أول الرصاص وأول الحجارة ...بقلم (أبو علي شاهين).."

تابعنا على:   11:36 2014-04-17

القاهرة- كتب // الشهيد القائد أبو علي شاهين ::

في شهادته عن رفيق درب المسيرة والنضال، مسيرة بناء حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، كان الشهيد القائد أبو علي شاهين قد سجَّل شهادته الحية على نضالات وتضحيات من سبقوه إلى علياء المجد قد كتب، عن مسيرة الشهداء المعمدة بالدم الزكي ورائحة البارود، قد كتب شهادته عن أحد رفاق الدرب والمسيرة أمبر الشهداء خليل الوزير "أبو جهاد"، تنفرد شبكة "الكرامة برس" بنشر تلك الشهادة في سلسلة حلقات كان قد خطها الشهيد الراحل أبو علي شاهين في الذكرى الـ22 لرحيل أمير الشهداء أبا جهاد..

 (الحلقة الأولى)

الشهيد أبو جهاد وبعض البدايات في الثورة ..

تناولت الكثير من الأقلام "أبو جهاد - خليل الوزير، الإنسان والقائد" ..، وهأنذا أوضح وألقي الضوء على بعض البدايات في هذا المقال .، الذي آمل أن أتبعه بمقال ومقال ومقال .. لكي أُجلي بعض الحقائق .. قبل لحاقي به وبأخواته وإخوانه من سفراء ثورتنا الوطنية المعاصرة، ثورتنا العربية الفلسطينية.

مقدمة

أعلنت تركيا الحرب مع ألمانيا (1914) ضد الحلفاء، وجهزت جيوشها في بقايا إمبراطوريتها، وجعلت جبهة فلسطين من أهم مواقع دفاعها، بإمرة جمال باشا السفاح قائد الجيش الرابع ، وذلك لمواجهة الجيش البريطاني المنتظر قدومه من الديار المصرية (سيناء) بقيادة الجنرال اللنبي. في هذه الأثناء عاث الجيش التركي فساداً في فلسطين .. خاصة جنوبها، فقطع الأشجار وسرق المحاصيل وجعل ' قضاء غزة ' منطقة عسكرية مغلقة.

 ( 1 ) رحيل الجد .

لقد دفعت السياسة التركية الغاشمة الكثير من أبناء مدينة غزة إلى الهجرة منها متجهين شمالاً ..، وقل تعداد المدينة إلى ما دون (3000 مواطن) .. مع العلم أنها المدينة الأكثر تعداداً في المدن الفلسطينية عبر آلاف السنين.

ارتحل محمود الوزير (الجد) إلى مدينة الرملة (عروس السهل الساحلي)، وذلك عام ( 1915) واستقر هناك .. وتزوج ابنه إبراهيم في منتصف الثلاثينيات ، وأنجب خليل (الحفيد) في اليوم ما قبل الأخير من الإضراب الفلسطيني التاريخي [17/4/1936 – 11/10/1936].

