هل المصالحة الفلسطينية شأناً فلسطينياً؟

تابعنا على:   06:07 2014-05-01

رائد محمد حلس

بعد سبع سنوات من الانقسام الفلسطيني الداخلي, ونجاح حركتي فتح وحماس ومن داخل مدينة غزة التوقيع على اتفاق المصالحة والذي يستند إلى إقامة حكومة وحدة وطنية في غضون خمسة أسابيع وإجراء انتخابات عامة جديدة ترددت مقولة أن المصالحة الفلسطينية ليست شأناً فلسطينياً بل عربياً وإقليمياً ودولياً, وكأن من يرددها يريد أن يقول أن المصالحة غير ممكنة بل مستحيلة في ظل المصالح المتعارضة والمتناقضة فلسطينياً وعربياً وإقليمياً ودولياً, دون أن يدرك هؤلاء المرددين أن القضايا السياسية لأي مجتمع لا يمكن أن تتم بمعزل عن محيطها الخارجي, وأن مكونات القضايا السياسية هي مكونات ذاتية وموضوعية في الوقت نفسه, وفي هذا الصدد يمكن الرجوع إلى تعريف السياسة, والتي تعرف بأنها فن الممكن, وأنها تعني البحث عن تقاطع المصالح, أي أن التآمر السياسي من أجل تحقيق خدمة المصالح والأهداف المنشودة ليس مستبعداً في الشأن السياسي على صعيد الفكر والممارسة.

وعليه يمكن القول أن هذا الاتفاق, قد اتيح بفضل تقاطع مصالح نادر بين فتح وحماس, فحركة حماس تواقة لشيء وحيد وهو الدعم المالي من السلطة الفلسطينية, ليعوضها عن فقدان السند الاقتصادي والاستراتيجي في إيران وغياب مصادر الدخل الأخرى وعلى رأسها دول الخليج, أما من جانب الرئيس محمود عباس أبو مازن فالمصالحة تعد مرحلة ضرورية لاستكمال استنفاذ الخطوات مع مؤسسات الأمم المتحدة وأهمها أن يكون للشعب الفلسطيني قيادة موحدة وليس كيانين متخاصمين.

إن من يعتقد أن المصالحة يمكن أن تكون شأناً فلسطينياً فقط فهو مخطئ خاصة وأن الأطراف الفلسطينية ليست أطراف مستقلة لا على المستوى السياسي أو المالي بل لها تأثرات كبيرة بالمحيط, فالسلطة الفلسطينية ملتزمة باتفاقات سياسية وأمنية ومالية, وحركة حماس تحكمها موازين قوى وارتباطات بمحاور سياسية وأمنية ومالية, وبالتالي لا يمكن الحديث عن قرار فلسطيني مستقل مائة بالمائة, وهذا لا يعني أن واقع الشأن الفلسطيني محكوم بقراراته للغير ولا يستطيع أن يحلق بعيداً عن نفوذ وسيطرة المحيط بل يعني أن الشأن الفلسطيني يواجه تحديات كبيرة في اتخاذ القرارات الهامة والمصيرية.

إن تطبيق المصالحة تحتاج إلى صفاء النية والإرادة القوية, وغياب التدخلات الخارجية, فالشعب الفلسطيني مكتوى بنار الاحتلال والانقسام ويئن من وطأة الحصار والبطالة والجوع والمرض, لذلك لم يخرج مهللا ومبتهجا ليس لأنه لا يريد المصالحة.. لكن لأنه لدغ مرات ومرات من فشل جميع الاتفاقات السابقة, الأمر الذي يتطلب من حركتي فتح وحماس الوقوف أمام مسؤولياتهم أمام شعبهم, وأن يكون لديهما القدرة على انقاذ شعبنا وتجنيبه المخاطر واخراجه من حالة الاحباط اليأس .. من خلال قمع الشيطان الذي يكمن في التفاصيل وتجاوز أي عقبات, والسرعة في تشكيل حكومة التوافق ومكوناتها من الكفاءات الوطنية ومدى قدرتها على عبور هذه المرحلة الدقيقة والحساسة وانجاز ملفات الحريات و المصالحة المجتمعية والتحضير للانتخابات.

 

 

اخر الأخبار