دوامة العنف السياسي في العراق

تابعنا على:   22:36 2013-10-23

إيمان موسى النمس

يعاني العراق من ظاهرة متفاقمة بشكل مقلق هي احداث العنف التي تطال المؤسسات والأفراد في مختلف محافظاته ،واهم ما يمكن ملاحظته على الاحداث العنيفة انها تتركز في مناطق الصدع الطائفي في العراق والمناطق الحدودية مع سوريا واغلبها تستهدف الاماكن كثيفة التواجد البشري ، حيث دور العبادة والمدارس ومراكز الشرطة ومقار العزاء ومواقف السيارات والمؤسسات القضائية ، وقد كانت الحصيلة البسيطة حسب ما تشير اليه الإحصاءات الى ارتفاع عدد القتلى من نحو 3000 شخص إلى نحو 5000 خلال الفترة الممتدة من اوت 2012 الى اوت 2013.

وتنوعت الجماعات المسؤولة عن العنف والقتل بين القاعدة والجماعات السنية المهمشة التي استشعرت ان قطاعا هاما من العراقيين السنة تم استبعادهم من لعب دور اساسي في رسم مستقبل العراق والمشاركة السياسية الفاعلة .

ومن اهم اسباب ارتفاع العنف في العراق هشاشة الوضع السياسي وضعف الاجهزة الامنية من الناحية الفنية وتسييسها واختراقها من قبل المليشيات المسلحة وضعف التنسيق بين اجهزة الامن في المحافظات مع الاجهزة المركزية ،فضلا عن توفر الاسلحة والحديث هنا عن اسلحة من النوع الذي يحدث اضرار جسيمة مثل قنابل الهاون وقاذفات ضد الدروع وألغام ضد الدبابات ،ومن ضمن العوامل التي عملت على تأجيج العنف تنامي تنظيم القاعدة واستمرار الصراع السوري ، والانقسام الطائفي وحالة السخط المجتمعي بسبب رداءة الظروف الاقتصادية والأمنية .

هذا وقد عرف العراق سنوات جهنمية من قبل حيث وصلت اعمال العنف ذروتها في الفترة الممتدة من 2006 الى 2008 مما دعا القبائل الى توحيد صفوفها للقضاء على تنظيم القاعدة وهو ما دفع هذه الاخيرة الى الاختباء وتقليل نشاطها جزئيا . كما شهد العراق عقب هذه الفترة انخفاضا ملحوظا في عدد القتلى بسبب سياسيات امنية ركزت على تعزيز وتنظيم جهاز الداخلية وتشكيل قوات الصحوة .

لكن عودة العنف بنفس الوتيرة السابقة يعني ان السياسات الامنية عالجت الاعراض الظاهرة دون ان تقضي على الاسباب البنيوية والحقيقة التي عملت على تغذية موجة العنف فحالة اللاعدالة و هشاشة المؤسسات وغيابها وجمودها من الامور التي لم تعالج حتى الان ،رغم التداعيات الخطيرة التي تمثلها حالة استمرار العنف من نزوح داخلي وضرب الاستقرار المجتمعي وتضيع جهود التنمية والبناء .

فما يحتاجه العراق الان هو مصالحة سياسية ومجتمعية عميقة وإرساء نظام واضح للعدالة الانتقالية والعمل على تحقيق الاندماج بين الطوائف المختلفة وليس ترسيخ النظام الطائفي في المؤسسات عن طريق المحاصصة او الديمقراطية التوافقية ، مع العمل على بناء قدرات الاجهزة الامنية وتأهيلها .

اخر الأخبار