 ( 2 ) طرد الأب من الرملة 1948

ودرس ( الحفيد ـ خليل ) في مدارس الرملة الابتدائية، حتى انسحاب الجيش العربي الأردني من مدينتي (اللد والرملة) في [ 10/ يوليو ـ تموز /1948 ] ، حيث فرض قائد الهجوم ' الإسرائيلي ' موسى كالمن ومساعده إسحاق رابين .. الخروج القصري على المواطنين، وفُـرض عليهم التوجه شرقاً إلى اللطرون ومن ثم إلى رام الله، ومن أراد التوجه جنوباً في اتجاه المجدل وغزة فعليه أن يسلك طريقه عبر الطريق الساحلي المعبد ( يبنا ، المجدل ، غزة ) ، وأعطى لجيشه حق سلب أولئك المواطنين رجالاً ونساءً من كل ما في حوزتهم، فعلاً خرجوا بملابسهم التي على أجسادهم ..، وحدث هناك أمراً مهماً ، لقد تعرض الصبي خليل الوزير – فعلاً – إلى إطلاق نار مباشر من أحد جنود العصابات الصهيونية ، ولكن الرصاص أصاب عربي آخر ، .. ( هو صديقه وإبن حارته الذي إلتقاه بعد ثلاثة عشر عاماً في عمان وبادره بالقول :ـ ' لقد إفتديتك يا خليل ' ولكن الأمر الأهم .. كان بالإجهاز قتلاً على مرأى من الجميع لحالات عديدة كما حدث في مجزرة ' مسجد دهماش الكبير ' حيث قُـتل العشرات داخل المسجد وأُجهز على معظم الجرحى الذي زاد عددهم عن مائة شهيد ، كل هذا لكيلا تتعب عناصر العصابات الصهيونية ، وتكلف خاطرها ، بنقل أياً منهم إلى مستشفى، فالرصاصة أقل كلفة من العلاج – والعربي الجيد، في العرف الصهيوني، هو العربي الميت -!!!. تأثر الصبي (خليل) بهذه المناظر المؤذية للنفس ، والتي تترسب في الأعماق لصبي دون الثانية عشر من عمره، خاصة أن هذا الصبي كان ذكياً ولماحاً .. فهو الأول على أقرانه في المدرسة، وبقي كذلك حتى تخرجه من "الثانوية العامة" في مدينة غزة، (1955). وبعد مصادمة الموت هذه ، وجهاً لوجه في مدينة الرملة حيث كانت والدته قد دفعت إليه بِصرة ( الزوادة ) ليحملها .. وعند وصوله الباص أمره المسلح الصهيوني ، أن يدع الصُـرّة على كوم الصُـرّر ، فوضعها وصعد إلى ' الباص ' ـ ولكنه فجأة عاد ليأخذ ' صُـرّة الزوادة ' فعاجله المسلح الصهيوني بصلية من الرصاص من رشاشه أصيب صديقه وعاد أدراجه .

نجحت الأسرة أخيراً في الوصول بعد صعاب - ما أنزل الله بها من سلطان – إلى مدينة غزة، وسكنت منزل العائلة في حي الدرج، وعمل الوالد في "حمام السمرة" خاصتهم، وانتظم الابن خليل في مدرسة الزيتون ثم الرمال الإعدادية للاجئين .

 ( 3 ) إلى أين ؟

وتأثر الصبي بما أحاط به من أحداث وبقي قارئاً أميناً وحافظاً جيداً لذلك المشهد .. مشهد المحاولة الصهيونية للاقتلاع من الجذور ..، حيث تم القطع الحِدي للتطور المجتمعي الفلسطيني، والقي به بعيداً .. عاش المسلح الصهيوني عضو العصابات بصورته كاملة ، قاتلاً ، مغتصباً ، في أعماق أعماق نفسية ذاك الصبي .. وتعاظم دور ذاك الصهيوني الغازي سلباً على كامل حراك حياة الصبي ..، وصراخه الأخير لازال يملأ عليه الأسماع والبصر – ويثقل عليه بصيرته (يالا روخ من هون) ..، والسؤال الأبدي .. في أعماق الصبي إلى أين؟ ..، ودوماً برز على مجمل حياة الصبي السؤال الأكثر خطورة .. أين القيادة؟ .. ولكن السؤال الأشد خطورة – كمن في – أين الأشقاء العرب / شعوباً وأحزاباً وملوكاً وأمراءاً ورؤساءًا؟ .. ، . هنا حدث الإسقاط الشَـرطي ما بين خليل الوزير وإسماعيل شموط ، حيث رسم كل منهما لوحته المُـعبرة ( إلى أين ؟ ) . الأول رسمها بالدم والعطاء المتواصل والثاني رسم لوحته بألوان الزيت وكان التكامل الحضاري الدائم ما بين أذرع الفعل الثوري نضالياً وعملياً وميدانياً .

 ( 4 ) الجواب:- حركة الكل الوطني

كبر الصبي .. وكبرت الأسئلة ووجد نفسه يجيب عليها ..، علينا خلق الإطار التنظيمي الذي سيتولى رد الضيم الواقع على شعبنا، وهذا لا يكون إلا بإعطاء الدور القيادي الأول لشعبنا في قضيته .. مع تثوير طاقاته وإمكاناته وقدراته .. وأن تصب جميعاً في خانة النضال الوطني .. بكافة أوجهه .. وتوجهاته وجبهاته وأذرعه متكاملاً في الأداء على أرضية معادلة "الكل الوطني" أسوة بكل حركات التحرر العالمية ..، أي أن الحاجة تفرض .. بل وتحتم خلق حركة تحرر وطني فلسطينية ، ثورية ، شعبية ، عربية ، تتبنى الكفاح المسلح / ذراعاً مركزياً وأساسياً من أذرع النضال الوطني الفلسطيني /، وتكون هذه الحركة (القابلة للتطور) هي القيادة الوطنية الفلسطينية الراعية لمشروع التحرر الوطني الفلسطيني، والمحافظة على القرار الوطني السياسي الفلسطيني، وأن يبقى مستقلاً عن النظام العربي الرسمي، استفادة من التجربة الوطنية الفلسطينية السابقة ونهلاً من تجربة الثورة الجزائرية الشقيقة منذ انطلاقتها في 1/11/1954.

