حماس بين رئيس لا يمثلها و تيار صهيوني متنامي فيها

تابعنا على:   11:44 2018-09-27

د. ياسر الشرافي

اليوم سوف يلقي الرئيس الفلسطيني خطاباً في الأمم 

المتحدة ، يمهد لمرحلة جديدة في مواجهة التحديات و المشاريع المشبوهة التي يروج لها من قبل أمريكا و إسرائيل و بعض من يدعون أنفسهم بفلسطينيين ضد الشعب الفلسطيني بشطب حقه في قيام دولته كباقي شعوب الأرض ، فعندما ننثر الغبار عن ذاكرتنا مُنذ إعلان فكرة تأسيس ما تسمى بدولة اسرائيل ، كان هناك هاجس كبير للحركة الصهيونية في ذلك الوقت في كيفية تغلبها على طمس الهوية الفلسطينية إلى غير رجعة ، حتى تتجلى الرواية الإسرائيلية بأن هناك قبل قيام تلك الدولة المزعومة لم يكن جغرافيا إسمها فلسطين ، حيث احدى القادة الفلسطينيين عرج على ذلك في كتابه فلسطيني "بلا هوية " و الذي سطر معظم حروفه بما عاشه في تلك المرحلة بين خبايا و دهاليز السياسة للقضية الفلسطينية ، حيث أرادوا الإسرائيلين في أي تسوية للنزاع بيننا و بينهم أن ما يحصل عليه الفلسطيني من ارض ، يجب أن لا تكون تلك الأرض فلسطينية ، لأن التضاد للمشروع الصهيوني الإحلالي هي كلمة فلسطين ، حيث ذهبوا مئات الألاف من الشهداء لتعميد تلك الكلمة بالدم حتى لا تتطمس تلك الهوية ، فهذا الاحتلال لم يكل و لم يهمد حتى يومنا هذا مروراً بفصول كثيرة من التغريبة الفلسطينية إلى ما نعيشه من إنقسام و تشرذم في أيامنا هذه ، حيث هذا الإنقسام هو المرادف ضمنيا لطمس الهوية الفلسطينية ، خطط له من بدايات سبعينيات القرن الماضي بعد أن فشلت تلك الدولة الصهيونية في تطويع الحلم الفلسطيني المقدس ، فبحثت عن بديل لمن يقود مناهضة المشروع الصهيوني و ثبيت الرواية الفلسطينية و هي منظمة التحرير الفلسطينية ، فأجمعو المفكرين الصهاينة على أن يكون الإختراق من داخل المعبد الفلسطيني بإنشاء مجالس روابط القرى في المجتمع الفلسطيني و في نفس التوقيت إنشاء تكتل ديني عملا بما روج له ماركس بأن الدين أفيون الشعوب ، حيث إعطاء الطابع الديني لذلك التكتل يطفي مزيدا من المصداقية لتلك الأجندة بقدرتها على تكفير و تخوين من يقودون تلك المرحلة ضد العدو الإسرائيلي وهم فتح و الجبهة الشعبية و تنضيمات فلسطينية وطنية أخرى، فألتقت هنا أهداف العدو الصهيوني عن قصد أو عن غير قصد لبعض الفلسطينيين الذين يطقون إلى تطبيق ( الشريعة الاسلامية )على أرض فلسطين ، من هنا أعطيت التراخيص و التسهيلات والدعم اللوجستي من الجانب الاسرائيلي لتأسيس كيان إسمه المجمع الإسلامي لا يُؤْمِن من الأساس بتحرير فلسطين و كان من المحرضين ضد مقاومة الإحتلال و الذي سُمى لاحقاً حركة المقاومة الإسلامية حماس ، حيث غير هذا الإسم بسبب كشفه و هو و روابط القرى بانه مشروع صهيوني لضرب المشروع الوطني في مقتل ، و من هنأ أنشأت حركة المقاومة الاسلامية حماس و التي أولى أجنداتها أن تكون بديلاً لمنظمة التحرير و ثانيا رسم شعارات مختلفة لكسب الشارع الفلسطيني منها الإسلام هو الحل و تحرير فلسطين من البحر إلى النهر بغض النظر عن صدق من صاغوا ذلك البرنامج عند الإنطلاقة من جديد ، حيث كان لهؤلاء المؤسسين صدق فيما خطوه بما فيه أن يكونو بديل للهوية الفلسطينية بمفهومها الديني وهذا ما تريده اسرائيل ، فكانت هناك صولات و جولات من المفاوضات مع قادتها في السجون الإسرائيلية أواخر الثمانينات لتمرير تلك المشاريع المشبوهة و منهم من هو حي يرزق حتى يومنا هذا ، فمع صعود حماس شعبياً في الوسط الفلسطيني بتقديمها لمزيداً من الشهداء و الأسرى و الجرحى و الخدمات الإجتماعية كان الكيان الصهيوني ينشط طردياً داخل تلك الحركة بزرع العملاء في كثير من مفاصلها للاستيلاء على عقلها و التحكم بها حيث لا تدري، فأنظر إين هم المؤسسين لتلك الحركة ؟
