيمات الفلسطينية في لبنان من حالات الفقر المدقع وتناسي الجهات المسؤولة في منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية ما هو مطلوب منها لحماية اللاجيء الفلسطيني لكي يكون من أساسيات الدعم والوجود للدفاع عن حق العودة ، فاللاجيء الفلسطيني في الساحة اللبنانية يتعرض لمؤامرات أمنية لسحب سلاح المقاومة مما يجعله مكشوفا أمام أي علميات أمنية أو عسكرية للعدو الصهيوني أو للقوى المضادة للحق الفلسطيني وكما حدث في صبرا وشاتيلا.

المهم هنا أن هناك مؤامرة تحاك ضد اللاجئين الفلسطينيين في الساحة اللبنانية يقوم بها نهج السلطة الفلسطينية بالتعاون مع السلطات اللبنانية وأخذ ذلك أشكالا متعددة من الحصار إلى عملية الاقصاءات للكوادر التي لها ثقل شعبي والتي يمكن أن توفر حالة معنوية عالية من الصمود لهذا الشعب.

الحالة اللبنانية يرثى لها وخاصة من بنية تحتية مهتكة من شبكات الصرف الصحي وشبكات الكهرباء والمؤسسات العلاجية المهملة التي تقودها وكالة الأمم المتحدة وجمعيات أخرى لا تؤيد دورها بالشكل المطلوب .

ولذلك لفت نظري جمعية تسمى جمعية "فتا" وهي مؤسسة فلسطينية مدعومة من أهل الخير في الخليج العربي ليس لها حسابات سياسية أو شهرة لتحصيل موقع في السلطة أو غيره ، بل هي جمعية لها أنشطة متعددة سواء داخل الوطن الفلسطيني المحتل من مخيمات ودعم للبنية التحتية سواء داخل الوطن أو خارجه .

فمن ضمن الأنشطة التي تقوم بها جمعية فتا بعكس ما أشيع عنها أنها تعمل لحسابات سياسية ناتجة عن خلاف بين الأخ محمد دحلان مع سلطة رام الله ولأن هذه الجمعية على رأسها الدكتورة جليلة دحلان ولذلك حوربت ومنعت من أنشطتها داخل الساحة اللبنانية وبإتفاق بين السلطة الفلسطينية والحكومة اللبنانية ، ومرافق ذلك عملية تشويه لتلك الجمعية ورئيستها ، ولكن ما يهمنا هنا ولكي يكون القاريء متوازنا من عرض الانجازات التي تقدمها تلك الجمعية بعيدا عن الحزبية والفصائلية والحسابات السياسية وهي لا تنتظر ثمنا لأنشطتها بل متبرعة بمجهودها وبالأيدي الخيرية التي تساند تلك الجمعية.

في عام 2006 وقبل حدوث الإنقسام الفلسطيني أسست جمعية فتا مستشفى في منطقة تل الهوا بغزة إشتمل على عدة أقسام تخصصية لخدمة المواطنين ، حيث تم بناء هذه المستشفى بالتعاون مع بنك التنمية الإسلامي إضافة إلى تبرعات سخية من الأمير الوليد بن طلال والشيخة فاطمة بنت مبارك والأمير سلمان بن عبد العزيز والسيد سعيد خوري والسيد على جوهر الجمالي وعدد آخر غفير من رجال أعمال فلسطينيين وعرب.

وفي عام 2009 ونظرا لجهوزية المستشفى وقع عليها الإختيار لإقامة المستشفى الميداني الأردني حيث ساهمت جمعية فتا بإستكمال تخصصاته لتصل إلى اختصاصا لكافة أنواع الجراحات والتخصصات.

لم يقتصر دور تلك الجمعية على دور المنشئات الطبية والدعم الصحي للاجيء الفلسطيني ، بل تعدى دورها إلى ما يزيد عن ذلك إلى معاناة الأسر الفلسطينية والطلبة الفلسطينيين من الرسوم الباهظة للجامعات الفلسطينية حيث شاركت الجمعية بدفع الرسوم لمئات الطلاب الغير قادرين على الحصول على مؤهلاتهم نتيجة القروض المفروض عليهم من تلك الجامعات الربحية في غزة أو في الضفة الغربية

ومن الأنشطة التي مارستها تلك الجمعية للشعب الفلسطيني وليست لفصيل معين لحد ذاته ما قامت به من أنشطة مختلفة في المخيمات الفلسطينية في لبنان من تعبيد طرق داخل المخيم وتجديد شبكات الصرف الصحي والشبكات الكهربائية والمراكز الطبية العلاجية والدعم المادي للأسر اللاجئة الفقيرة من سوريا أو في المخيمات الفلسطينية في لبنان .

وعلى ضوء ذلك ثارت حفيظة من عجزوا عن مساعدة الشعب الفلسطيني من سلطة رام الله فتحركت مذعورة إلى الحكومة اللبنانية حيث ارتئت أن تلك الأنشطة تهدد تمثيلها ووجودها على الساحة اللبنانية في حين أن تلك السلطة ومؤسسات منظمة التحرير لم تقدم شيئا للاجيء الفلسطيني في الساحة اللبنانية ، وعلى ضوء ذلك منعت السلطات اللبنانية الدكتورة جليلة دحلان من دخول الساحة اللبنانية لأداء دورها الإنساني تجاه اللاجئيين في المخيمات وليس لفصيل محدد.

هذا الدور لم يقتصر على الساحة الفلسطينية في غزة أو في الساحة اللبنانية أو السورية ، بل تعدى ذلك إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية ، وهي محل ملاحقة من سلطة رام الله لأهداف نرجسية لتلك السلطة التي تحافظ على ذاتها ومكاسبها فقط بعيدا عن المصلحة الحقيقية للاجئين الفلسطينيين وفي الآونة الأخيرة لقد قام مركز فتا في قطاع غزة بتوزيع لحوم الأضاحي وبمساعدة شباب فلسطين على كثير من الأسر الفلسطينية في قطاع غزة وأماكن أخرى خارج الوطن وبدون أيضا حسابات فلسطينية كما حدث في دكاكين جمعيات أخرى حيث وزع قسم من اللحوم وكتبت فواتير بقيم أخرى .

لقد قمت بإعداد هذا التقرير المقالي وعرض نشاطات تلك الجمعية العظيمة من عطاء دون حساب لكي تكون قدوة لباقي الجمعيات التي تأتي لها التبرعات باسم الشعب الفلسطيني والتي يتم تسويق تلك التبرعات بناء على دكاكينها وعلى المعارف والأقارب ، فكم من الأسر الفقيرة في قطاع غزة تعاني من الفقر والعجز في تعليم أبناءها ولا تذهب تلك الأموال إلى لمن هم ليسوا بحاجة لهذه الأموال.

 

اخر الأخبار