نحو الأمثل!

تابعنا على:   13:48 2018-01-27

تحسين يقين

لا..لا.. ليس هذا هو المطلوب..وما نقوم به ليس هو الأفضل!
هناك ما يمكن الإبداع فيه..
فلا تنتظروا التصفيق دوما!
ولا تحبوا تصفيقنا!
لسنا هنا لنؤكد، ولا لنعارض في زمن نحتاج تضامننا، ولسنا هنا بحاجة للخطابة، بل للتفكير. نحتاج النقد أكثر من الولاء، نحتاج إعادة الاعتبار للعمل الذاتي فرديا وجماعيا ووطنيا، لا لرمي المشجب على حبال مهترئة لآخرين.
بالرغم من مضمون " أنقذني أولا ودع الملامة ثانيا"، وبالرغم من تقديرنا لاجتهاداتنا الفلسطينية في سياقاتها الزمانية والمكانية، في ظل العلاقات الدولية السائدة، إلا أن ما يتم اليوم من ردود فعلنا كفلسطينيين تجاه إعلان الرئيس الأمريكي ترامب ليس بالرد الأمثل!
ولا أظن أننا كنا دوما على الوجه الأكمل في تاريخنا الفلسطيني الحديث والمعاصر، ولو كنا كذلك لحصدنا نتائج أفضل!
أؤمن على المستوى الفردي، والجمعي بمضمون المثل القائل: ما حك جلدك مثل ظفرك فتول انت جميع أمرك، وإن لم يطل الظفر جميع الظهر؛ فهناك خشبة لها كف صغير ككف الطفل تقوم بباقي مهمة حك كافة أنحاء الظهر. كما أؤمن " خلّع شوكك بإيدك"..
لا أظن أن الشعور بالمفاجأة تجاه المواقف السياسية ينمّ عن ذكاء سياسي؛ فليس هذا اكتشافا، كما لا ترتقي المبالغة في الانشغال به لمضمون النضال؛ فهناك ما يستحق أن نناضل من أجله.
آخر هذه الردود هي المبالغة في الانشغال بأمر زيارة نائب الرئيس الأمريكي؛ فالأفضل إذا فكرنا بردّ أمثل فعلا هو ترك الأمور كما هي، كأن لا زائر هنا، لا إضراب، والاكتفاء بخبر صغير؛ علما أنه كان بالإمكان إنجاز مواجهة دبلوماسية هنا في رام الله تحرج الزائر، وتجعله يعيد النظر بما يصرّح به، مدعومين من أشقائنا العرب، حيث أكد الملك عبد الله بن الحسين على الموقف العربي تجاه القدس، ولا أظن الأشقاء في مصر إلا قد أكدوا على ذلك من قبل، بل لعل الحكماء في إسرائيل نفسها يؤكدون عليه أيضا.
كان من الممكن تقديم محاضرة عن الوجود هنا، عن التاريخ..فما يدرينا ما هي مصادر تعلم الفتى مايك بينس؟ كان من الممكن مثلا إعلامه بأن الفلسطينيين هم اليهود الأصليين الساميين، ومنهم بعد ذلك من اعتنق هذا الدين أو ذاك، مع تردد الأنبياء هنا، وأن يهود الخزر أمر آخر..فالقضية لم تكن ولا ينبغي أن تكون مسألة دينية..الدين لله والوطن للجميع..هكذا فهمنا كسكان أصليين رحبنا بالبشر لا بالغزاة. ورغم ذلك فقد قبلنا بنتائج دورات الزمان؛ فكيف نعاقب على تسامحنا!
كيف يقيل قلب أن يعاقب اللاجئون بعد كل هذه المعاناة بعدم عودتهم!
كيف يقبل قلب أو عقل أن تسرق مواردنا؟
كيف سيتحقق السلام وفق هذه المعايير الظالمة؟
أليس مصير أية وثيقة لا ترتكز للحد الأدنى من الكرامة والحقوق هو سلة المهملات!
لا اعد إعلان ترامب زلزالا؛ كما لا أعد أسراه مناضلين بما يكفي للارتقاء بمعنى النضال السياسي الأكثر ذكاء؛ بل ما نصنعه يغري بنا وعلينا، لعرض ما هو أقل مستقبلا: الأيام أثبتت ذلك..ومن يستقرئ تاريخ الصراع هنا يجد هذا الزعم صحيحا.
نحتاج لجدية أكثر، ولقلوب تكون على بعضها أيضا، ونحتاج لسياسيين وقادة حينما يناضلون هناك في سماء السياسة ألا ينسون أرض العمل؛ فالالتفات لما يقوينا هنا مهم أيضا بل أكثر استراتيجيّة أيضا.
