رقص سياسي إسرائيلي على نغمة المال القطري!

تابعنا على:   10:28 2019-01-26

كتب حسن عصفور/ لم يعد هناك ألغازا كثيرة، لمعرفة أن دولة الكيان الإسرائيلي جندت كل "السبل" من أجل تكريس الهدف السياسي الأبرز لها، ليس بفصل جناحي "بقايا الوطن" فحسب، بل لتدمير جوهر المشروع الوطني، والعمل على دفع تياري "النكبة الجديدة" للبحث في مستقبلهما بديلا لمستقبل شعب وقضية.

يوم ا24 يناير 2019، أعلنت حركة حماس رفضها قبول "المال القطري" بتلك الطريقة المهينة جدا لها ولأهل القطاع، من ناحية شكلية هي على حق، بل تأخرت كثيرا، لأنها وافقت على مبدأ الإهانة منذ اللحظة التي سمحت للمندوب القطري محمد العمادي أن يحمل حقائبه المالية بشكل سينمائي، وأصدر قوله الأشهر "نبيي هدوء".

اعلان الرفض الحمساوي، رغم ما به من صواب سياسي، لكن الحقيقة هي أنه تحول الى مسار آخر، واتضح ان ذلك أيضا مطلب إسرائيلي نفذه بـ "ذكاء" العمادي عبر تفاوض بين إسرائيل وحماس، مستبدلا طريق حقائب المال من خزينة حماس، الى خزينة الأمم المتحدة لتشغيل البطالة.
دولة الاحتلال، وعبر إعلامها، أكدت أن ذلك ما أرادته إسرائيل تماما، لأن تكون الأموال في صندوق أممي وليس في صندوق حماس المالي، خاصة عشية الانتخابات الإسرائيلية، ومحاولة قوى اليمين المتطرف لاستغلال ذلك لشن حملة "إرهاب" سياسي ضد نتنياهو والليكود، بأنهم يقدمون المال الى "القسام"، الذي يمارس عمليات ضدهم.

ومع شخصية نتنياهو المرتعشة رغم كل المظهر الخادع، بحث على طريقة أخرى، وبعد أن أصبحت أقوال محمود عباس رئيس سلطة الحكم المحدود، عن المال الذي يرسله  بيبي الى حماس لتقوم بعمليات عسكرية في الضفة الغربية والقدس، جزءا من الحملة المضادة لرئيس حكومة الكيان وتحالفه.

"الرفض الثوري - الشكلي" للمال القطري حمساويا، كان "فخا" لخدمة نتنياهو أحسن العمادي إخراجه بطريقة "مثيرة" على طريقة "أفلام هيتشكوك"، بل زاد من الأمر تصريحاته المفاجئة التي كشفت ان الحديث عن المال مقابل الهدوء معيب، رغم أنه وقيادة حماس من اخترعوا هذه المعادلة المهينة حقا.
والفرحة الإسرائيلية لتحويل حقائب المال من صندوق الى صندوق، ليست سوى حال آنية لا تضير كثير واقع الحال في القطاع، لكن الأهم ما تحدثت عنه وسائل الإعلام العبرية، من أن "سماح نتنياهو بإدخال الأموال القطرية قد سمح بتغيير المعادلة بين الفلسطينيين، وزرع الفرقة بين قطاع غزة والضفة الغربية، وهو نجاح كبير لرئيس الوزراء الإسرائيلي".

والى جانب ما حققه الانقسام من فوائد كبرى للمشروع الإسرائيلي، تساهم قطر "الحريصة على عدم تجويع قطاع غزة" في تحقيق "أحلام نتنياهو ودولة الكيان"، ولم يعد الأمر تحليلا أو تقديرا أو تطاولا، لكنه كشف يستحق القراءة المختلفة كليا عن استغلال الحصار لتمرير مشروع ساسي أخطر كثيرا مما تتعامل معه القوى الفلسطينية كافة.

لن نفتح باب الملامة السياسية لهذا الفصيل أو ذاك، ولن نعيد القول المقال منذ زمن، بأن اغتيال الشهيد المؤسس الخالد ياسر عرفات بعد أطول معركة مواجهة عسكرية – شعبية مع دولة الكيان دامت 4 سنوات (تحاول حماس بكل السبل شطبها من الذاكرة بتزوير غير مسبوق)، كان اغتيالا لمشروع وطني، وخلق مشاريع "طائفية سياسية" بمقاس كل من تياراته الخاصة، وانهاء كلي للوحدة الجغرافية – السياسية بين الضفة والقطاع (التي نص عليها اتفاق أوسلو وقتل رابين بسببها وتتجاهلها شخصيات مصابة بحقد مسموم).

إسرائيل فتحت أبوابها لكل سبل تكريس الفصل وانهاء أي أمل بوحدة سياسية – جغرافية عبر الربط الترابي بين جناحي "بقايا الوطن"، والفضيحة الوطنية الكبرى أن يتحدث ممثلي كل تيار من تياري النكبة المعاصرة عن "مكاسب تاريخية" والحقيقة أنها "وكسات تاريخية".

المال القطري، حصار عباس وغياب الرؤية السياسية لحماس، هي أدوات الفرح الإسرائيلي لتنفيذ "الحلم السياسي" لتدمير المشروع الوطني الفلسطيني.

هل هناك مخرجا من تلك الكارثة السياسية، ربما ولكن حتما ليس بهذه الأدوات، ولو امتلكت حماس أمرها لأعلنت قطاع غزة منطقة منكوبة تتخلى عنها لصالح برنامج "الأمم المتحدة الإغاثي"، وتنهي كل مظاهر السيطرة، وتبقي فقط على حضور شرطي نسبي الى حين.

التهديد بـ "الفوضى في غزة" قد يكون السلاح الأهم من "المال القطري" و"صواريخ الفصائل"، للرد على حصار سياسي قبل أن يكون مالي!

اكسروا روتين الفكر وبلادته فقد يكون به الحل!

ملاحظة: خطابات الجعجعة الحمساوية حول اتفاق أوسلو تتجاهل أنها أبرز أطراف معادلة تدميره لصالح مشروع غير وطني...لو مستمرين في تزوير التاريخ فالصمت لن يكون الخيار تأكدوا!

تنويه خاص: من طرائف حالنا، ان يستقبل محمود عباس وفدا نسويا حضر ليقدم له "التهنئة" ويرفض كليا حضور أي لقاء وطني يفترض انه سيقرر مصير ومستقبل سياسي...شو ممكن نسمي هيك سلوك، فكروا!

اخر الأخبار