المصالحة بين الواقع والطموح

تابعنا على:   16:24 2014-04-26

م. جمال نصر

لقد اعتادت فصائل العمل الكفاحي على نهج العمل الوحدوي بغض النظر عن الاختلاف في السياسة والأيدلوجيا لأنها لم تكن تختلف على الهدف السامي في تحرير فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ، ولكن ما يجري على الساحة الفلسطينية من انقسام لكل مؤسسات الشعب الفلسطيني هو انقسام أفقي وعمودي أفقد المؤسسة الفلسطينية والوطن الفلسطيني العديد من أسلحة مقاومة الاحتلال ، وأضعف من قدرة شعبنا على الصمود في وجه آلة الدمار الإسرائيلية ، ومزق الوحدة القانونية لمؤسسات السلطة ودورها وهيبتها ، وأوجد خللاً في النظام السياسي الفلسطيني ، وساهم أيضاً في دمار البنية الاقتصادية والاجتماعية والتي تشكل البيئة لأي نهــوض سياسي مقاوم مما أفقد الكثير من طبقــات الشعب الفلسطيني في القدرة على الصمود في مواجهة السياسات الإسرائيلية والمتمثلة في تهويد القدس والاستيطان وجدار الفصل العنصري ، كما أفقدنا هذا الانقسام توفير مقومات الدعم العربي والدعم الدولي لقضيتنا العادلة ومحاولات كسب أصدقاء جدد .

إن توحيد شطري الوطن هي ضمانة وطنية لكل المعارك التي يخوضها شعبنا سواء على صعيد المقاومة والمفاوضات والتي يجب إيجاد آلية للتزاوج بينهما على أساس أن العملية الكفاحية الوطنية تستند للحد الأدنى من القواسم الوطنية لكل فصائل العمل الكفاحي الفلسطيني .

إن مرور ثمانية أعوام على الانقسام في الساحة الفلسطينية قد خلق حالة من الإحباط لدى ابن الشارع الفلسطيني ، وأصبح لا يثق بكل الخطوات التي ما زالت تراوح مكانها في عدم الاستجابة لصوت الشعب الذي تعصف به رياح البحث عن الحرية ولقمة العيش الكريمة ، حيث النسب العالية من البطالة وتفشي الأمراض الاجتماعية والنفسية وتدهور كافة مناحي الحياة \\\" الصحة والتعليم .... الخ \\\" .

إن كل الزيارات المكوكية من أجل إنهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني وزيارة الوفد القيادي الأخير من أجل وضع اللمسات الأخيرة ، حيث التصريحات المتواترة لعديد من قيادات فتح وحماس في كل مرة تؤكد على أن ساعات قليلة تفصلنا عن توقيع اتفاق المصالحة ، ولكن أحاول الحذر هنا من أن لا يكون هذا اللقاء الأخير هو فعلاً استحقاق وطني لا أن يكون خروج من مأزق لقطبي الانقسام في تعثر المفاوضات والوضع الاقتصادي السيئ نتيجة للحصار الإسرائيلي الخانق على القطاع وإغلاق معابر الموت في رفح .

إن إعادة الإنشداد من قطبي الانقسام كل لبرنامجه ومصالحه الذاتية الضيقة لن يكون سهلاً على القضية الوطنية وأحذر من هذا السلوك والذي سيعطي العدو الإسرائيلي دفعة إلى الأمام بالانقضاض على كل ما هو وطني ، وستزداد وتيرة الاستيطان والاعتداء على المسجد الأقصى ، وسيترسم جدار الفصل العنصري وسيلجأ الاحتلال إلى الانسحاب من طرف واحد ، ويعتبر أن حدود الدولة الفلسطينية ليس الرابع من حزيران لعام 67 بل جدار الفصل العنصري .

لقد بات من الضروري العمل على إحداث الوحدة الوطنية وتوحيد شطري الوطن لاستنهاض الطاقات الشعبية والجماهيرية في مواجهة الاحتلال ، وذلك من خلال تقييم المرحلة السابقة واستخلاص العبر والدروس وعلى كافة الصعد ، والذهاب لحوار وطني شامل يعتمد في أساسه على الشراكة السياسية الحقيقية ويصوغ برنامجاً وطنياً تتفق عليه كل القوى باعتماده كبرنامجاً كفاحياً يعزز من صمود شعبنا ويخوض المعركة الكفاحية ضد الاحتلال وسياساته بكافة أشكال النضال ، والتي يجب أن تكون مشمولة في البرنامج الوطني . وعليه فإن برنامج الوفاق الوطني \\\" وثيقة الأسرى \\\" يمكن أن يشكل قاعدة لهذا الحوار ، وعليه بات من الضروري العمل على إعادة تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية وأذرعها الكفاحية والجماهيرية في استنهاض كل الطاقات الشعبية ، وضمان مشاركة حركة الجهاد الإسلامي والأخوة في حركة المقاومة الإسلامية حماس في إطار مؤسسات م.ت.ف للتصدي للمشروع الأمريكي – الصهيوني والكامن في يهودية الدولة ، والذي يدمر جوهر ولب الصراع العربي الفلسطيني- الإسرائيلي ، قضية عودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها عام 1948 ، وحقهم في التعويض عن الأضرار التي نجمت عن هذا الاقتلاع وفق القرار 194 ، وتحميل إسرائيل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن هذا الحق ، وضرورة العمل على تفعيل دورنا المشارك في كل المؤسسات والمعاهدات الدولية التي تضمن حقوق شعبنا ، وتحاكم الاحتلال على جرائمه اليومية بحق الإنسان والأرض الفلسطينية .

لقد بات من الملح والضروري العمل على احترام اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة والمضي قدماً إلى تشكيل حكومة التوافق الوطني لإنجاز مهامها في ترميم نتائج الانقسام ، والتحضير الجدي للعملية الديمقراطية والمتمثلة في الانتخابات لكافة مؤسساته الوطنية . وعليه فمن الضروري تهيئة الأجواء المساعدة لذلك من قبل قطبي الانقسام ، من خلال وقف التراشق الإعلامي واحترام الحريات وتحريم الاعتقال السياسي وحق التظاهر ، ولكن يبقى السؤال الأهم هل ستسمر وتترسخ المصالحة الوطنية إذا ما حل كل طرف من الطرفين مسألة الضغوطات والمتمثلة في فتح المعابر وتمديد عملية المفاوضات ؟ وهل ستقبل حركة حماس بحل الدولتين وفق خطاب الأخ خالد مشعل إبان توقيع اتفاق القاهرة ؟؟ أسئلة كثيرة مطروحة ولكن من الممكن أن يتم معالجة كل هذه الأمور والأسئلة المشروعة في أن تبقى الوحدة الوطنية هي صمام الأمان للمشروع الوطني لا أن يكون اتفاق المصالحة لإدارة الانقسام !! وعلى الفصائل الوطنية الأخرى العمل على ممارسة الضغط على الطرفين للبدء الفوري بخطوات جدية وملموسة على الأرض ليتحقق الأمل بفجر جديد وتحقيق طموحات شعبنا في التوحد لإنجاز مهمة إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة .

 

اخر الأخبار