الأبعاد المالية للعلاقات المدنية والعسكرية فى إسرائيل

تابعنا على:   17:14 2018-12-06

د.يوسف عيسى

الأبعاد المالية للعلاقات المدنية والعسكرية فى اسرائيل

(الموازنة العسكرية للعام 2019)

 

انعكست التغيرات في طبيعة التهديدات والمواجهات العسكرية التي تخوضها إسرائيل منذ الانتفاضة الفلسطينية على الموازنة العسكرية وحجم الجيش وتسليحه حيث بدأت منذ عام 2000 موجة تغيير كبرى طالت تنظيم الجيش وموازنته العسكرية بدعم من رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك الذي كان ينفذ برنامجاً أشرف على صياغته أثناء رئاسته للأركان الإسرائيلية عقب حرب الخليج الثانية

يتعلق بجعل الجيش أكثر مهنية واحترافية وأصغر وأكثر ذكاء بالاعتماد على الثورة في التكنولوجيا العسكرية أو على حد تعبير رئيس الأركان الأسبق دان شمرون "جيش صغير وذكي" بما ينطوي عليه ذلك من تقليص عدد القوات وتقليص فترات الخدمة العسكرية الإلزامية والموازنة العسكرية.

وعلى المستوى الميداني لم تعد المواجهات العسكرية التقليدية محور تركيز بعد الانتفاضة الفلسطينية وحرب لبنان الثانية بما أثر على طبيعة عمليات إدارة المواجهات العسكرية وأدوار السياسيين والقيادات العسكرية فضلاً عما أسفر عنه الانغماس في إخماد الانتفاضة من تداعيات مثيرة للجدل على أداء القوات الإسرائيلية لاحقاً وعلى حد تعبير عوفر شيلح "تحول الجيش إلى شرطي المناطق وقوات لمكافحة الشغب "كما أثرت مراجعة الموازنة العسكرية وتقليصها بصورة ملحوظة على الاعتماد على قوات الاحتياط ومستوى تدريبهم على الرغم من كونهم العمود الفقري للدفاع عن الدولة أثناء المواجهات العسكرية التقليدية التي لا تزال أحد التهديدات المحتملة.

وتعد الفترة بين عامي 2000 و2017 كاشفة لتحولات هيكلية في الإنفاق العسكري نتيجة لتبني برامج متعددة لتقليص نفقات الدفاع بما ترتب عليه تغيرات جوهرية في الأبعاد التنظيمية والميدانية للسياسة الدفاعية فضلاً عن أن إسرائيل خاضت خلال هذه الفترة مواجهات عسكرية متتالية بدأت من الانتفاضة الفلسطينية مروراً بحرب لبنان الثانية وانتهاء بالحرب على قطاع غزة عام 2014 وجميعها كشفت تغيرات بنيوبة في التفاعلات بين القيادات السياسية والعسكرية خلال إدارة المواجهات العسكرية ومن هذا المنطلق يتناول هذا البحث التغير في الأبعاد المالية للسياسة الدفاعية الإسرائيلية مع التركيز على التفاعل بين السياسيين والعسكريين خلال عملية صياغة وتنفيذ هذه التغيرات.

تحولات الأبعاد المالية للسياسة العسكرية الإسرائيلية

تعتبر الموازنة العسكرية أحد أهم مؤشرات التأثير السياسي للعسكريين بالنظر إلى أن تخصيص الموارد وتوزيعها هي عملية سياسية يغلب عليها تعارض المصالح والضغوط المتبادلة بين الشركاء السياسيين لاقتناص النصيب الأكبر في موازنة الدولة، ونتيجة للتهديدات الوجودية لإسرائيل منذ نشأتها والهاجس الأمني المسيطرة على المجتمع فإن الإنفاق العسكري يحتل مكانة مركزية في موازنة الدولة ويظل الأكثر إثارة للجدل لاسيما مع تحديد التهديدات التقليدية بتوقيع معاهدات للسلام مع مصر والأردن بما أدى لتصاعد المطالب بتخفيض مستوى الإنفاق الدفاعي للحد من عجز الموازنة وتوجيه مزيد من الاهتمام للتنمية الاقتصادية.

فقد أظهر الاقتصاد الإسرائيلي خلال السنوات العشر سنوات الأخيرة استقراراً ونمواً هائلاً مقارنة بالدول الصناعية الأخرى وفي عام 2010م، انضمت اسرائيل الى منظمة التعاون والتطور الاقتصادي "OECD"، ومع ذلك فإن الاقتصاد الإسرائيلي يواجه تحديات كبيرة وصعبة على المدى البعيد سيكون لها أبعاد وتأثير على قدرة إسرائيل في تمويل مصاريفها الأمنية العالية وكذلك سيؤثر على استقرارها الداخلي وموقفها الدولي وتكمن هذه المخاطر في تأكل المخزون البشري بسبب ضعف النظام التعليمي وعدم استقرار الاقتصاد العالمي ووضعها الأمني المتوتر بشكل دائم ولكنه في نفس الوقت يوجد أمام اقتصادها فرص تسمح لة باستمرار النمو السريع على المدى البعيد وفي هذا البحث سنناقش ونحلل وضع إسرائيل الاقتصادي وعلاقته الجدلية بالأمن القومي وكذلك الجدل القائم في إسرائيل حول ميزانية الدفاع وعبئها على الاقتصاد الإسرائيلي.

وفي هذا الصدد لم يتسم مستوى الإنفاق العسكرى في إسرائيل بالثبات منذ نشأتها حيث تعرض لتراجع مضطرد في فترات محددة ثم ما لبث أن عاود الصعود في فترات أخرى وفقاً لمستوى التهديدات الخارجية وحالة الاقتصاد وقدرة القيادات العسكرية على ممارسة ضغوط على السياسيين ومن ثم فاننا  سنتتناول التغير في الموازنة العسكرية الإسرائيلية والجدل بين الدائر حول مستوى الإنفاق العسكري في إسرائيل.

الأمن القومي بمعناه الشمولي:

من الممكن أن نحدد مفهوم الأمن القومي بمعناه الشامل هو قدرة الدولة بالدفاع عن نفسها وتحقيق أهدافها الوطنية وعلى الأقل في مجالات الأمن والسياسة الخارجية والمجتمع والاقتصاد والتطور العلمي، وهنا يبرز الفرق بين المفهوم الشامل للأمن القومي والمفهوم الضيق الذي يحصره البعض في مجال الأمن والسياسة الخارجية فقط، وتحديد مفهوم واسع للأمن القومي يسمح بإدارة نقاش واسع حول التهديدات التي تواجهه الدولة في إطار إدارة المخاطر فمثلاً من الممكن أن نضع مخاطر الحرب مقابل مخاطر عدم الاستقرار الداخلي النابعة من الوضع الاقتصادي والاجتماعي وكذلك تمنح الرؤية الشمولية إجراء تضامن وتأزر بين كافة المجالات ( الاقتصادية- والسياسية والأمن ...إلخ)، واستغلال الفرص النابعة عن الرؤية الشاملة- والتي يشرحها النموذج المرفق والذي تشرح نقاط القوة والضعف وترابط كل القوى الفاعلة في الدولة والمجتمع ونافذة الفرص المتاحة والمخاطر التي تهدد استقراره ووجوده.

 

مرفق ملف الدراسة كامل .. ملف وورد

 

اخر الأخبار