تعالوا نبني أجهزة أمنية وشرطية لكل الوطن

تابعنا على:   01:46 2014-04-25

أحمد قرموط

بعد انهاء الانقسام ، تعالوا لنعمل على بناء أجهزة أمنية وشرطية تتناسب والمرحلة التي يمر بها المجتمع الفلسطيني خاصة بعدما تعرض له هذا المجتمع من انقسام بغيض ، أحد بنود الانقسام بل والأساس فيه هو الخلاف على الأجهزة الأمنية والشرطية.
المجتمعات كلها لها تجارب في هذا المجال حيث أنصع التجارب هي التي عملت على بناء ما نتحدث عنه على أساس مهني أولا ، وعملية بناء المؤسسات غير قابلة للهدم و ذات عقيدة وطنية ثابتة وراسخة للانتماء للوطن والشعب.
أين نحن من ذلك ،تجاربنا في هذا المجال كبيرة ولدينا الكادر الذي يستطيع بناء الكثير والحقيقة لأكثر من فلسطين، حيث لدينا تجربة جيش التحرير الفلسطيني منذ تأسيس المنظمة، ولدينا تجربة جيش التحرير الوطني الفلسطيني منذ عام 1983، ولدينا تجارب شرطية في فلسطين ما قبل الاحتلال وبعده ، ولدينا الكوادر التي انتشرت في كثير من البلدان وخاصة في مصر ، كل هذه التجارب بالاضافة لتجربة كل فصيل على حدى من الناحية العسكرية والأمنية.
مع قيام السلطة الوطنية الفلسطينية تأسست الأجهزة الأمنية والشرطية واستندت في عملية بناءها لكل ما تحدثنا في الفقرة السابقة ، وبنت أجهزتها ، وبدأت بعملها واستطاعت أن تقوم بمهامها بالشكل المناسب رغم خارطة التناقضات الداخلية والخارجية المحيطة بها.
ليس موضوعنا الآن دراسة التناقضات التي تعرضت وتتعرض لها هذه الأجهزة وخاصة أن التناقضات الداخلية هي التي دعت إلى ضرورة مناقشة هذا الموضوع وإيجاد الظروف المناسبة والحلول لأجل إنجاح عملية البناء المؤسسي المهني لما نريد.
من السهل أن نقول أن عملية البناء تطلب أحد النقاط التالية بعين الاعتبار وهي:-
أولا- مهنية هذه المؤسسات وهذا بعيدا عن الفصائلية بما يضمن القيام بالمهمات على أساس قانوني وتنفيذ المهام الموكلة.
ثاينا- الوصول بهذه المؤسسات إلى الكفاءة العالية من حيث الإعداد والتدريب والتجهيز.
ثالثا- الإعداد القانوني لهذه المؤسسات، بقانون يحكم عملها ويمكنها من القيام بمهامها واستعدادها للمساءلة أمام الهيئات التشريعية ومنظمات حقوق الانسان.
رابعا – التحديد الواضح للمهام لكل مؤسسة ليضمن قيامها بمهامها في حفظ الأمن والأمان للمواطن يما يضمن سيادة القانون وكذلك في مهمتها في حماية السلطة وأراضيها.
ولكن عملية البناء لما نحن بصدده لا يمكن أن تتم إلا من خلال عملية سياسية واجتماعية معقدة، حيث لا يوجد إجراء فني جاهز لأجل عملية البناء هذه.
بل إن هذه العملية تتطلب أن تتظافر جهود المجتمع الفلسطيني بأكمله لإيجاد أجهزة أمنية مهنية مستقلة مؤسساتية قادرة على الاستمرار والتواصل في تنفيذ مهامها مع المتغيرات السياسية التي من الممكن أن تحدث داخليا وخارجيا.
من هنا فإن جميع عناصر المجتمع الفلسطيني بسلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية وكذلك مؤسسات المجتمع المدني والقوى والأحزاب السياسية مطالبة بأن تشارك في عملية البناء هذه حسب التالي:-
أولا- مهمة السلطة القضائية 
بذلت جهود على هذا الصعيد في الفترة الماضية من عمر السلطة الوطنية الفلسطينية من حيث إعداد القوانين لحماية هذه الأجهزة وحقوق أعضائها وتحديد مهامها وآليات المحاسبة لها وكذلك إيجاد التشريعات التي تضمن التوزيع الواضح للمسؤوليات ما بين وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى وكذلك تنظيم جهاز القضاء العسكري.
ما تحدثنا به يقودنا وخاصة بعد تجربتنا السابقة إلى ضرورة إنجاز التالي من السلطة القضائية:
. إنجاز قانون الخدمة لمنتسبي الأجهزة الأمنية بشكل موحد وكامل للجميع.
.. إيجاد التشريعات التي تحدد مهام الأجهزة ومن الذي يقوم بالضبط القانوني وتحديد الفواصل لذلك وبدقة.
... حماية المواطن من خلال التدخل القانوني من خلال النيابة العامة لقانونية الضبط.
.... المساهمة الفاعلة في إنفاذ القانون بالتعاون الكامل لإنجاز الملفات الأمنية أولا بأول وعدم تأخيرها بما يضمن المحافظة على حقوق المواطنين ،وإنفاذ القانون على المخالفين بهدف تأمين الحماية للمجتمع والمحافظة على الهدوء والسكينة والأمان وهذا يخدم في الوصول إلى وجود الثقة لعمل الأجهزة الأمنية من قبل المواطنين.
