المصالحة: هل يمكن لطرفي الانقسام الخروج من مأزق العمل الوطني المشترك ؟!

تابعنا على:   18:18 2018-09-30

عواد الأسطل

الانقسام الذي يعيش حتى الان عامه الثاني عشر، لم يكن وليد الصدفة، بل أن الكثير من العوامل والمقدمات دفعت اليه ، فجاء ليطغى على المشهد الفلسطيني ، وليكشف عن المأزق الذي يعيشه كلا طرفيه، خاصة فيما يتعلق بأليات العمل الوطني المشترك لأكبر فصيلين على الساحة منذ اكثر من ربع قرن.

ولعل هذا المأزق في جذوره يعود الى ايام النشأة الأولى لحماس، وان شئنا الدقة اكثر الى اواسط السبعينات عند انشاء المجمع الاسلامي، ولكن الامور كانت تبدو انذاك انها تحت السيطرة، ولا خوف منها ان تتحول الى انقسام كالذي نعيشه.

وربما لم ينظر الكثيرين إلى التمايز الذي بدت عليه حماس في عملها النضالي، بعد نشأتها في الايام الاولى للانتفاضة، ما دام هذا العمل يركز اساسا على مقاومة الاحتلال .

فقط  ومنذ اتفاق اوسلو  بدأ مأزق العمل الوطني المشترك بين الفصيلين يزداد ويستفحل، وينعكس على اداء كل منهما ايضا في هذا المجال .

فحماس لم ترفض فقط المشاركة في عملية بناء اول سلطه على الارض الفلسطينية، بل وأيضا عملت على تقويضها وافشالها، ليس من منطلقات مبدأيه كما يبدو وكما اثبتت التجربة، بل ربما لأسباب أخرى، فها هي وبعد ان استغلت أخطاء السلطة ( وفسادها ) تشارك في الانتخابات التشريعية الثانية عام 2006، وفق اتفاق أوسلو ـ وتحت شعار " التغيير والاصلاح "والذي يفيد الاعتراف بالواقع والانطلاق لإصلاحه، لا لهدمه وبناء بديل عنه.

ولعل نجاح حماس الكاسح في تلك الانتخابات ، قاد الى نتيجتين اثرتا فيما بعد على فرص العمل الوطني المشترك : شعور حماس بالزهو ونشوة الانتصار، وشعور فتح بالخيبة ومرارة الهزيمة.

وهو ما ادى الى انكفاء فتح، و ليس فقط عدم مشاركتها في الحكومة العاشرة التي شكلتها حماس منفرده، بل وأيضا عدم التعاون معها اداريا عبر رؤساء الأجهزة الأمنية ومدراء الدوائر الحكومية.

ولعل هذا قاد بشكل او بأخر ، وان كانت هناك اسباب اخرى، إلى إغراء حماس بحسم الأمور في قطاع غزة، حيث ثقلها السياسي والعسكري، فكان انقلاب 2007 الذي أوجد الانقسام متماهيا مع الانقسام الجغرافي بين شطري السلطة الوطنية : الضفة والقطاع .

ولعل الفوز الكاسح لحماس في انتخابات 2006، وما اعقبه من حسم عسكري سريع وسهل بعد نحو عام ونصف من ذلك ، اوجد عند حماس شعورا بالقوة المتنامية والتي لا يمكن الوقوف أمامها، أو ما يمكن ان يسمى بعقدة " العربده ".

وبالمقابل فأن هذا اوجد عن فتح ما يمكن ان يسمى بعقدة " الهزيمة ".

ولعل هذا يفسر، عدم انجاز المصالحة حتى الان، مع ان كل الأمور غطتها الاتفاقات الموقعة بين الجانبين.

ففتح التي تعاني على ما يبدو حتى الان من عقده " الهزيمة "، تغالى في المطالب، وخاصة ما يشار اليه بتمكين حكومة الوفاق _ كما اتفق عليه _ في غزة، وكأن لسان حالها يقول : " كيف اعاودك وهذا اثر فأسك ؟ ".

وحماس المزهوة بشعور القوه، تريد استحقاقا لقوتها تلك، وكأن لسان حالها يقول : "نصوم ونصوم ونفطر على بصله ؟ ".

قد يكون هذا ما يفسر احجام الطرفان عن تنفيذ بنود الاتفاقات الموقعة، وتبادل الاشتراطات بين حين وأخر، ولكن ربما اغفل الطرفان، المزايا التي تعود على كل منهما اذا ما تخليا عن التفاصيل والاشتراطات واتجها صوبا نحو المصالحة : ففتح تكون قد تخلصت من عقتها ونهضت من كبوتها، وحماس تكون قد بدت بثوب جديد هو اقرب الى الاعلان عن ولاده جديده لها، هذا اذ لم تكن هناك موانع اخرى قد نجهلها ّ!.

اخر الأخبار