 ( 5 ) "التنظيم هو الحل" .

هنا توجه ' خليل الوزير ' بحثاً عن الإطار التنظيمي ، .. الذي بحث عنه إبان احتدام الصراع بينه وبين نفسه، وهو يرى الجنود الصهاينة يمارسون فاشيتهم وساديتهم، هنا للإجابة على السؤال الملح في عقله الباطن وواقعه القائم على الأرض .. إلتحق بِـ ' جماعة الإخوان المسلمين ' أوائل الخمسينات من القرن الماضي، متأثراً بدعاياتهم وبأحاديثهم المنمقة حول فلسطين ودورهم ( الدعائي المزور ) في حرب 1948 ، وإعلانهم ضرورة إستردادها بالكفاح المسلح ( الجهاد ) ..، انتظم حسبما يفرض عليه عمره، بما أطلق عليه حينئذ "الفتيان" وتلقى بعض التدريبات الكشفية والعسكرية في رفح وشمال سيناء .. وأصبح المسئول الأول لهؤلاء الشباب "الفتيان"،.

 ( 6 ) فلسطين الأولوية الثانية .

وعندما طالبهم ' خليل الوزير ' مع غيره بالسماح لهم بتنفيذ وممارسة ما إستفادوه من التدريب العسكري ضد العدو الصهيوني ( اليهود ـ كما كانوا يطلقون على الصهاينة ) ، فوجئوا بالرد الحاسم بأن الأولوية للجهاد ليست ضد "إسرائيل" بالرغم من خطرها .. بل إن أولوية الجهاد الأولى هي ضد النظام المصري بقيادة جمال عبد الناصر. كان ذلك في شهر [ ديسمبر ـ كانون أول / 1953 ] ، حيث أبلغهم بذلك .. مسئولهم في ' جماعة الإخوان المسلمين ' ( هاني بسيسو ) وكان الصراع قد إحتدم بين قادة ( ثورة 23 / يوليو ـ تموز 1952 ) وزعامة ' جماعة الإخوان المسلمين ' ولم يكن هناك من سبب للصراع هذا .. اللهم إلا من يتولى الحُـكْـم في الديار المصرية التي قد أصبحت الجمهورية المصرية .

إن ' خليل الوزير ' ومجموعة من الفتيان قد حاورت وناقشت وإحتد النقاش مع ' هاني بسيسو ' حول رفضهم هذه النتيجة الإخوانجية ، وإلتئم شملهم في جلسة خاصة بهم ( كراج سيارة حسن الإفرنجي ) وقرروا الإنسحاب النهائي من ' جماعة الإخوان المسلمين ' ، وأن يبدأوا ( فوراً ) بالعمل العسكري المباشر في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام ( 1948 ) ، وبالفعل بدأوا بتنفيذ أولى هذه العمليات في الأسبوع الأول من عام ( 1954 ) ، وإختاروا ' خليل الوزير ' مسئولاً لهذه المجموعة ، وأطلقوا عليه إسم ( المُـعـلـم ) ، وإتفقوا على دور مميز للشعب الفلسطيني في حرب ( إسترداد التراب الوطني ) وعودة الشعب الفلسطيني إلى دياره .

 ( 7 ) المنعطف المصيري .

هنا كان المنعطف الحاسم والخطير في حياة ' خليل الوزير ' وهذه المجموعة من "الفتيان" - مما سيؤثر في تاريخ فلسطين المعاصر والمنطقة على مدى العقود الطويلة من السنين. هنا بدأ وبعض إخوانه .. في اتخاذ القرار الجدي الذي سيتأثر كل منهم .. حتى نهاية حياته نتيجة هذا القرار المصيري لكل منهم وفي تاريخ فلسطين المعاصر .

