مأزق يحيط بنتنياهو من كل جانب

تابعنا على:   11:16 2019-01-31

أ. محمود مرداوي

لا نحتاج لمعلومات استخبارية حتى نعلم أن نتنياهو ينتابه القلق، ويطارده التهديد من كل جانب، يفكر ويستعين ، يسأل دون مجيب فلا مجيب، لحظات مصيرية وحقبة ستقرر مستقبل نتنياهو، والاختبار في غاية الصعوبة، اشتدت التحديات وأطبقت عليه المحن، فلم تعد زيارات القبول الدولي في الخارج والتطبيع مع العرب ذو فاعلية وسحر يسترهب الناس، يجعلهم يحنون الرؤوس ويبصمون، فنتائج استطلاع القناة 12 العبرية الذي منح الحصانة ل( إسرائيل) بقيادة جانتس 21 مقعداً، والليكود 30 إذا أُجريت الانتخابات اليوم يُربك نتنياهو، وما يزيد الطين بلة ويجعله محاطاً بالخطر مهدداً بالسقوط نسبة الرد على سؤال من يستحق أن يكون رئيساً للوزراء، فكانت النتائج كسراً لطابو وتغييراً لمزاج وتحولاً تاريخياً لدىالجمهور الصهيوني التقليدي واليميني الشرقي والغربي، إذ حاز نتنياهو على نسبة 36‎%‎ وجانتس نسبة 35‎%‎ ، بينما هذه الإزاحة الزلزالية جاءت بعد ثبوت نسبة منح نتنياهو لاستحقاق رئيس الوزراء على مدار عقد ولم يكن له منافس، وإذا ما ذكرنا نتائج استطلاع قناة 13 فحدث ولا حرج؛ فالليكود ثبت على ثلاثين مقعداً ، وحصانة (إسرائيل) 24 مقعداً.
والقناة 11 منحت الليكود 31 مقعداً، والحصانة ل( إسرائيل) 23 مقعداً.

والإزاحة الأخطر التي نتجت عن صدمة بني جانتس زيادة ثقل مركز الوسط واليسار على حساب معسكر اليمين ، علماً أن اليمين لا زال يتمتع بأغلبية بسيطة .
هذه الاستطلاعات وهذه النسب تؤثر على نتنياهو وتجعله أقل اتزاناً وانضباطاً ، ولا زال يراهن على الزيارات الخارجية، وهو بصدد زيارة الهند وألمانيا وبولندا والمغرب وواشنطن لحضور مؤتمر إيباك ولقاء ترمب في الشهر القادم، إضافة لاستقبال رئيس البرازيل ياياس بولسونارو .

ولكن إذا ما استقرت هذه الاستطلاعات على هذه النسب وحضرت ملفات الفساد من خلال توجيه لوائح اتهام سيصبح حجم الضغط على نتنياهو لا يُطاق، والتحسب والخوف يدفعانه للبحث عن مسالك ومخارج أخرى تلفت أنظار الجمهور وتغير اهتماماته، لكنها ستعلي بالتأكيد من شأن الأمن، وهذا سيجعل نتنياهو وهو معتقد أنه ذاهب للنجاة يقتل نفسه بقراره .

إذا استطاع نتنياهو أن يضع حداً لهذا الزحف والصعود لجانتس، وثبّت نسبة ما يحصل عليه نكون أمام خيار تشكيل حكومة تصغي للمجتمع الدولي وتُخفض من حجم الانتهاكات والاستفزازات في الضفة والقدس قادرة على اتخاذ القرارات السياسية تقبل بصفقة القرن، وتوافق على عقد صفقة تبادل، حيث فُهم من كلام بني جانتس الذي تردد في مهاجمة نتنياهو شخصياً وبنى برنامجه الانتخابي على معارضة مواقفه السياسية يؤشر أن جانتس لا زال يعول حصوله على نتيجة جيدة ويطمح في المشاركة في حكومة نتنياهو .

نتنياهو منفعل مغتاظ، لم تعد قدرته على الإمساك بالخيوط قوية ، واتخاذ القرارات غير الشعبوية في هذه اللحظة الفارقة ممكناً.
يُضاف لذلك غياب جبهات سهلة لإعلاء حضور ملف الأمن وتحقيق إنجاز فيها ، فلم تعد غزة تسمح، وإذا ما تمادى تؤكد ضعفه وخوفه من التعامل مع غزة كما اتُّهم في المواجهة الأخيرة، وكذلك لبنان تملك قدرة على الرد الساحق المؤثر، لكن بينما حجم التصعيد في سوريا وساحة الضفة فهو بلغ أوجه وتجاوز حد المعقول ولم يُنظر له من الجمهور الصهيوني أن فعله إنجاز يمكن أن يضيف لنتنياهو مقاعد جديدة .

ومع ذلك لا زالت المقاومة قادرة على أن تحافظ على مصالحها وتحمي شعبها بذكاء، لا تظهر ضعيفة مترددة في الرد إذا ارتكب نتنياهو حماقات وخُيل له أن المقاومة ستستوعب وتمتص، وفي المقابل عدم المبادرة الزائدة واستخدام القوة الضاغطة تبرر لنتنياهو هروبه من تحت الحمل الثقيل إلى قصف الطائرات والمدافع.

اخر الأخبار