لجنة المصالحة الوطنية ــ أين؟

تابعنا على:   23:08 2014-05-12

 بقلم: حسن عصفور

يوما بعد يوم يتأكد المواطن الفلسطيني أن الاستهتار أصبح سمة من سمات الحالة الفلسطينية حتى وصل بنا الأمر إلى ما وصلنا إليه ... ومع كل غوغاء الكلام المسموع والمقروء عن الحرص الوطني، والوحدة الوطنية والتلاحم والعدو المشترك وصل به الأمر حد أنه أصبح لا يعرف ماذا سيكون حاله بعد لحظات .. وكيف ستمضي الساعات القادمة له ولأسرته وأطفاله، وكثيرة هي الاحتمالات.

 المهم أن ذلك الحال، أصبح وكأنه عادة يومية لا تحتاج إلى شيء سوى أن ينادي شخص ما في الجهاز الذي يحمله، أن هناك تحركا ما فتجد الجميع ينادي الجميع للانتشار قبل أن تتم سرقة الموقع، الحارة، راس الشارع، مدخل الطريق، الأبراج، المساجد، تطويق مناطق.. وهكذا تحدث حركة ونشاط وفعل بسرعة البرق، المهم إظهار العضلات المسلحة بعيدا عن الإحساس الذي تميز به الإنسان الفلسطيني يوما ما، لم يكن شعبنا بليدا تجاه الفعل، أي فعل، ضد كوارث الزمن الحاضر كما هو في هذه الفترة.

 ولأن الوضع أصبح وكأنه خارج السيطرة .. لم يعد هناك شعور لدى أحد بأن الأمور ستأخذ منحىً مختلفا خاصة وأن اليوم الواحد يشهد في قطاع غزة، أكثر من \\\"اتفاق\\\" لتهدئة الوضع وسحب المسلحين، وإزالة الحواجز، ويمكن لكل من يعرف الكلام إن يعيدها لأنها حفظت عن ظهر قلب وكان الله في عون الوفد المصري الذي يكتب أو يراقب الكتابة لكلمات لم يعد لها أية قيمة.

 المأساة الحقيقية أن الاتهامات المتبادلة بين الطرفين تستخدم ذات اللغة مع تغيير بسيط هو أن \\\"فتح\\\" تقول \\\"التيار الدموي\\\" وحماس تقول \\\"التيار الانقلابي\\\" وكأن الأمور ليست سوى كلمات هنا وهناك.

 ان استمرار المأساة الى هذا الحد أن تسير المسألة بعقلية الثأر القبلي والعشائري البعيد كل البعد عن أي حس بالوطن أو بالشعب أو بالقضية لهو أمر خطير.

 فإذا ما تمت الإساءة أو الاعتداء على أحد أبناء القبيلة لا يفكر أحد بالتروي لقطع دابر الفتنة لاستيضاح مجريات الأحداث علّه يمنع مأساة .. بل ينطلق الجميع للأخذ بالثأر وإلحاق الأذى بأكبر قدر يمكن إلحاق الأذى به، والمهم أن يعود ابن القبيلة وقد حقق أكبر قدر من الإيذاء للطرف الآخر بحيث أصبحت اللغة المتداولة كم وكم وكم ..باختصار هل الكفة متعادلة أم لا ؟..

 تعابير دخلت القاموس السياسي الفلسطيني بحيث أصبحت هي الأعلى في الممارسة والتطبيق حتى ان جرائم الاحتلال لم تعد تلك الجرائم المرتكبة التي تستحق الالتفات اليها.

 وبعدها يعلن \\\"اتفاق\\\" ثم نكتشف العكس لان من يقوم بذلك لم يعد يشعر بإحساس الإنسان الفلسطيني بشكل عام (غير المسلح وغير المتسلح) والذي أصبح بالنسبة له اداة يستخدمها في الخديعة القائمة .

 ان قطاع غزة الذي شهد نقاشات حادة وساخنة لعدد من القوى (خمسة فصائل) قبل فترة تريد أن يقوم الرئيس بتصويب قراره حول تشكيل لجنة \\\"المصالحة الوطنية\\\" والتي اعتبرها رئيس الوزراء الفلسطيني \\\"واجبا شرعيا\\\" وتجاوب الرئيس وتحدث الجميع عن \\\"اللجنة الوطنية للمصالحة\\\" برئيس، ومرسوم، وفرمان، وهيلمان ...وغيره، ومنذ ذلك الحين لم نسمع شيئا له علاقة بالتسمية وربما لن نسمع عنها إلا إذا وصلت إلى حد المحاصصة والامتياز الشكلي أو حمل الألقاب كعضو لجنة مصالحة من اجل ألقاب تضاف الى الألقاب المستخدمة في وسائل الإعلام.

 لجنة المصالحة التي كانت مطلبا للجميع لم يعد يسمع احد بها، بل لم يعد يريدها احد، الكل يتهرب رئيسا وأعضاء وكأن المطلوب من الفلسطيني أن يخرج مسيرات ترجٍّ كما يحدث في دول عربية شقيقة وقريبة لمبايعة اللجنة ورئيسها ونكتفي بتلك المسيرة لان لا احد يريد المصالحة كما يقول بعض ممن أراد ان يكون ضمن عضوية اللجنة.

 لماذا البيانات التي طالبت أن تضم اللجنة في عضويتها ممثلي الفصائل الخمس، الى جانب من هم أعضاء ؟ أليس من أجل ان يصبح لها ثقل وطني وسياسي واجتماعي يقدم للفلسطيني بعضا من الأمل في أنه لا زال هناك شيء لديه في هذا الوطن الذي يدنسه الاحتلال ويذله \\\"التقاتل\\\" والفلتان .. وكلاهما دنس يجب محاربته.

 ان اللجنة لم تتشكل وجاهة سياسية بل كان لها هدف، وغرض محدد لمواجهة كل ما نتج عن المأساة الوطنية، وربما يقول البعض كيف نعمل في ظل التقاتل؟ فاللجنة التي تشكلت لمؤازرة الإنسان الفلسطيني لا تستطيع العمل .. اذن، لماذا هي باقية بمرسوم رئاسي، هل وصلت قيمة المراسيم الرئاسية حدّ أن تصبح لا شيئا في الحركة السياسية ؟ فإذا كنا لا نستطيع احترام ذلك فالأفضل للرئيس ومكتبه إلغاء المرسوم لأنه لا يجوز أن تصبح مراسيم الرئيس مهانة الى هذا الحد .. فإلغاء المرسوم الذي لا يعمل أفضل حالا من تكديس مراسيم، وربما يأتي إلغاء مرسوم حول قضية محددة عاملا محركا لقضية ما ..

 لجنة المصالحة هل ما زالت صالحة للمصالحة ؟.. مع الاحترام لا.. إلى أن يخرج من يقول لمن يخطئ أخطأت ولو لمرة واحدة.

 

12 حزيران 2007

اخر الأخبار