
المصالحة وغياب الحراك
نبيل عبد الرؤوف البطراوي
منذ الانقسام البغيض وشعبنا يعيش أيام وليالي على أمل أن تطلع شمس الصباح ويرى المياه قد عادة الى مجاريها في توحيد النظام السياسي الفلسطيني واعادة اللحمة الى صفوف شعبنا لكي يتمكن شعبنا من شحن الهمم في مواجهة العدو المشترك الذي لا يميز بيننا امام آلة القتل الصهيونية كما لا يميز بين البشر والشجر والحجر في الاستهداف ,
وهنا لا يخفى على أحد من أبناء شعبنا جولات الحوار بين كل من حركة حماس وفتح من أجل أعادة اللحمة الى النظام السياسي الفلسطيني والتي توجت باتفاقات القاهرة والدوحة 2011-2012م ولكن كل هذه الحوارات والاتفاقات والتفاهمات وما سبقها من تفاهمات لم توصل الطرفين الى جعلها واقعا ملموسا لدى المواطن الفلسطيني الذي تأثر بشكل سلبي للغاية بهذا الانقسام وخاصة في الاستغلال السيء من قبل قوى دولية واقليمية للعمل على دس انفها في مشروعنا الوطني ليكون اداة اظهار حضور اما حزبي او شخصي على حساب معاناة شعبنا .
وهنا قد يقول قائل بأن هناك خلاف جوهري ما بين طرفي الانقسام من حيث البرامج التي من الصعب التوحد بينهما ,فكما هو معلوم وظاهر فأن حركة فتح تتبنى نهج المفاوضات والتي يؤمن الرئيس محمود عباس بأنها الوسيلة الوحيدة القابلة لتعاطي معها من أجل تحقيق اهداف شعبنا في الحرية والاستقلال في ظل اختلاف موازين القوى والجموح والطموح الصهيوني من اجل دفع شعبنا الى استخدام الوسائل العسكرية في عمله الوطني لكي يحلل دمه امام قوى الشر في العالم ويكون المبرر الذي يعطي بأن الشعب الفلسطيني لا يرغب في الوصول الى سلام في المنطقة وهنا تبدأ سلسلة العزل والتدمير وهي الحاصلة بمبرر ومن غير مبرر ,فلا يخفى على أحد من شعبنا بأن مشروع السلطة ولد من أجل أن يكون فترة خمس سنوات وبعدها تتحول الى دولة حين التوصل الى حل قضايا الوضع النهائي وهنا كثيرة هي التفسيرات التي من الممكن ان تقال لماذا صبرة القيادة كل هذا الزمن ؟ولكن في النهاية مضت عشرون عاما دون ان يحصل شعبنا على دولة مستقلة فوق أرضه ولكنها سنوات لم تكن أيضا دون إنجازات ولكن لم تكن الانجازات بحجم الطموحات والتضحيات ,ومن أجل البناء على تلك الإنجازات بات من الضروري توحيد الجبهة الفلسطينية بكل مقدراتها من أجل جعل الاعتراف الاممي بدولة فلسطين والانضمام الى المؤسسات الدولية لدولة فلسطين من أدوات حسم الصراع وايصال شعبنا الى بر الامان .
ولا يخفى على أحد أن برنامج حماس الذي تدعيه هو برنامج المقاومة وتحرير البلاد والعباد من خلال تلك المقاومة وتستشهد بتحرير غزة وكأنه أنجاز فصائلي لا عملية نضالية تراكمية تتداخل فيها بعض الرغبات الصهيونية العقائدية التي لا تؤمن بالسيطرة على غزة أولا لان رئيس وزرائها السابق أسحاق رابين في يوم من أيام الانتفاضة الاولى الباسلة تمنى أن يصحو من نومه ولا يجد غزة ألا في البحر غرقا ,ولكن هل مشروعنا الوطني المقاوم غزة؟ هل مشروعنا الوطني المقاومة تأمين دخول المواد الغذائية والسولار والغاز مقابل أيقاف كل الاعمال المقاومة التي قبلت المقاومة في أتفاق الهدنة في القاهرة الاخير تسمية أعمال عدائية متبادلة ,وهل تم تحرير أي جزء من الوطن الفلسطيني بعد سنوات الانقسام .
حقا يعيش جناحي السلطة في كل من غزة ورام الله مأزق حقيقي بحاجة الى مخارج مأزق أوجد في مجتمعنا الكثير من الهموم والمشاكل التي لا تعد ولا تحصى على عدة صعد ,مأزق أفقدت المواطن الفلسطيني ولاءه للمشروع الوطني ,الى حد أن المواطن بات يشعر بأنه يتعرض لمؤامرة حتى من أبناء جلده ,مؤامرة حتى من القوى التي تتدعي بأنها تريد أن تحمي المشروع الوطني .
ماذا يعني تحرير الارض والحفاظ على المشروع الوطني في ظل كل محاولات تدمير الانسان الفلسطيني ,وهدر كرامته وجعل الوطن الذي نحلم أن نعيش فيه عبارة عن قطعة من الجحيم بلا أمل ولا أمن سياسي او اقتصادي او اجتماعي أو ثقافي او أخلاقي ,ماذا يعني ان يتحول شعبنا الى كتلة من الباحثين عن عمل في دورات البطالة وهم حملة الشهادات الجامعية العليا لا بل حملة الماجستير والدكتوراه ,ماذا يعني ان تتفشى العنوسة والطلاق بعد أقل من عام من الزواج بنسبة 70% ,ماذا يعني هذا الصمت على المشاكل الاجتماعية التي تتفشى في شعبنا دون محاولة لاحد من أجل رفع الصوت عاليا تحت بند لا نريد نشر غسيلنا .
ولكن السؤال الذي يجب ان تكون الاجابة عليه بصوت عالي ودون خوف من قمع او رصاص او سجن في كل المدن والقرى الفلسطينية خلال الايام القادمة بالتزامن مع قدوم وفد منظمة التحرير الى غزة وخاصة في غزة كونها مكان اللقاءات لتنفيذ المصالحة وهو ان يصاحب هذه الجلسات واللقاءات حراك جماهير من قبل كل شرائح المجتمع من طلاب عمال خريجين موظفين وغير موظفين تجار أصحاب مصالح وطنية مخاتير وجهاء أساتذة جامعات ,بحيث يتم محاصرة مكان هذه اللقاءات ولا يسمح لهم بالمغادرة ألا بعد الخروج الى الشعب بقرارات عملية وعلنية لتنفيذ بنود المصالحة والبدء بها فورا من خلال اعلان حل الحكومتان في غزة والضفة وتشكيل حكومة تسيير اعمال الى ان تكون الانتخابات ويتم اصلاح وتجديد كل الاطر القيادية لشعبنا ,لكي يتمكن شعبنا من مواصلة فعله النضالي لاستكمال مشروعنا الوطني ,بناء على التراكمات النضالية التي ساهم كل أبناء شعبنا في تحقيقها ,لكي نتمكن من مواجهة العالم والقوى الظالمة ونحن نصطف خلف قيادة تعمل وفق رؤية وطنية شاملة لا نرهن شعبنا لرؤية حزبية دون الالتفات الى المصالح الوطنية
نبيل عبد الرؤوف البطراوي
عضو الأمانة العامة لشبكة الكتاب العرب