
مبادرة تحييد المخيمات.. والحوار اللبناني - الفلسطيني
رامز مصطفى
المبادرة الفلسطينية التي أطلقتها الفصائل والقوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية في لبنان، تعرضت وفي أقل من شهر لهزتين أمنيتين، واحدة في مخيم المية ومية، والثانية في مخيم عين الحلوة، وإن لا رابط بين الحدثين المدانين، إلاّ أنهما شكلا الطعنة في خاصرة هذه المبادرة، التي هي في الأساس غير مكتملة الشروط من دون الترجمات العملية لها، من خلال وضع الآليات لهذه الترجمات، هنا وفي التوقيت الحرج تجد الفصائل والقوى الفلسطينية نفسها أمام تحدٍّ من نوع جديد قديم في قدرتها على التعبير عن أنها هي المرجعية الوطنية والسياسية لجموع الشعب الفلسطيني أقله في المخيمات، أم أن الزمن قد عفا عنها، وبدأت جدياً هيبتها في التآكل، مما يُعمق مأزقها في عدم قدرتها على جسر الهوة في الثقة المهزوزة أصلاً مع بيئتها وحاضنتها الشعبية والجماهيرية.
وما يزيد من حراجة الموقف الرسمي الفلسطيني في لبنان، أن المبادرة أخذت حقها من الترحيب والقبول اللبناني في مستوياته الرسمية والحزبية المؤيد والمبارك لها، واعتبارها خطوة هامة في الاتجاه الصحيح، من شأنها أن يُؤسس ويُبنى عليها مستقبل في أي حوار لبناني فلسطيني قادم ولا أراه بالبعيد، بل ذهبت الدولة اللبنانية ولأول مرة وكتعبير عن جديتها في دعم المبادرة في تشكيل المظلة السياسية والأمنية والقضائية لها، وهذا ما أبلغه اللواء عباس إبراهيم للفصائل الفلسطينية في لقائه الأخير معها، هذا من جهة.
من جهة أخرى، فإن المبادرة الفلسطينية تزامنت مع الخطة الأمنية للدولة اللبنانية وتنفيذها في المناطق الأكثر توتراً وأحداثاً في لبنان، ما يعكس التفاهمات اللبنانية الداخلية بين كافة مكونات الحكومة والأطياف السياسية والحزبية والروحية اللبنانية، وهذا في معناه أن على الفلسطينيين مسؤولية وضع الترجمات العملية لهذه المبادرة موضع التنفيذ في كافة المخيمات عموماً، وعين الحلوة خصوصاً، أي أن الكرة الآن في المرمى الفلسطيني، لأن الدولة اللبنانية تعتبر نفسها أنها قطعت نصف الطريق لكي تلاقينا، طبعاً هذا صحيح فيما يتعلق بتوفير الغطاء السياسي والأمني والقضائي للمبادرة، ولكن في الحقيقة أن الدولة اللبنانية ما زالت بعيدة كل البعد عن ملاقاة الفلسطينيين فيما يتعلق بحقوقهم المدنية والإنسانية وحق التملك، وهذا أمر غاية في الأهمية، على اعتبار أن الظلم والتهميش والمعاناة والحرمان لطالما شكلت لكل الأطراف الساعية إلى توظيف العامل الفلسطيني واستغلاله في أجنداتها، وكان مدخلها إلى الوصول إلى بعضهم الحاجة وانسداد أفق الحياة الحرة الكريمة.
في ظل ما تقدم، الفصائل والقوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية مدعوة إلى التدقيق وقراءة أن الحادثين الأمنيين في تداعياتهما ونتائجهما يشكلان الامتحان والتحدي الجدي لمجموعها، وليس لطرف أو أطراف منها.