تفنيد إدعاء المجلس التشريعي عدم انتهاء ولايته

تابعنا على:   23:33 2018-09-26

أ.أحمد جمال النجار

بداية أفضل الدخول في صلب الموضوع دون تقديم...الرئيس الفلسطيني و البرلمان كلاهما بلا استثناء انقضت ولايتهم الدستورية و الديمقراطية الممنوحة لهما من الأغلبية المطلقة المشاركة في عملية الانتخابات.... نعم انقضت... و زالت... فأعضاء البرلمان مجرد وكلاء.. والأهم أن وكالتهم ليست مؤبدة و إنما محكومة بمدة مؤقتة حددها الدستور بأربع سنوات من تاريخ الانتخاب...بانتهائها تزول عنهم شرعية صندوق الانتخابات والشرعية الدستورية... لتعود الشرعية لصاحبها الأصيل... أما تلك الزائلة تصبح عدما... ومن ثم لا سبيل لإعادة تجديدها مرة أخرى إلا عبر سلوك سبيل واحد و وحيد... اللجوء لمصدر السلطات... مانح الثقة الأصيل... صاحب الشرعية الأبدية والمطلقة.. صاحب السيادة الأبدي... الشعب العربي الفلسطيني.
كل ما سبق دفع بالمشرع الدستوري لأن يكون غاية في الحرص فيما يخص تحصين عملية التداول الدوري للسلطة التشريعية.... لذلك اشترط أن تجري الانتخابات مرة كل أربع سنوات و بصورة دورية... لأن هذا هو المجرى الديمقراطي الصحي والأساس الدستوري للتداول السلمي على السلطة...
أما فيما يخص القول بأن الدستور نص بالمادة (47) مكرر على أنه تنتهي مدة ولاية المجلس التشريعي القائم عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستورية نرد بما يلي :-
هذا النص له شروط لتطبيقه سنعرضها لاحقا، ولكن الأهم من ذلك لابد من إدراك أمر غاية في الأهمية وهو أن مضمون النص السابق لا يعني بأي حال من الأحوال أن يتم مد ولاية المجلس التشريعي للحين الذي تصعد فيه أرواح النواب لبارئها أو لحين أن تمن علينا السلطة الحاكمة و تجري الانتخابات بعد قرن أو نصفه أو ربعه أو عقد أو نصفه...!!!
لماذا نتمسك بهذا النص ونتجاهل بشكل متعمد نص المادة (47/3) من الدستور - القانون الأساسي الفلسطيني-( مدة المجلس التشريعي أربع سنوات من تاريخ انتخابه وتجري الانتخابات مرة كل أربع سنوات بصورة دورية)، فنصوص الدستور تعمل كتلة واحدة ويجب تفسير النص في إطار النصوص ذات العلاقة للوقوف على إرادة المشرع واستجلائها بشكل سليم.
القارئ لنص المادة (47/3) وكذلك (47مكرر) يعتقد للوهلة الأولى أن هناك تعارضاً أو تناقضاً بين المادتين ,فكيف تقل لي مرة أن مدة ولاية المجلس التشريعي 4 سنوات من تاريخ انتخابه, ومرة تنتهي مدة ولاية المجلس عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب لليمين،،و الحقيقية هي عدم وجد أي تعارض ,حيث أنه ينبغي فهم المادة (47مكرر)في إطار المادة (47/3),حيث يتضح أن المشرع حينما قام بإجراء التعديل ,وضع قاعدة عامة تقضي بأن النطاق الزمني للولاية الدستورية للمجلس التشريعي تتمثل ب أربع سنوات من تاريخ انتخابه,ثم جاء وأورد استثناءً عليها يقضي بمد الولاية الدستورية و هو استثناء تطبيقه مرهون بتوافر شروط..
فالعلة من استحداث نص مد الولاية، من خلال التعديل الذي أجرى على القانون الأساسي عام 2006م باضافة المادة 47 مكرر ، هي أنه قد يحدث عارض ما يؤدي إلى تأخر أعضاء المجلس الجديد المنتخب في حلف اليمين الدستورية لمدة زمنية معقولة تقدر بالأيام وهو ما سيترتب عليه أمام انتهاء مدة ولاية البرلمان السابق(4سنوات من تاريخ انتخابه) ...انزلاق البلاد في حالة فراغ تشريعي أي تصبح بدون برلمان فعال ... لذلك جاء المشرع واستحدث نص مد الولاية لحين انتهاء أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب من اليمين الدستوري...و الأكثر أهمية هنا انه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تطبيق هذا النص - يجب أن يسبقه تحقق الوقائع التالية :
إجراء الانتخابات في موعدها المقرر دستوريا - أي مرة كل أربع سنوات وبصورة دورية- و هو ما لم يحصل...
وهذا الارتباط غير القابل للتجزئة بين مد الولاية وإجراء الانتخابات البرلمانية يقتضيه المنطق الدستوري القويم.. لأن مد الولاية الطارئ يجب ألا يتعارض مع دورية إجراء الانتخابات البرلمانية التي نص عليها المشرع الدستوري كل 4 سنوات و الا يصبح الأصل هو أن ولاية المجلس التشريعي غير محددة بمدة معينة.. وهذا أمر ما يتعارض جملة وتفصيلا مع ما تبناه دستورنا الفلسطيني -القانون الأساسي - الذي كان واضحا بخصوص هذا الأمر...
و لو افترضنا جدلا جدلا جدلا توافر الوقائع السابقة وبناء عليه أن أعضاء المجلس الحالي مدت ولايتهم فإن ذلك لا يعني بأي شكل من الأشكال عدم انقضاء ولايتهم الديمقراطية الأصلية، فهذا أمر يأباه المنطق الدستوري فمد الولاية الاستثنائي لايكون إلا بعد انقضاء المدة الأصيلة أساسا... لذلك الإقرار بمد الولاية الطارئ هو اعتراف ضمني بانقضاء مدة الولاية الأصيلة للبرلمان والتي تحكم علاقة النواب بجمهور ناخبيهم....
وبناء على كل ما سبق، فإن حفلات ادعاء الشرعية الصاخبة التي نسمع لا تعدو سوى مجرد نشاز لحني منبت الصلة بالنوتة الدستورية.

اخر الأخبار