لقد كان قرارهم .. هو ترجمة وتجسيد حي .. مبدع وخلاّق .. لما دار في كيان الصبي خليل الوزير وهزه من أعماقه بمدينة الرملة .. وقد صاحبه مع غيره من أبناء جيله ..،. هنا كان التنفيذ الحي للخلاص الوطني الفلسطيني .. ألا وهو القسم بممارسة النضال الثوري ، وإبراز الكفاح المسلح ليكون بوابة المرحلة الوطنية الفلسطينية المعاصرة مع التأكيد فيما بين هذه المجموعة الشابة الخارجة والمتخلصة من ثوب "جماعة الإخوان المسلمين" إلى غير رجعة .. بأن العمل المسلح داخل الأرض المحتلة هو "خشبة الخلاص" لمعاناة الشعب الفلسطيني ، والطريق الذي لا بديل له لاسترداد التراب العربي الفلسطيني وعودة الإنسان الفلسطيني إلى أرضه .. للتفاعل العمودي مع أرضه ، والتفاعل الأفقي مع مواطنيه ، أسوة بكل شعوب وأمم الأرض.

 ( 8 ) العمل العسكري الأول .

وأخطر ما في الأمر .. أنهم قد طبقوا وقرنوا القول بالفعل .. حيث بدأوا ممارسة العمل العسكري مباشرة من قطاع غزة، داخل الأرض المحتلة ( 1948 ) . ونجحوا في إختراق خطوط هدنة (1949) ، واستطلاع بعض الأهداف والوصول إليها (وهي متواضعة) وضربها.

إن "إسرائيل" على مستوى أعلى زعاماتها قد درست هذه الظاهرة الآتية عبر الحدود ..، ولم يكن أياً من هؤلاء الشباب قد جاوز (20 عاماً) من عمره، ما عدا / حمد العايدي /، لقد أوضح هؤلاء الشباب .. "أن التنظيم .. حتماً في خدمة القضية" وليس العكس، وفي اجتماعهم السري الأول اختاروا / خليل الوزير / مسئولاً عن هذه المجموعة – وأطلقوا عليه مسمى "المعلم" - ووزعوا الأدوار ، حيث أبقوا / كمال عدوان / على عضويته ب ' جماعة الإخوان المسلمين ' ، لينقل إليهم ما يدور في ' الجماعة ' وليخفف من هجوم "الجماعة" ضدهم ما أمكن .

 ( 9 ) العلم .. الأرضية الصلبة للعودة .

بعد الانتهاء من المرحلة الدراسية الإعدادية، التحق / خليل الوزير / بمدرسة فلسطين الثانوية .. (1952 – 1955) ونشط بفاعليات ثقافية وطنية .. شهد له بها الجميع من أقرانه ومدرسيه، حيث أصبح وهو في السنة الثانية ثانوي رئيساً للجنة الثقافية المشرفة على المهرجانات الخطابية اليومية والموسمية ، والبرنامج الخطابي الصباحي والتمثيل وجرائد الحائط والمجلة المطبوعة الصادرة بإسم المدرسة،. هنا بدأت مَـلَـكات الشاب/ خليل الوزير/ بالتبلور والتمايز وظهرت شخصيته القيادية المتسمة بالهدوء والانسياب وقوة الإقناع والحسم في اتخاذ القرار.

 ( 10 ) تفجير خزان زوهر ومضاعفاته .

صاحب دوره في المدرسة الثانوية .. دوره القيادي لمجموعة العمل العسكري الفلسطيني الأول بعد نكبة (1948) وذلك في الأشهر الأولى لعام 1954، قام مع إخوانه بعمليات عسكرية عدة .. إلى أن كانت العملية الكبيرة ليلة 25/2/1955 .. حيث قامت دورية عسكرية من المجموعة إياها بتفجير ( خزان زوهر ) ..، وتدفقت مياهه المحجوزة عبر وادي ( القرية الفلسطينية على خط الهدنة ـ دِمرة ) إلى البحر الأبيض المتوسط .. ولكن هذه المياه تدفقت نتائجها سياسياً في المنطقة بكاملها، فلقد اتخذ دافيد بن غوريون وزير دفاع "إسرائيل" حينئذٍ قراره بالانتقام ، وبالفعل قامت (وحدة 101 + قوات المظليين) بالهجوم على جنوب مدينة غزة وشمالها ، حيث أَوقَـعَـت في كمينها سيارة لوري مغطاة (بالشادر)، وكانت النتيجة 39 شهيداً مصرياً وفلسطينياً من ضباط وصف ضباط وجنود الجيش الفلسطيني – وعُرفت بحادثة 28/فبراير/1955. ووقع الكمين هذا في مربع الشهداء على شارع صلاح الدين ، حيث يطلق عليه العامة ( نقطة البوليس الحربي ) وهو مفرق مستوطنة نتساريم سابقاً وأما رأس الحربة الثانية في الهجوم فكانت شمال مدينة غزة ، حيث قامت القوة الصهيونية المهاجمة بتدمير ( بئر الصفا ) وإشتبكت مع مجموعة من ' الهجانة ' السودانية / أي قوات حرس الحدود . إن خسائر العدوان الصهيوني في هذه الليلة قد فاق العشرين قتيلاً صهيونياً شمالاً وجنوباً .

