هناك من يطرق جدار الصمت

تابعنا على:   23:47 2013-10-25

د. تحسين الاسطل

انفجر الوسط الصحفي في قطاع غزة وانقسمت الآراء فيه وتباينت حول الخطاب الذي ألقاه الزميل الصحفي الواعد نصر أبو الفول ، رئيس الشبكة الفلسطينية للإعلام ، من خلال الإعلام البديل ، أو الإعلام الشعبي ، أو إعلام المواطن ، واستطاع استخدام أدواته في إعلام متكامل يطمح مع فريقه أن يحقق النجاح ، رغم قلة الإمكانيات وعوز الحال لشباب تحترم الطاقات الكامنة بداخلها ، وتريد أن تفعل شيء ايجابي ونافع للمجتمع الذي تعيش فيه .

عرفت الزميل أبو الفول منذ سنوات ، من خلال نشاطه ومشاركته الدائمة مع فريقه في الفعاليات والنشاطات التي تنفذ في قطاع غزة ، بكل أشكالها وألوانها والتي تنظمها مؤسسات المجتمع المدني ، وفصائل العمل الوطني ، وصراحة كنت اقدر هذا الشاب الذي كان يمارس العمل الصحفي ، ويسأل ويناقش برغم انه لا يمتلك الوسيلة الإعلامية التي يعمل لصالحها ، وعندما أصبحت هذه مشكلة حقيقية تعترض طموحاته ، قرر وزملاءه صناعة الوسيلة الإعلامية "الشبكة الفلسطينية للإعلام" ، والتي اتاح له الإعلام البديل أو الإعلام الالكتروني المنبر الذي يستطيع أن يصل برسالته مع فريقه إلى المجتمع، ويقولوا للجميع نحن نعمل لصالح الشبكة الفلسطينية للإعلام ، التي لم تكن في حينه غير مجموعة بريدية توزع الأخبار على المؤسسات الإعلامية .

وما زلت اذكر ذلك اليوم الذي لجأ فيه الزميل نصر أبو الفول إلي بيته الطبيعي الذي يجب أن يكون فيه " نقابة الصحفيين الفلسطينيين " يطلب عضوية النقابة له ولفريقه العامل بالشبكة، وحينها يقف الإنسان حائرا بين نظام النقابة وشروطها، وبين طموحات مجموعة من الشباب الواعد التي تريد أن تنطلق وتفعل شيء، بعد أن أغلقت كل الابوب أمامها، ولم يجدوا الفرصة الطبيعية لأي شاب تخرج من الجامعة، فتلك الفرصة أصبحت حصريا في غزة ملك لأصحاب الفصائل، وأصحاب بزنس منظمات المجتمع المدني، التي أصبحت حكرا لأشخاص معنيين يعرفون طريقها دون غيرهم، في ظل الانقسام وغياب السلطة .

واذكر عندما ثار نصر في مقر النقابة، وأنا أقول له شروط عضوية نقابة الصحفيين لأي مؤسسة، مثل المقر، وعقود العاملين، وسجل المؤسسة، وترخيصها من الجهات المعنية ،- حين قال ومعه كل الحق- إذا لم تقف معي نقابة الصحفيين من الذي سيقف معنا نحن الشباب ، وأمام ثورة نصر حق منطقة ، ولأنني على قاعة تامة أن المشكلة ليس في نصر وإنما المجتمع والظروف الغريبة غير الطبيعية التي وجد نفسه بها ، ولمساعدة نصر وغيره من الشباب خريجي الإعلام كان قرار النقابة بمنح العضوية المؤقتة ، التي تمنح للأعضاء الذين لم يستوفوا احد شروط الحصول على العضوية .

استمر نصر يبحث ويجاهد وينحت في صخر غزة، ليجد للشبكة التي صنعها بالجهد الذاتي المكان بين المؤسسات الإعلامية، التي تقف خلفها جهات كبيرة بكل ألوانها واتجاهاتها، فيما نصر يقف معه مجموعة من الشباب امنوا بربهم وزادهم هدى، فكثير من الأشياء التي يفعلها نصر وطاقمه ينظر إليها البعض على أنها علامات الجنون أو اليأس ، لذي قناعة أنها مدروسة بدقه بكل تفاصيلها ، ويقصد منها إحداث هذا الجدل ، فالصحفي الناجح والمبدع هو الذي يستطيع أن يفعل ما لا يتوقعه الآخرين ، ويستطيع أن يحدث جدل في عمله بشرط أن يكون عملا ايجابيا، وهذا ما فعله نصر وطاقمه الصحفي.

اليوم طرق نصر وطاقمه الإعلامي جدار الخزان، وسمع الوسط الإعلامي في فلسطين هذا الطرق ، الذي ينبئ عن طاقات وخبرات مدفونة وكامنة يمكن أن تموت دون أن يعلم عنها احد ، ويمكن أن تستغل في مكان خطأ وسلبي ، الأمر الذي أثاره نصر في خطابه وعبر عنه بوضوح ، فأعلن انه استطاع أن يفعل شيء واسم بجهود ذاتية ومجموعة من الشباب ، ولم يستسلموا لليأس والواقع الصعب ، ولم ينجرفوا إلى الخطأ أو الأعمال السلبية .

أقول لنصر وطاقمه الإعلامي من الشباب، استمروا في طرق خزان الصمت ، ونقابة الصحفيين الفلسطينيين بيتك الطبيعي لك ولزملائك ولجميع خريجي الصحافة والإعلام ، وستبدأ نقابة الصحفيين في دراسة السبل لتسهيل التحاقهم بالنقابة والحصول على عضويتها، علهم يجدوا الفرصة المناسبة للعمل ، وهذه مسؤولية المجتمع ومؤسساته كلا في مكانه عليه أن يعمل من اجل أن يوفر سبل العيش الكريم لشبابنا.

ملاحظة : في ظل إعلام المواطن والإعلام البديل ، لم تعد الخطابات والتصريحات حكرا على أصحاب المنابر ووسائل الإعلام ، فالمواطن يمكن أن يعبر عن مظلمته وعن طموحاته ، وان يساهم بشكل ايجابي في النقد البناء والبحث عن الحقوق، ولأول مرة شاب من غزة يكسر صمتها ويخرج بخطاب يهم شريحة كبيرة من المجتمع ، في ظل تجاهل أصحاب الخطابات ، وأصحاب القرار.

اخر الأخبار