الجانب الانساني في رواية جنين 2002

تابعنا على:   17:52 2014-06-12

جميل السلحوت

صدرت رواية "جنين 2002" للروائي أنور حامد عام 2014 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، وعن مكتبة كل شيء في حيفا، وتقع في 211 صفحة من الحجم المتوسط.

عنوان الرواية "جنين 2002" قد يشكل لغزا للقارئ العربيّ، لكنّه يفتح جراحا للفلسطينيّ الذي يقيم على ترابه الوطنيّ، حيث تعيده الى ذلك العام 2002 الذي اجتاحت فيه القوّات الاسرائيليّة، مدن وبلدات الضّفّة الغربيّة، بما فيها المناطق الخاضعة للسّلطة الفلسطينيّة، والمصنّفة بمناطق "أ" حسب اتفاقات أوسلو، وما صاحب ذلك من تدمير مريع، وقتل وجرح آلاف المدنيّين الفلسطينيّين، خصوصا حصار وتدمير مخيّم جنين.

الاهداء: يهدي الكاتب روايته هذه " الى ذكرى جوليانو مير خميس، ومخيّم جنين الذي أحبّه حتى الموت" وجوليانو هذا هو ابن المناضلة الشّيوعيّة آرنا مير، المناصرة لحقوق الشّعب الفلسطينيّ، وابن المناضل الفلسطينيّ صليبا خميس، أحد قياديّي الحزب الشّيوعيّ الاسرائيليّ"راكح"، وأحد أبرز منظّمي يوم الأرض الفلسطيني في 30 آذار 1976.

وجوليانو خميس فنّان مثّل في عدد من الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية، وشارك مع والدته وآخرين في تأسيس مسرح"الحرّيّة في مخيّم جنين لتوفير الفرص للأطفال والشباب في مخيم جنين للاجئين لتطوير مهاراتهم، ومعرفة الذات والثقة واستخدام العملية الإبداعية بوصفها نموذجا للتغيير الاجتماعي، وفي 4 نيسان-ابريل- 2011 اغتاله مقنّعون أمام "مسرح الحرّيّة" في مخيم جنين، ولقي اغتياله استنكارا واسعا في صفوف الشّعب الفلسطينيّ وفي مقدّمتهم السلطة الوطني الفلسطينية.

ويبدو أنّ الكاتب أراد بشخصيّة جوليانو خميس التي كانت إحدى شخصيّات الرّواية الثانويّة، أن يقول بأنّ الصّراع الفلسطينيّ الاسرائيليّ يحصد ضحاياه دون تمييز بين العدوّ والصّديق، علما أنّ الرّواية انتهت وجوليانو لا يزال على قيد الحياة، ولم ترد عمليّة اغتياله من قريب أو بعيد فيها، ويبدو أنّ ذلك كان مقصودا من الكاتب؛ دلالة على استمرار الصّراع، وما يتبعه من استمرار سقوط ضحايا أبرياء.

البناء الرّوائي: اعتمد الكاتب في بنائه الرّوائي على المذكّرات، ليترك كلّ شخصيّة تتحدّث عن نفسها بنفسها، تروي يوميّاتها، وانفعالاتها، ومواقفها بلسانها، وهو أسلوب ناجح بالتّأكيد.

الحياديّة: القارئ للرّواية سيجد نفسه أمام أديب محايد في تقديم شخوص روايته، ويبدو أنّ حياة الكاتب في أوروبا قد تركت بصماتها الثقافية عليه، فمع أنّه فلسطينيّ مولود في عنبتا ومتأثّر بالصّراع بشكل وآخر، إلّا أنّه كان محايدا في طرح القضيّة، وفي رسم شخوص روايته، فديفيد اشكنازي أحد شخوص الرّواية اسرائيليّ، خدم في الجيش الاسرائيليّ، وشارك في حصار مخيّم جنين واقتحامه، وقاتل فيه، مع أنّه كان لديه تساؤلات عن عدالة هذه الحروب، وغير مقتنع بسياسة حكومته، ومتعاطف مع ضحايا الاحتلال الفلسطينيّين، لكنه وجد نفسه متورّطا في هذه الحرب، وعاش تناقضات مع قناعاته، ومع ما تربّى عليه في بيئته ومدرسته وعلاقاته الاجتماعية في الوسط الذي يعيش فيه، لذا فإنّه أراد التّكفير عن مشاركته في اقتحام مخيّم جنين، فشارك مع صديقه جوليانو خميس في العودة الى المخيّم، لبناء مسرح الحرّيّة، ولمّا عاد الى بيته رفضه والده، فخرج من البيت، واتصل بصديقته التي رفضته هي الأخرى، ولم يجد ملاذا غير البحر، حيث وُجِد جثّة هامدة على الشّاطئ.

وفي الجانب الآخر كانت أريج الشّايب ابنة السبعة عشر عاما التي تعيش في مخيّم جنين، والتي سافر والداها وإخوتها إلى عمّان قبل اقتحام المخيّم، وبقيت مع جدّتها، وأثناء الاقتحام قتلت الجدّة، وعاشت أريج عذاباتها ووحدتها القاتلة وسط الرّعب وأصوات الرّصاص والقذائف، وكانت شاهدة على ذلك، بما فيه مقتل شقيقها وحبيبها ابن الجيران، وعدد من شباب المخيّم.

وتأكيدا من الكاتب على أنّ الصّراع يفرض نفسه على طرفيه المتصارعين فقد جاءت شخصيّة عارف وحيد والدته، وجار أريج الذي أحبّته، فلم يستطع العيش محايدا، فقد استدعته مخابرات الاحتلال وعذّبته بتهمة الاشتراك في المقاومة، وتعاملت التنظيمات الفلسطينيّة معه كعميل للاحتلال وأهانوه واعتدوا عليه، وعند اجتياح المخيّم وجد نفسه منخرطا في المقاومة ليسقط هو الآخر شهيدا.

اخر الأخبار