 ( 11 ) انفجار المظاهرات وكتيبة مصطفى حافظ .

خرجت المظاهرات العارمة في قطاع غزة منادية بالتسليح [ صباح الأول من / مارس ـ آذار 1955 ] واعتقل عشرات الحزبيين (اليمين واليسار) ، ووصل عبد الناصر في زيارة مفاجئة وخاطفة وإجتمع مع وجهاء القطاع ، وإثر هذا الإجتماع اتخذ عبد الناصر قرارات جريئة وفي غاية الخطورة ..، حيث أقلع نهائياً .. مغلقاً ملف البحث عن السلاح لدى الغرب .. ، أمراً رئيس البعثة المصرية لشراء السلاح في واشنطن ( علي صبري ) بالعودة للقاهرة .

هنا بدأ البحث عن السلاح الشرقي ، وتوجه لشراء السلاح السوفيتي .. وهذا ما كان له تأثيره السياسي في المنطقة حتى تاريخه. لقد أكدت حادثة[28/فبراير ـ شباط ] ، أفكار ووجهة نظر جمال عبد الناصر أن الخطر الأول على الأمن القومي المصري – والعربي لا يكمن في المنظومة الاشتراكية بزعامة الاتحاد السوفيتي ( الملحد ! ) .. بل يكمن في العدو المركزي للأمة العربية "إسرائيل" وتحالفاتها، وكذا في سياسة الأحلاف الغربية في المنطقة.

هنا كانت صفقة السلاح "التشيكية" [ أكتوبر ـ تشرين أول 1955 ] وتفاعلاتها حتى تاريخه، ولا يغيب عن المتتبع لتاريخ تلك المرحلة السياسي الدور الإيجابي في إنجاز هذه الصفقة للأصدقاء في الصين الشعبية وخاصة ( شو إن لاي ) رئيس الوزراء الصيني أنذاك .

وقامت القيادة المصرية بدورها في التصدي للعدوان الصهيوني الدائم .. حيث تأسست كتيبة (421) من الفدائيين بقيادة البكباشي ( المقدم مصطفى حافظ ) ، حيث أثرت في المزاج الشعبي والمعنوية الوطنية والعقل الكفاحي العربي الفلسطيني، ولازالت هذه الكتيبة وقائدها تحظيان بالاحترام الكبير في جميع أوساط الشعب الفلسطيني.

لقد نجحت المجموعة الشابة في تجنيد بعض أفرادها في هذه الكتيبة وعقدت صداقات عبرهم مع البعض الأخر ، فكانت الدورية تقوم بدورها المخابراتي وعلى مسافة ليست قريبة تقوم بتنفيذ المهمة الموكلة لها من قيادة هذه المجموعة من الشباب ، وكان لِـ ' خليل الوزير ' و ' حمد العايدي ' و ' كمال عدوان ' أدواراً مميزة في لظم حبات هذه المسبحة التنظيمية ، في إرهاصاتها الأولى العملية والميدانية ( 12 ) اعتقال القائد .. "المعلم" .

إعتقلت إدارة الحاكم الإداري العام لقطاع غزة، الشاب / خليل الوزير / على خلفية تفجير خزان زوهر .. ومكث في السجن فترة ، ولقد ساعده نسيبه وكيل النيابة ( المحامي فايز أبو رحمة ) .. وتدخل لصالحه كل من الشيخ هاشم الخزندار و هاشم عطا الشوا ، وخرج بكفالة أحد العاملين في إدارة الحاكم العام (بمدينة غزة) وهو سوداني الأصل، ونال / خليل الوزير / إعجاب الضباط العاملين في إدارة الحاكم العام، هذه هي القومية العربية الذي إذا وُضعت على المحك فإن معدنها الأصيل .. هو الوحيد الذي يتمايز.