ثانيا – المجلس التشريعي
عندما تحدثنا عن التشريعات ودور القضاء في ذلك، هذا لا يكتمل إلا إذا اهتم المجلس التشريعي وسن القوانين اللازمة في اتجاهين :
الأول/ تطوير القوانين اللازمة لبناء الأجهزة الأمنية من حيث مهمتها وفواصل هذه المهمة لكل جهاز وكذلك تعدادها وتجهيزها وحمايتها بالقانون.
الثاني/ تعزيز الرقابة والمحاسبة وهذا يتطلب الكثير من الاهتمام بالتالي :
. تنشيط عمل اللجان المنبثقة عن المجلس التشريعي ذات العلاقة بالأجهزة الأمنية وهي لجنة الداخلية والأمن ولجنة حقوق الانسان ولجنة الشؤون القانونية.
.. على المجلس أن يطلع على المعلومات التي تمكن من الرقابة ومن ثم المحاسبة للأجهزة الأمنية.
... على المجلس إيجاد التعاون ما بين الفصائل والأحزاب السياسية لحل الكثير من القضايا التي تعيق عمل هذه الأجهزة وأهمها إيجاد الطرق المناسبة لحماية هذه الأجهزة لإنفاذ القانون والمساهمة في إيجاد الثقة بين الأجهزة الأمنية والجمهور بما يخدم نهوض المجتمع الفلسطيني و لا يكون دور هذه الفصائل تحريضي وهدام مما يوجد تناقض بين الأجهزة والجمهور.
ثالثا- المنظمات الأهلية وحقوق الانسان 
لها دور في عملية البناء هذه في اتجاهين:
الأول/ الرقابة للأجهزة بما يضمن نجاحها في القيام بمهامها في اتخاذ القانون ، حيث تكون الرقابة دقيقة وعملية وهدفها بناءً وليس هداما ، وهذا يتطلب أن تجد هذه المنظمات طرقا صحيحة للرقابة، حيث توصل رأيها للجهات المختصة في حال وجود التجاوزات لأجل تصحيحها و المحاسبة عليها.
الثاني/ المساهمة في عملية البناء لهذه الأجهزة بما يضمن المهنية أولا ثم تساهم في خلق الروح الديمقراطية في صفوف الأجهزة ومنتسبيها والاهتمام لنشر مفاهيم حقوق الانسان وتطويرها لكي تسود عمل الأجهزة بما يخدم الجمهور ،وهذا يوصلنا إلى مساهمة حقيقية لإيجاد أجهزة أمنية ديمقرطية تساهم في عملية البناء للمجتمع وحمايته و إنفاذ القانون فيه ، وأيضا يعزز دورها في إيجاد الثقة مابين الجمهور وأجهزة الأمن.
رابعا – الأحزاب والقوى السياسية
انطلاقا من المهمة الأساسية للأجهزة الأمنية التي هي حماية المجتمع وإنفاذ القانون فيه ، فهل القوى والاحزاب السياسية تمانع ذلك .
من هنا أعتقد أن هذه القوى والأحزاب يجب أن يكون دورها في إنجاح هذه المهمة وليس العمل على تقويضها ، هذا يتطلب التالي :
. المساهمة في رسم السياسات الاستراتيجية والتكتيكية لعمل الأجهزة الأمنية من خلال الفعالية للأحزاب في مجلس الأمن القومي والمجلس التشريعي و المنظمات الشعبية والأهلية.
.. حماية الأجهزة ودعمها جماهيريا بما يضمن التضامن المجتمعي لأجل حماية القانون والعمل على إنفاذه.
... المحافظة على مهنية الأجهزة والالتزام بعدم العمل الحزبي داخلها ، وإذا أردنا النجاح لنبتعد عن العمل السياسي فيها ،وعلى منتسبي هذه الأجهزة أن يلتزموا بعقيدتها والتعليمات التي تصدر لهم. 
(هؤلاء المنتسبين ممكن سابقا أن يكون لهم انتماء سياسيا لكن عند الانتساب للأجهزة الأمنية ينتهي هذا الانتماء لحين انتهاء عمله يعود إلى حزبه أو فصيله ،هكذا كل دول العالم.)
.... العمل على إيجاد حلول مناسبة مع الأجهزة ، وعدم الوصول إلى التناقض في حال مقاومة الاحتلال وهذا موضوع بحاجة إلى مكان آخر لمناقشته.
خامسا- مجلس الأمن القومي 
في هذا المجال وللمساهمة في عملية البناء يساهم بالتالي :
. رسم السياسيات الاستراتيجية والتكتيكية لمفهوم الأمن في فلسطين.
.. تأمين عملية بناء سليمة للأجهزة بما يتناسب وهذه السياسات من حيث الإعداد والبناء والتدريب والتجهيز.
... العمل على حل التناقضات التي من الممكن أن تحصل ما بين الأجهزة وفصائل العمل الوطني الفلسطيني.
هذه رؤية متواضعة لأجل النهوض بالأجهزة الأمنية والشرطية الفلسطينية لنساهم في نهوض المجتمع الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال وبناء الدولة على الأرض الفلسطينية.
اللواء المتقاعد / أحمد قرموط

اخر الأخبار