إنها الحرب أي سلام هذا؟

تابعنا على:   19:26 2019-01-21

صالح عوض

دعونا من العبث.. إنها الحرب
لا أعرف من كيف ساد منطق "السلام" والتسوية في ساحتنا العربية والفلسطينية على حساب حقنا وسيادتنا.. وبمعنى أدق كيف وصلنا الى حالة الانهيار والتسليم بضرورة إيجاد مخرج لما نحن فيه بالتنازل عن أجزاء كبيرة من حقوقنا المادية والمعنوية؟ وسرت فينا ثقافة الهزيمة وأصبح منظروها هم من يوجهون الرأي العام وتسلل الى مواقع القيادة في مجتمعاتنا مهزومون مخترقون بأفكار خبيثة عن ضرورة التسويات.. وكأننا نحن من يحتاجها أليس اللص والمسيطر هو من يريد تسويغ لصوصيته وترسيخ تسلطه!؟؟
في الساحة الفلسطينية أصبح التنافس بين الجميع لنيل حظوة عند المعلم الأمريكي او الغربي وفي سياق التنافس يتصارعون من ينال الفرصة الأقرب لرضى المعلم الكبير.. وبعد عشرات السنين ها نحن نكتشف ان عمليات التسوية دفعتنا الى الخسارة أكثر والى التقهقر أكثر فهاهي كل البلدان العربية التي سعت للتنازل والتسوية مع العدو كيف آلت بها أحوالها الاقتصادية والأمنية والسياسية؟
ولننظر الى ساحتنا الفلسطينية ما أصابها نتيجة ثقافة التسوية والتنازل وبروز تيار التسوية والتنازل وتمأسس ذلك كله في هياكل وعناوين من أجهزة أمنية وقنوات اقتصادية استطاع العدو بخبثه وقدرته احتواءها لتصبح أدوات لطغيانه واستمرار هيمنته.. هذا أصبح أهم استنتاجاتنا بعد كامبديفد وأسلو ووادي عربة وهو كاف لتحذيرنا من أفكار مميتة استشرت فينا كما السرطان
واري دان اضرب مثالين لكيفية إدارة الصراع بيننا والامبريالية العالمية التي لن يستقر لها حال الا بعد إفنائنا نهائيا وكل ما تقوم به إنما هو عملية ممنهجة من اجل ذلك الغرض.. والمثالان هما سورية والسودان.
من يظن ان العدو التاريخي والاستراتيجي لشعب او أمة يستسلم بعد هزيمة ما في موقعة ما انما يكون كمن يأمل عودة آهل القبور.. فالاستعمار الذي أخرجته بنادق الثوار لا ييأس من العودة الى الديار بقفاز الحرير وثقافة الاتيكيت ومطبوعات دور النشر الموجهة وأكاديميات صنعت لهذا الغرض خصيصا.. وهو لا يكتفي بهذه الأسلحة الفتاكة وليجعل لنفسه حدا بل هو جاهز في كل وقت ان يشن غارته بأشد الأسلحة فتكا.
ما يجري على الأرض السورية والسودانية دليل قوي انهم بعد سبع سنوات حرب على سورية وإلحاق هزيمة نكراء بمجاميعهم المسلحة باد للناظر والمتابع انهم خروا الى الأرض مكسورين وانسحبوا من الميدان مدحورين فذهب البعض من الذين شغلت الطيبة قلوبهم وسحرتهم كلمات النصر الاولى الى الإحساس بان جولة قاسمة قد أنجزت لصالح الأمة وبعدها سيكون المسير الى القدس الشريف.. الا ان الواقع المر يقول أشياء أخرى.. فهاهو العدو المكلل بالخزي في معارك سابقة يدور على نفسه ويستجمع أدوات أخرى ويشن الغارة من جديد.. فتقوم طائرات الكيان الصهيوني بغارات تشمل مساحات كبيرة من سورية في مسلسل عدواني مستمر منذ عدة سنوات يزداد الان بعد ان فشلت أدوات التخريب الأخرى.. وفي السودان ظن البعض ان قبول السودان بالتنازل عن جنوبه سيعطيه فرصة التحلل من حروب ارهقته واستنزفت قدراته وقتلت عشرات الآلاف من أبنائه وان قبوله بالابتعاد عن شعاراته السابقة بنشر ثقافة المقاومة والإسلام في إفريقيا والتصدي للاختراقات الصهيونية في أفريقا سيجعله أكثر أمنا واستقرارا وابتعادا عن غضب الأمريكان والصهاينة ولكن هانحن نتابع وخلال سنوات طويلة كيف ان الحصار استمر على السودان والملاحقات المتواترة من قبل المؤسسات الأمريكية للضغط على المؤسسات الدولية لمعاقبة السودان.. وبعد ان ظن السودانيون انهم تمكنوا من تفكيك الحصار وأحدثوا نهضة عمرانية واقتصادية في البلد نقلته نقلة بعيدة عما كان عليه في التسعينات عاد الاستعماريون لتحريك أداوت تقليدية معروفة بالولاء للأجنبي ولبريطانيا خصوصا.. ومن خلال تحريك واثارة الفوضى أرادوا للسودان ان يغرق في مستنقع التصارع الداخلي هذا يتم ليس فقط لان السودان يقف مع قضايا الأمة وفلسطين كما أحب ان يقول عمر البشير الرئيس السوداني ولكن أيضا لتحطيم قوة الرفض في السودان إزاء المخطط الصهيوني جاري التنفيذ في تشاد والنيجر وارتريا حيث وصل التغلغل الصهيوني مداه وهناك تقام معسكرات التدريب للمجموعات المسلحة تحت رعاية صهيونية..
انها الحرب ولا توقف لها حتى يتم الانتصار النهائي.. وهنا لابد من التوضيح ان وحدة البلدان العربية المتضررة من مشاريع التفسيخ وتعاونها الأمني والاستراتيجي ضرورة بالغة بدونها سيأكلوننا بلدا بلدا.. ولعلنا نختصر مسافة الثيران تولانا الله برحمته
رابط صورة الكاتب ، التحميل هنا m5zn.com

اخر الأخبار