 ( 12 ) اعتقال القائد .. "المعلم" .

إعتقلت إدارة الحاكم الإداري العام لقطاع غزة، الشاب / خليل الوزير / على خلفية تفجير خزان زوهر .. ومكث في السجن فترة ، ولقد ساعده نسيبه وكيل النيابة ( المحامي فايز أبو رحمة ) .. وتدخل لصالحه كل من الشيخ هاشم الخزندار و هاشم عطا الشوا ، وخرج بكفالة أحد العاملين في إدارة الحاكم العام (بمدينة غزة) وهو سوداني الأصل، ونال / خليل الوزير / إعجاب الضباط العاملين في إدارة الحاكم العام، هذه هي القومية العربية الذي إذا وُضعت على المحك فإن معدنها الأصيل .. هو الوحيد الذي يتمايز.

 ( 13 ) الجامعة والآفاق الجديدة .

أنهى خليل الوزير / دراسته الثانوية عام 1955 وإلتحق بجامعة الإسكندرية / كلية الآداب – قسم فلسفة وعلم اجتماع، وهنا في مصر كانت إحدى أهم حلقات حياته الذهنية ..، حيث التقى مع / عبد الفتاح عيسى حمود/، وكانت مجموعة الشباب في قطاع غزة، قد أوفدت، كمال عدوان للالتقاء به، ولكن المخابرات عثرت على رسالتهم معه ..، واستمر التواصل معه سراً – إلى أن كان لقاء (الوزير مع حمود) من أهم خطوات انتشار الفكرة الجديدة .. حيث شكلا ثنائياً ناجحاً لطرح الفكرة.

وهنا تعلم خليل الوزير .. أكثر عن تجربة رابطة الطلاب الفلسطينيين .. وتأكد أن فكرتهم في قطاع غزة – القائلة بالخروج من الأزمة الوطنية التنظيمية الطارحة ذاتها وبعمق .. إنما يكمن في جمع حدود معادلة ' الكل الوطني ' في محصلة فعل ضد المشروع الاستعماري الصهيوني، وتأكد من إمكانية نجاح ذلك بعد إطلاعه بالتفصيل من / عبد الفتاح عيسى حمود / على تجربة رابطة الطلاب الفلسطينيين .. حيث من الممكن أن تتعايش الأفكار مهما تناقضت من أجل إنجاز هدف سام .. على غرار هدف ' استرداد فلسطين ' . لقد كان / خليل الوزير / متعمقاً في رفض مشروعات التوطين .. "أياً كانت مسمياتها .. وهنا زاد وعيه وإدراكه بخطورة هذه المشاريع .. وبأنها فعلاً أخطر ما يواجه القضية الفلسطينية من عوامل وعناصر لتصفيتها. واطلع كذلك على مشاريع تحويل مياه نهر الأردن ..، وعرف كما لم يكن يعرف .. أحوال الشعب الفلسطيني في الشتات خاصة في دول الجوار.

 ( 14 ) قف وفكر .. فلسطين الثبات .

كانت هذه الأمور وغيرها مدعاة لِ' خليل الوزير أن يقف ويفكر ويطور أفكاره النضالية التحررية .. ودرس وباستفاضة ما وقع بين يديه من دراسات حول حركات التحرر الوطني العالمية .. وقصد معظم مكاتبها في القاهرة ، وتحادث مع العاملين فيها وأخذ الكثير من نشراتهم .. وتأثر منذ البدايات بالتجربة التحررية الجزائرية .. ولقد بقي لهذه التجربة في قلبه وعقله مكاناً .. ومساحة لا محدودة. وبدأت آفاق ' خليل الوزير ' تتسع بمساحات واسعة وتتفاعل أفقياً وعمودياً وتتلاقح أفكاره مع المستجدات من الطروحات الفكرية الثورية .. وبقيت فلسطين تشكل شمال بوصلته الثابتة وتحريرها .. هاجسه الأول والأخير .. وكل شيء لخدمة حرب الاسترداد .. أنها الحرب الوطنية المقدسة في خاطر وعقل وضمير وأحاسيس ووجدان ' خليل الوزير ' .

 

 

 

(انتهت الحلقة الأولى..انتظرونا في الحلقة الثانية...)

اخر الأخبار