فتجد منهم من أُغتيل و أخر من رحل إلى جوار ربه بحكم المرض أو تقدم السن وفريق آخر من تلك المؤسسين من أُقصي أو طُرد من تلك الحركة وهم أحياء يُرزقون ، حتى يستفرد التيار الصهيوني و الذي أصبح متمكناً في مفاصل تلك الحركة من الإنقضاض على الهوية الفلسطينية من خلال طُهر و عفة أبناء تلك الحركة الشرفاء و الذين آمنوا بتلك الشعارات بتحرير فلسطين كلها و لكن بغسل ادمغتهم من لم يكن من تلك الحركة فهو خائن أو غير مؤتمن عليه ، فبداية الإنقسام كانت عملياً منذ بداية الإنتفاضة الثانية بإستغلال حماس المواجهة بين منظمة التحرير و العدو الصهيوني إبان فشل مباحثات كامب ديفيد، فهنا كان قرار من قيادة حركة حماس بشراء كل قطعة سلاح مهما كان سعرها في الضفة و القطاع ، حيث ساعدت اسرائيل في ضخ كثير من هذا السلاح في تلك الفترة ، فأصبح الداخل الفلسطيني غابة من البنادق و الإنفلات الأمني، حيث تدور الدوائر و يُغتيل ياسر عرفات و قبله أبو علي مصطفى و كثير من قيادات حماس من الشيخ أحمد ياسين و الرنتيسي ، ففي تلك المرحلة انتهت اسرائيل من بناء الجدار الفاصل بالضفة الفلسطينية لخلق مجتمعات متفككة غير مترابطة حتى يسهل قضم مزيد من الأراضي الفلسطينية لبناء مزيداً من المستوطنات ، فإنسحبت إسرائيل من طرف واحد من قطاع غزة ، فبعد كل هذا بدء العمل الفعلي للتيار الصهيوني داخل حركة حماس بالإنقضاض على الحركة للعبث المباشر بالهوية الفلسطينية، حيث حلل ما هو حرام في ابجديات الحركة في دخول أوسلو و مؤسساته و خوض الإنتخابات الفلسطينية تحت بند الدعم و المحافظة على المقاومة، فبعد أن شهد العالم العربي و الاسلامي بفوزهم بالانتخابات الفلسطينية تم الانقضاض على المشروع الوطني حسب التوقيت الإسرائيلي بقتل الفلسطيني بإيدي فلسطينية ، وبعدها عقدت مؤتمرات هنا و هناك حتى يكون هناك كيان بديلاً بقيادة التيار الصهيوني في حركة حماس لمنظمة التحرير الفلسطينية، ففشلو في ذلك بسبب ممانعة الشعب الفلسطيني على الفطرة لمشاريع اقل ما قيل عنها صهيونية بإمتياز، وبعد ذلك الفشل إرادو العبث في منظمة التحرير من داخلها بمطالبتهم الحثيثة بالدخول إليها و لكن بشروطهم ، وهم من رفضوا الدخول في تلك المنظمة قبل اكثر من ربع قرن حيث أجندات تلك الحركة في لبناتها الاولى كانت و مازالت أن تكون بديل لمنظمة التحرير كما رسمها لهم الإحتلال الإسرائيلي، فبعد كل هذا بدء إنكشاف عورة هذا التيار الذي يقود تلك الحركة و مخططاته ، فتم تدجين و تحريف الدستور التي إنطلقت على اساسه حماس و التي سٌميت بوثيقة حماس السياسية( التنازل عن شعار تحرير كل فلسطين) ، بعد أن أنهكت الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بحصار و حروب أدت إلى ترويض الناس بالقبول باي شي من أجل لقمة عيشهم ، فهنا كان تقاربهم تحت الشمس مع الجانب الإسرائيلي بوجود حلول أقل ما أقره سقف أوسلو بمئات الاميال بسلخ القطاع انسانيا دون ان يكون هناك مسمى فلسطيني له علاوة على تسهيل المعونات و التسول على نواصي الدول ، حيث أٌريد لتلك البندقية بدل ان تكون لتحرير فلسطين أريد لها كما خطط أن تكون بندقية تعمل لخدمة المشروع الصهيوني بطمس تلك الهوية و لكن بإيدي فلسطينية أسقطت من زمن في وحل الخيانة و أٌلبست عمامة الدين و الطهارة من إجل الإنقضاض على الشعب الفلسطيني في المكان و التوقيت المناسبين ، فتمرير تلك الأجندات المشبوهة يعتمد على قدرة الشعب الفلسطيني للتصدي لها و هذا مؤكد ، و ثانياً يعتمد على رجال و شباب حركة حماس الشرفاء الذين غٌرر بهم لخدمة تلك المشروع الصهيوني دون أن يعلمو بذلك، فلهذا نجزم بأن هناك ليست أي شبه بيننا وبين ذلك التيار حتى نمثله أو يمثلنا .

اخر الأخبار