من الأفعال المقترحة: زيارة الرئيس ورئيس الوزراء وأعضاء اللجان الوطنية والفصائلية في المنظمة لما يمكنهم زيارته من مزارع ومصانع ونواد ومراكز، والحديث عن إبداع البشر هنا.
وما يقوينا هنا قليل، قليل من الخبز، قليل من الفرح والحب..
هذا اكبر رد على الكولينالية.
نحن أقوياء، بل أقوى من الاحتلال؛ فإذا فعلوا ما فعلوا من قرن، من 70عاما، من 50 عاما، من 24 عاما، من 15 عاما، من 10..5 ..عام أشهر أيام وحتى الآن وغدا لترسيخ الأمر الواقع؛ فنحن الأمر الواقع والأكيد..
شعبنا هنا في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشريف، وفي قطاع غزة، وفي الداخل المحتل عام 1948والشتات؛ فأي طاقة سنحصد لو اندمجت القلوب؟ لسنا بحاجة لطاقة صهر كبيرة، فقط النية السليمة والكلمة الطيبة، وتخفيف الفجوات على المائدة؛ فكيف سيخشى الاحتلال وهو يرى ما يرى فجوات اقتصادية بيننا كبيرة هنا؟
هل نذكر بما كان؟ كيف بقينا هنا خلال الحكم الأجنبي من قرون؟ لو تأمل كل مواطن محيطه المدينيّ والقروي يجد الجواب في الإنتاج وتبادله، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وليس هذا شعارا، لكن كيف وقد استسهل آخرون ما هو آن من حصاد أثبتت الأيام من بدايتها أنه كان ذاتيا!
الدهشة؟ ليس هناك ما يثيرها! فهل كان المندهشون يتوقعون غير ذلك؟ اذن كنا ساذجين!
فاذا كنا ندرك ذلك، فلماذا نشعر بالاكتشاف الذي نسوقه كنضال..! إن العزف على النغم نفسه لن يخلق بسهولة الحانا جديدة!
التفكير! نعم وهل هناك غيره! ام يحسب الكتبة والحفظة والمنشدون أنهم سيفعلون اختراقا: لم يكن أفلاظون على خطأ حين طردهم من مدينته الفاضلة.
فبدلا من هذا الارتجال والذي هو بلا فائدة، هلا بحثنا عما يقوينا؛ من الذي شجع ثقافة الاستهلالك؟ ومن الذي سار على ما خطط له الاحتلال منذ عام 1967 حينما أصبح العمال والفلاحون بروليتاريا في الورش والمصانع والمستطونات الإسرائيلية؟ ومن الذي أكد على هذا النهج رغم ما صار بأيدينا من أدوات تفكك هذا المخطط؟ من الذي ساهم بتوسيع الفجوة بين الناس والأرض!
لذلك يظل المطر هو الأكثر حضورا؛ ثمر، نصنع منه، ونتاجر، فنبقى، أما أن نقصّر في وإرث زراعي ، فمعنى ذلك تقصيرا في الإرث الصناعيّ..
-   من؟
-   أنقذني أولا ودع الملامة ثانيا!
-   سأفعل، لكن لا مانع من اللوم والعتاب!
-   أنقذني!
-   انقذ حالك!
أختم رغم ميلي لوصف نفسي بالمزارع والمعلم، بما ذكره إدوارد سعيد حول استقلالية المثقف في كتابه "صور المثقف":
"وجوهر الأمر ان المثقف، حسب مفهومي للكلمة، لا هو عنصر تهدئة ولا هو خالق اجماع، وإنما هو إنسان يراهن بكينونته كلها على حس نقدي، على الإحساس بأنه على غير استعداد للقبول بالصيغ السهلة، أو الأفكار المبتذلة الجاهزة، أو التأكيدات المتملقة والدائمة لما يريد الأقوياء التقليديون قوله، ولما يفعلونه. ويجب ألا يكون عدم الاستعداد هذا مجرد رفض مستتر هامد، بل ان يكون رغبة تلقائية نشطة في الإفصاح عن ذلك علنا…"
وأخيرا، هل كان محمود درويش في قصيدة "الظل"، من ديوان "لا تعتذر عمّا فعلت" ساخرا سياسيا من النظم السياسية التي تريد الكتاب أن يكونوا ظلا؟
"الظلُّ، لا ذَكرٌ ولا أنثى
رماديٌّ، ولو أشعلْتُ فيه النارَ...
يتبعُني، ويكبرُ ثُمَّ يصغرُ
كنت أمشي. كان يمشي..."
الى اخر القصيدة والديوان!

اخر الأخبار