في حوار مع والده .."أمد للإعلام" يتحدث عن الأسير "الحروب" صاحب العملية المزدوجة في "غوش عتصبون"

تابعنا على:   00:42 2018-11-04

أمد/ الخليل- صافيناز اللوح: عادت الذاكرة 3 أعوام إلى الوراء، هناك قرب مجمع "غوش عتصيون" الاستيطاني بمدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة، تجمعت الأفكار وتاهت بين الذكريات، وتأنت العقول أثناء الحديث، بعملية بطولية ليست كباقي العمليات التي نفذها الفلسطينيين ضد المحتل الإسرائيلي.

عملية إطلاق نار ودهس مزدوج، قام بها الأسير محمد عبد الباسط الحروب الثاني بين اخوته، من بلدة دورا بالخليل، أكمل الثانوية العامة، والتجأ للعمل مع والده في تجارة الذهب، ولديه محل خاص في منطقة العيزرية شمال مدينة القدس المحتلة.

في يوم التاسع عشر من شهر نوفمبر لعام 2015، والتي تمر ذكراها الرابعة بعد أيامٍ فقط، بدأت خطوات "محمد" المتسارعة ودقات قلبه الهادئة الغريبة بالترتيب قليلاً لكي تضغط قدمه على "فرامل" مركبته والهروب من بين عشرات المركبات كي يصل إلى تجمع للمستوطنين.

تفاصيل العملية الفدائية

في اتصالٍ هاتفي قال والده "عبد الباسط" أثناء حديثه لـ"أمد للإعلام"، أنّ محمد هادئ بطبعه، والكل يحبه لأخلاقه وطيبة قلبه، وله أصدقاء كثيرين، يحب عمل الخير مع الجميع، مضيفاَ أديت صلاة الفجر برفقته في المسجد، وكان قد جهز في يوم تنفيذ عمليته مائدة طعامٍ كبيرة لأخوته، تناولنا طعام الغذاء، وبعد ذلك تحرك الجميع".

وقال "الحروب"، الساعة الخامسة مساءً، سمعنا عن وجود عملية قرب مفترق "غوش عتصيون"، وقتها لا أعلم ما الذي حدث فدقات قلبي تسارعت كثيراً، فتحنا التلفزيون وجلسنا، وكان هناك نبأ عبر قناة القدس الفضائية بوجود عملية مزدوجة، في بداية الأمر تحدثوا عن مجموعة من المنفذين".

وأوضح، تلقينا خبر تنفيذ محمد للعملية، أثناء جلوسنا أمام التلفزيون، وأكد الاحتلال الإسرائيلي، أنّ العملية مزدوجة اطلاق نار ودهس نفذها شاب من بلدة دورا بالخليل، حينها أيقنت تماماً أنّ هناك شيء في الخفاء جرى"، مشيراً إلى انهم "أعلنوا عن اسم محمد بعد فترة من تنفيذ العملية، وأنّ هناك قتلى وجرحى بأعدادٍ كبيرة".

وأضاف، "عندما أعلنوا عن عدد القتلى 3 وأكثر من 15 جريحاً، قلت "الله يحميه ويحيى البيت الي رباه"، وبعد أن عرفت أن محمد الذي نفذ العملية بكيت وقلت لك الحمد والشكر يا الله"، ابني الذي ربيته بكل أدب وأخلاق اليوم رفع رأسي عالياً، ودافع عن وطنه وحرائر القدس وانتقم لهن".

أكثر من 150 رصاصة، أطلقها محمد خلال تنفيذ عمليته المزدوجة، حتى نفذ ما بحوزته جميعها، فرّ هارباً علّه يجد مكاناً آمناً يحميه من الموت أو الأسر، لكنه وقع في قبضة الجلاد المغتصب لأرضه.

وحول العملية، تابع والد الأسير "الحروب"، قام محمد بإطلاق النار على مجموعة من المستوطنين، ومن ثم دهسهم بسيارته، ولاذ بالفرار، لكنه اصطدم بمركبة مستوطن في أثناء مطارته من قبل قوات الاحتلال، وتم إلقاء القبض عليه دون إصابته".

بخصوص تلقيه نبأ تنفيذ ابنه للعملية، أكد، للحظة الألى لم أفكر في شيء سوى هل ابني حي أم ميت!، هل هو مصاب أم لا!، وكيف تعاملون معه إذا كان حي ومصاب، وهي يتوجع أم لا وما الذي يحدث معه الآن!، مضيفاً "عقلي توقف عن التفكير طيلة 3 أيام، لا أعرف طعم النوم أبداً"، ما كنت اتلفظ به هو جملة "الحمدلله" فقط".

