رؤية دونالد ترامب.. لما لا نستمع اليه

تابعنا على:   01:29 2018-01-31

ماجد هديب

مخطئ هو ذلك الذي ما زال يعتقد بأنه يمكن ازالة إسرائيل بضربة واحدة وللأبد, ومخطئ هو أيضا ذلك الذي ما زال يراوح مكانه بانتظار تحقيق التعايش والسلام مع إسرائيل دون عوامل ضغط, او مقومات لإسناد ما يؤمن به ويدعو له دون أمد, ومجرم هو أيضا كل من يسعى الى افشال الوحدة ما بين كافة فصائل وقوى العمل الوطني ولا يعمل على تحقيقها, ولو بالحد الأدنى من القواسم المشتركة فيما بينهما على قاعدة الانتقال بشعبنا من منعطف الاندثار الى طريق الانتصار من اجل ان نكون, ونحن يجب علينا ان نكون, حتى لا ننتهي, فلماذا كتب علينا ان لا نخرج من دائرة القبول والرفض دون ان نحاول الابداع فيما نطرحه من برامج, وذلك من اجل ان نبقى ونستمر, فالسياسة لا تعني النجاح بتحقيق كل ما نسعى اليه رزمة واحدة, وانما بتحقيق ذلك من خلال خطوات متصلة ومتلاحقة من الفعل النضالي المتراكم, فلنواصل برامجنا اذا بشكل مستمر وبعيدا عن الشعارات التي لم تجلب لنا الا ذلا وامتهان كرامة, وبعيدا أيضا عن الخوف الذي لم يجلب لنا الا تبعية واحتواء ووصاية, وهنا علينا ان نتساءل, لماذا علينا ان نتعامل بردات فعل لم تجلب لنا ومنذ احتلال فلسطين الا تخلفا وانقساما وتهديد لهويتنا ووجودنا ؟,وماذا يمكن لردات الفعل تلك ان تقدم لشعبنا وخاصة في ظل ما نعانيه من انقسام وضعف عربي واسلامي, وفي ظل ما يعانيه شعبنا أيضا من انقسام وعدم بلوغه مستوى ما تتعرض له القدس من تهويد؟,ولماذا سارعنا الى الإعلان بان الولايات المتحدة الأمريكية ليست بذي صلة بعد الان بعملية السلام, ولم نسعى الى الاستماع الى رؤية ترامب بدلا من الانزواء جانبا بانتظار القدر وقرارات المؤسسات الدولية التي تتحكم بها ادارة ترامب نفسه, ونحن في حالة من الادراك التام باننا في ظل عالم ما زال احادي الجانب ؟.

انا هنا لا أطالب بالخضوع كليا لما يطرحه ترامب او الاستسلام لما يهدف الى تطبيقه بالقوة وفقا لما كان قد أشار اليه في خطابه عند إعلانه الاستراتيجيات الامريكية لمرحلة رئاسته المقبلة, ولكني أطالب بالاستماع اليه من اجل ان نبقى في مربع المؤثر في السياسات وليس المتأثر فيها, حتى لا نعيد تجربة الحركة الوطنية الفلسطينية في سنوات العقد التلاثيني والأربعيني, فلا هي استطاعت الحفاظ على ما كان موجودا بالأصل من حقوق للفلسطينيين من أراض ومؤسسات, ولا هي حاولت ايضا تعظيم تلك الحقوق من خلال التعاطي والتجاوب مع ما كان يعرض عليهم من حلول, وذلك نتيجة لاءات قيادة الحركة الوطنية التي اطلقوها في ذلك الحين دون فعل بديل, وذلك بسبب ما كانوا يتعرضون له من مؤامرات, ومن تغليب العاطفة لا العقل على تحركاتهم وتصريحاتهم, فهل اللاءات التي اطلقناها اليوم في ظل ما نتعرض له يمكن لها ان تجلب لنا شيئا, ام انها لن تحافظ حتى على ما كنا قد حققناه من انجازات كانت قد تعمدت بدمائنا ؟,وكيف لا ونحن اذ نتعرض اليوم بأكثر مما تعرضت له الحركة الوطنية الفلسطينية على امتداد سنوات نضال شعبنا الطويل بفعل الأنظمة الأكثر تامرا اليوم علينا, بل والاشد شراسة في الدفاع عن مصالح الاستعمار وتنفيذا لمخططاتهم ؟,وهنا نسال مجددا, ماذا يمكن ان يجني الفلسطينيون فيما لو تمسك الرئيس الفلسطيني بالرفض لوحده, ودون مساندة من العرب او التفاف من الشعب حوله, وحتى ودون تصاعد لمقاومته الشعبية ايضا؟ .

ان أقصى ما يمكن ان يتحصل عليه الفلسطينيون نتيجة لاءاتهم اليوم هي تحسين وضعهم الاقتصادي دون السياسي على اعتبار انهم مجرد عبيد في إقليم لا هوية لهم او حقوق سياسية، تلك الحقوق التي ستسقط حتما حق نقاشهم فيها لعقود طويلة.

الا يعلم الفلسطينيون بان ما هو معروض علينا الان اقل بكثير مما كانت تطرحه اللجان الدولية على الحركة الوطنية الفلسطينية في سنوات العقد الثلاثيني, وان البعض من الباحثين ما زال يجرم ما ارتكبته قيادة الحركة الوطنية في سنوات العقد الأربعيني بفعل عدم التعاطي مع ما كان مطروحا لهم من توصيات اللجان الدولية وما نتج عنها من قرارات ؟,فماذا يمكن ان يكون حالنا اذا بعد عقود ؟, وماذا يمكن للأجيال القادمة ان تصف به قيادات شعبنا الحالية ؟,وماذا يمكن ان يقال فينا كشعب لما نحن فيه الان من عجز, ومن عدم المقدرة على تثبيت حقوقنا حتى لا ننتهي تماما؟, وهل يمكن وصف القيادة الحالية بعد عقود بانها كانت خائنة لأنها أعلنت لاءاتها دون فعل شيء كما هي لاءات شعبنا في ظل قياداته السابقة ؟, ام انه مطلوب منا ان نقول للقيادة الان اياكم وان تتنازلوا, ولنترك الحكم عليكم للتاريخ وللأجيال القادمة, فاذا ما حكمنا على القيادات السابقة بالجهل بعد عقود طويلة لعدم موافقتهم على ما كان مطروحا عليهم في ذلك الحين, ولان ذلك الرفض هو سبب ما نحن فيه اليوم من تيه وضياع, فهل يمكن لنا بعد سنوات فقط ان نقول يا ليتنا كنا قد خرجنا من دائرة الرفض هذه وقبلنا ما جاء به ترامب, وانه سياتي ذلك اليوم أيضا الذي نتذكر فيه انه كان لنا علم وهوية ؟.

لنحاول الخروج بأقل الخسائر مما يحاك ضدنا من اجل الحفاظ على الكيانية الفلسطينية التي من خلالها يمكن ان نتقدم ونعمل على تثبيت فلسطين جغرافيا كما ثبتناها سياسيا، لان الانتعاش الاقتصادي والمعابر المفتوحة التي يسعى اليها البعض وهو المطروح أمريكيا فيما لو رفضت القيادة الفلسطينية التجاوب مع ترامب والاستماع لرؤيته لن تجلب لنا دولة، ولن يكون لنا علم، ولا حتى حقوق، بل سنصبح حينها كما هم الهنود الحمر الان، بلا هوية لهم او ثقافة، فهل نفعلها الان ونستمع لترامب حتى لا نكون كالهنود الحمر؟. لنستمع لرؤية دونالد ترامب.

اخر الأخبار