سوريا .... أعادة تعويم دولة

تابعنا على:   02:15 2014-04-19

د. عادل رضا

هناك مساعي للحل في سوريا يتحرك بها النظام او الدولة الحالية التي تسعي لإيقاف دورة الحرب، فما هي تلك المساعي؟

وكيف يتم التحرك لتصفية ما يجري وجعله شيئا من الماضي؟

بداية على المتابع ان يدرك معلومة مهمة تعلق بشكل الدولة والتي هي مبنية على تداخل أجهزة امنية وتشابكها ضمن تحالف مع طبقة رجال اعمال قديمة كبرت او جديدة تم تصنيعها نتيجة لوجود قرابات وعلاقات شخصية و عائلية لها بمواقع سلطوية ضمن تلك التشكيلة المتداخلة حيث يكون شخص الدكتور بشار الأسد هو مشروع توازن بين الأجهزة أكثر منه كونه توريث عائلي! فهو هنا حافظ للتوازن، والعامل على نزع فتيل صراعات الأجهزة الأمنية وحلفائها من رجال الاعمال.

ان الدولة السورية تحاول \\\"أعادة تعويم\\\" نفسها دوليا، عن طريقين الأول تقديم نفسها كمحارب للإرهاب الدولي وهذا ما يقوم به الخط الإعلامي التابع لها والمرتبط بأوامر أجهزتها الاستخباراتية.

والطريق الثاني: هو خط إقامة انتخابات للرئاسة لتعطي الدولة نفسها صورة ديمقراطية! لرفع الاحراج الرسمي عن الأنظمة الغربية فيسهل أعادة القبول النظام الحالي ضمن المجتمع الدولي.

فالكلام عن انتخابات رئاسية بسوريا هو جزء من عملية إعادة تعويم النظام الحاكم تتوجه للخارج وليست انتخابات موجهة للداخل.

واضح الي الان ان تلك الانتخابات يتم الاعداد لها على الطريقة الإيرانية الحالية أذا صح التعبير ونقصد هنا أعدادها سلفا و\\\"طبخها\\\" ضمن اليات تصفية المرشحين وترتيب فوز هذا او ذلك الشخص حسب رغبة من هم بالسلطة ومواقع القوة ونلاحظ ذلك عندما نعرف ان من يريد الترشح لرئاسة سوريا حسب الدستور الحالي يجب ان يحصل على موافقة مجلس الشعب السوري أي البرلمان، أي حسب الواقع استحالة وجود أي مرشح حقيقي خارج ما تريده الأجهزة الأمنية الحاكمة وتحالفاتها من طبقة رجال الاعمال.

فهنا يتم صناعة \\\"وهم\\\" اعلامي علي وجود ديمقراطية! ولكن المفارقة رغم كل هذا الحشد والتحشيد الاعلامي في مسألة انتخابات الرئاسة هناك معضلة قانونية لا أعرف لماذا لم ينتبه اليها أحد؟

وهي غياب شرط أساسي يمنع الرئيس الحالي الدكتور بشار الأسد من الترشح ويسقط احقيته بالترشح وهو ان زوجته ليست مواطنة سورية بل بريطانية الجنسية، فكل هذه الترتيبات والأصوات الإعلامية ضمن محاولة تعويم الدولة في سوريا هي ليست قانونية مع \\\"عدم سورية\\\" زوجة الرئيس وجنسيتها البريطانية.

ان إعادة تعويم الدولة في سوريا تتجاهل حقائق مهمة اخري و هي ان هناك مشكلة اجتماعية ستحدث عند أي نهاية للحرب الدائرة , فالدولة في سوريا رغم وجود تأييد شعبي لها يتمثل بقدرة الدولة الحالية علي تنظيم مظاهرات مليونية و الحصول علي استفتاء لدستور جديد بنسبة 53 بالمائة و تماسك الجيش و الدولة وعدم انهيارهما , الا ان شكل الدولة الحالي و حتي و ان استمر فهو يبقي خارج نطاق الزمن و التاريخ و عليه فأن المشكل الأساس التي فجرت الأوضاع قبل 3 سنوات لا زالت موجودة و المشكلة انها ستزيد و تتفاقم و خاصة ان الطبقة الاجتماعية المساندة للدولة في سوريا و التي ضحت علي مدي ثلاثة سنوات ستريد و ستطالب بحصة تستحقها من المكاسب الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية نتيجة لما قامت به من صمود و تضحية هذا من ناحية و من ناحية اخري ال 47 بالمائة من الذين لا يريدون تلك الدولة و شكلها الحالي و هم خارج الطبقة الاجتماعية المساندة ماذا سيتم بالنسبة لهم بخصوص مميزات الدولة و مكاسب ما بعد نهاية الحرب؟ لأن عدم أدخالهم مشكلة ستصنع تناقض مع الدولة من جديد وأدخالهم مشكلة أخري ستخلق تناقض مع الدولة وطبقتها الاجتماعية المؤيدة لها.

ولزم علينا التنويه والتأكيد اننا عندما نتحدث عن طبقة اجتماعية مساندة فنحن لا نقصد طائفة او قومية او دين فالطبقة الاجتماعية المساندة للدولة في سوريا عابرة لتلك الأمور وهي منتوج حصل وجاء ضمن ما حدث بسوريا منذ استلام حزب البعث الجناح اليساري للسلطة بسوريا وإعادة هندسته للطبقات الاجتماعية الموروثة من العهد العثماني.

أذن بكل الحالات الوضع يزداد تعقيدا وتشابكا وللأسف لا أري شفافية بالأعلام المساند ولا حتى المضاد للدولة بسوريا بل هناك اليات ردح متبادل وصناعة للوهم من هنا وهناك ولا يضحك الا الصهاينة المنتصر الوحيد الحقيقي بالفوضى الخلاقة وتطبيق مشاريع ايتان شارون ومقررات مؤتمر هيرتلسيا التي تستمد وقودها من \\\"أستحمار\\\" داخلي ومن اساليب لسلطة غير ديمقراطية عفا عليها الزمن في الأنظمة الرسمية العربية.

 

الدكتور عادل رضا

[email protected]

اخر الأخبار