
صالح, أنا شارب سيجارة بني..... والأرض بتتكلم بوس الواوا ...ويا دلع ادلع

عبد الرحمن القاسم
-1-
صالح القاسم اديب وقاص عربي وله العديد من الإصدارات القصصية والترجمات. كان مسكون كالعديد من كتاب ومثقفي عصر الثمانينيات بالهم العربي ومحارب شرس ضد ظواهر وآفات اجتماعية وله مقالات أسبوعية في عدة جرائد وصحف أردنية وعربية كتب ضد قصف المنشات العسكرية والتدخل الاجنبي و بداية قصف المفاعل النووي العراقي من قبل الطيران الإسرائيلي واذكر له مقالا عندما كنت ما زلت في مقتبل العمر عن ظاهرة غزو المصطلحات والكلمات الأجنبية لأسماء المحال التجارية وضرورة استخدام اللغة العربية والحفاظ عليها وتأكيدا على اعتزازنا بلغتنا العربية وثقافتنا العربية وفي الواقع هذا دأب مثقفي وكتاب الثمانيات وشعورهم بالأخطار التي تتهدد وتتسلل إلى جسد الامة العربية الذي بدا الوهن ينخر بها بهدوء,
-2-
عندما غنى احمد عدوية"أسح اندح امبوا الواد طالع لابوه" والشحرورة صباح "يا دلع يا دلع ادلع" وسميرة توفيق غنت" بين العصر والمغرب مرت سيارة حمرا وهاي سيارة ويلفي وأنا عرفتها من النمرة" قامت الدنيا ولم تقعد ولم تذع تلك الأغاني في العديد من المحطات الإذاعية واعتبرت أغاني تمس الذوق وهابطة ولا تناسب الذوق العام, لاننا كنا مازلنا نسمع اغاني مرسيل خليفة "وقفوني على الحدود قال بدهم هويتي", "بالاخضر كفناه بالاحمر كفناه", وفيروز "بحبك يا لبنان" او" سنرجع يوما", وحتى اغنيات الغزل والحب وقول ام كلثوم "اطفيء لظى القلب بشهد الرضاب" او عبد الحليم حافظ في "قارئة الفنجان" , او سعدون جابر" اللي مضيع حبيب يمكن سنة وينساه واللي مضيع ذهب بسوق الذهب يلقاه لكن اللي مضيع وطن وين الوطن يلقاه", ورغم ان الامة العربية كانت تعيش سكرات لفظ الأنفاس الأخيرة من حالات الصمود وفي وضع المتلقي للطمات والصفعات من قبل الاحتلال الإسرائيلي وصمود المقاومة الفلسطينية والقوى الوطنية اللبنانية, والحرب الايرانية ضد العراق, وأصبحنا نقتات على قصائد محمود درويش مديح الظل العالي وعبارة "سقطت ان قربك فالتقطني واضرب بها عدوك, ومظفر النواب" اولاد...ادخلتم زناة الليل ووقفتم تسترقون النظر" وبقي صالح و والأدباء والمثقفون والشعراء والغناء الملتزم يحاولون طرق جدران الخزان من الداخل في صحراء الهزيمة العربية حتى لا يكون مصيرنا كأبطال قصة غسان كنفاني "رجال في الشمس" الذين ماتوا ضحية صمتهم وثرثرة شرطة الحدود مع سائق الخزان بأشياء تافهة عن النساء والليالي الحمراء.
وبقيت تلك الأصوات والمحاولات الأدبية وذلك الإنتاج الأدبي والفني المنبعث من ركام الهزائم والدسائس تهدئ من روعنا من هول المصائب القادمة وتزرع بصيص أمل بجيل أفضل وغد منتفض ربما على الأخطاء والهزائم وربما على الفشل الغير المتعمد الذي مني به الجيل السابق..
-3-
"انا شارب سيجارة بني" "رجب حوش صاحبك عني" يا بتوسعي بنطلونك يا بتعطيني نمرة تلفونك" عبارات وأغاني تعتمد على العرى والإيحاءات الجنسية الصريحة وليست المستترة تقتحم بيوتنا تغتصب عيوننا عنوة وتتحرش السمع شئنا ام أبينا, فصدر الشاشة لهم ولا يخجل مقدم البرنامج ان يقول الأغنية من كلمات الشاعر فلان او علان, وربما مقابلة مع الشاعر ومع المغني او المغنية للترويج والتنظير عن الفن وأنهم فن الواقع ويعكس آمال وأحلام الشباب فأية ثقافة وأدب وذوق بأغنية "حلو عن سماي" و"بوس الواوا" و"بحبك يا حمار" واية مشاعر تتحرك لدى جيل الشباب او تراكم ثقافي او لغوي واي انتاج أدبي وثقافة شخصية مرجوة, ولماذا العجب عندما تجد طالب جامعي او خريج ربما لا يعرف حدود بلده او النشيد الوطني وربما يتصل باحد القنوات الدينية ليسال عن عدد ركعات صلاة الصبح او الظهر واذا تجاوز حدوده ليطمئن عن ما الذي يجري في فلسطين او البلد المجاور لبلده اتهم بانه "قومجي", و"داوش حاله باشي بطعميش خبز" وربما يحتاج لدورة تقوية باللغة العربية ليسمع أغنية للشيخ امام "شرفت يا نيكسون بابا يا بتاع الوترغيت", او سيد مكاوي "الأرض بتتكلم عربي"
فماذا يكتب الآن صالح وأقران عصره, وماذا بعضنا ممن تتلمذ ورغب بان يكون امتدادا لهم يعمل ألان ام ان حالنا كما ذكر مؤنس الرزاز وعلى لسان احد أبطال روايته "النضال احياننا خازوق لا تستطيع التخلص منه" ولماذا نستهجن الاستقواء بالأجنبي واستجداء قصف المدن العربية وتدمير مقدرات الأمة العربية من المعارضة, ويصر الحاكم العربي انه نفحة من روح السماء ويقسم أغلظ الايمان انه نقطة التوازن مع إسرائيل وضمانة أمنها وسلامتها, وتبعث المعارضة برسائل تطمينات للغرب انها ليست ضد إسرائيل, والمواطن داخل الخزان...والثرثرة قائمة بالخارج.....وآه يا زمن "الشقلبة"...!!!!!!!!؟