رد قاسي من جيش الاحتلال

ليل تنفيذ العملية، اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي بأعدادٍ كبيرة منزل الأسير "محمد الحروب"، واعتدى على أهله وذويه بالضرب المبرح والشتائم، بأن ابنهم ارهابي ويستحق الموت، قاموا بتكسير زجاج النوافذ والأبواب، وأخذوا مقاسات للمنزل تمهيداً للهدم.

في شهر فبراير من عام 2016، أعلنت قوات الاحتلال مدينة دورا منطقة عسكرية مغلقة، وقام بإحاطة المنزل من كافة الجهات، وبدأت بالمناداة على أصحابه للخروج منه تمهيداً لهدمة. ونوّه، تم اعتقال 3 من إخوة محمد، وهم معتز 15 عاماً، والذي أمضي داخل السجن مدة عامين، وعيسى أمضى داخل السجن 5 أشهر، وعودة 12 عام أمضي داخل السجن شهرين".

محاكمة الأسير البطل

نطق القاضي غير الشرعي المحتل لأرض فلسطين، وحكم بالسجن أربعة من المؤبدات على ذاك البطل، إضافة إلى 750 ألف شيكل غرامة وضريبة لرجولته التي حرمتها أسوار السجن من استكمال مهمته البطولية بمكافحة المحتل. بقيت لمدة شهرين لم أشاهد محمد أو نعرف عنه أي معلومات، مضيفاً "أصعب شيء هو انك تكون عاجز عن ان تعمل شيء لابنك، وامه تسالك أين هو وكيف ينام وماذا يأكل"، منوهاً رأيناه بعد 60 يوماً في المحكمة قائلاً: "لم أعرفه للوهلة الأولى شعره كثيف وطويل وجسده نحيل".

وعن سؤالنا له، كيف استقبلته أثناء رؤيتك له في المحكمة؟، قال "الحروب"، وقفت وأديت له التحية العسكرية، وقتها "صرخ القاضي الإسرائيلي بلهجة عبريه كلكم ارهابيون، أنتم عائلة مخربة"، فرديت أنا عليه وقلت لمحمد، رفعت رأسي عالياً يا ابني، وضحك محمد وقتها، وقال بصوت خافت .. الحمد لله كنت اتمنى الشهادة، فقلت له كتبت لك بالنية".

4 ساعاتٍ متواصلة استمرت محكمة محمد، بتواجد لعائلات القتلى الإسرائيليين، والجرحى، وهم يبكون على مستوطنين سرقوا الأرض من أصحابها، حيثُ أكد "الحروب"، أثلج بكائهم صدري، وزاد افتخاري بابني محمد، اذ1ي انتقم لحرائر القدس وفلسطين كغيره من الشبان منهم من بقى وأسر ومنهم من ارتقى شهيداً". هل أنت نادمّ على ما فعلت!"، سؤالٌ طرحه القاضي الإسرائيلي، ليرد عليه منفذ عملية "غوش عتصيون" ، "أنا نادمُ لأنّ الرصاصات أفرغت معي، كنت أود أن يبقى المزيد منها، فنطق القاضي الجلاد بصوتٍ عاليٍ حينها، بالحكم اربع مؤبدات وسبعمائة وخمسون الف شيكل غرامة مالية".

يقول "عبد الباسط"، "زغردت ام محمد بالقاعة اكثر شيء شعرت بانه ينقصني هو ان اضمه الى صدري وقتها".

بعد الحكم على محمد منعت عائلته من رؤيته لمدة عام ونصف، تنقل حينها بعدة سجون وهم " ايشل، نفحو، هداريم، السبع، عوفر، حتى استقر في سجن ريمون"، حيثُ كان آخر تواصل بينهم مؤخراً ورؤية محمد في شهر يونيو الماضي، ويتواصلون معه عن طريق الاتصال بالهواتف المهربة داخل سجون الاحتلال". رسائل للفصائل الفلسطينية رسالةٍ أوصلها "أبو محمد"، للفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حماس وجناحها العسكري القسام، قائلاً: "ابنائنا امانه في اعناقكم ولهم حق عليكم ان تخرجوهم من سجون الاحتلال"، فيما وجه رسالته لمحمد: "الفرج قريب يا ولدي". انطلقت رصاصات البطل، ونفذت الذخيرة بحوزته، لكن الوطن حفر اسمه على جبين الحجر الذي لم ولن يمت، وسيبقى الفلسطينيون يتذكرون ذاك الشب المغوار، عندما خرج من عرينه حاملاً رسالة عز وفخر من شعب عاش وما زال تحت حكم المحتل الغاصب.

اخر الأخبار