حالة من الابتزاز المالي في السياسة الأمريكية

تابعنا على:   16:27 2018-01-06

محمد جبر الريفي

يتكشف يوما بعد يوم مدى العداء الذي يكنه الرئيس الأمريكي ترامب للشعب الفلسطيني ..عداء سافر تجاوز كل حدود العلاقات السياسية بإدخال عنصر الابتزاز المالي لتطويع الإرادة الوطنية الفلسطينية للخضوع لمواقفه وسياساته الحمقاء اعتقادا منه أن الحقوق الوطنية الفلسطينيه التي أقرتها الشرعية الدولية ممكن أن يتم مقايضتها بالمال الأمريكي الذي تجنيه الخزينة الأمريكية من عملية النهب التي تقوم بها الشركات الاحتكارية الامبريالية الأمريكية لمقدرات الدول الواقعة ضمن إطار علاقات التبعية كالدول النفطية العربية الخليجية وغيرها فالرئيس الأمريكي ترامب لم يكتف بزيارته لحائط البراق الذي يسمونه اليهود حائط المبكى في أول زيارة قام بها إلى الكيان الصهيوني بعد توليه منصب الرئاسة في البيت الأبيض وكان قد وضع القلنسوة اليهودية على رأسه تأكيدا على إيمانه الديني بأحقية امتلاك اليهود لهذا الجزء من المسجد الأقصى وكان ذلك اول إشارة على أصوليته المسيحية المتحالفة مع الأصولية اليهودية الصهيونية تبع هذه الزيارة بعد ذلك بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني والعمل على نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب اليها وذلك في سابقة خطيرة لم يقدم عليها أي رئيس أمريكي سابق على الرغم من أن البعض منهم قد وعد أثناء حملته الانتخابية في اتخاذ مثل هذا القرار وذلك طمعا في كسب أصوات اليهود الأمريكيين وكذلك إذعانا لنفوذ اللوبي اليهودي في الكونجرس إلا أن إؤلئك الرؤساء الأمريكيين لم ينفذوا ما وعدوا به وظلت هذه الوعود لفظية في اطار الدعاية الانتخابية وذلك حرصا منهم على بقاء الدور السياسي الأمريكي كوسيط منفرد في عملية السلام مقبولا عند الشعب الفلسطيني والامة العربية. . لم يكتف الرئيس ترامب بإعلان ذلك القرار المشؤوم الذي واجه معارضة دولية حتى من قبل الاتحاد الأوروبي الحليف الأكبر للولايات المتحدة الذي يتبنى غالبية سياستها الدولية القائمة أساسا على نزعة الهيمنة الكونية ( القطب الاوحد ) خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق وذلك على الرغم من التعارض الذي قد يحدث بين دول الاتحاد وواشنطن بسبب اختلاف المصالح القومية ضمن إطار النظام الرأسمالي العالمي بل قام الرئيس ترامب بتصعيد موقف العداء للشعب الفلسطيني بالتهديد بقطع أو تقليص المساعدات المالية عن السلطة الوطنية الفلسطينية و عن منظمة الأونروا التابعة للأمم المتحدة الخاصة باغاثة الاجئين الفلسطينيين وذلك اذا ما عادت السلطة الفلسطينية مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي وحسب الإشتراطات الإسرائيلية المعروفة وهي اشتراطات إملائية متطرفة تمثل برامج الأحزاب اليمينية الصهيونية التي تتوافق مع مصالح المستوطنين والخامات من رجال الدين في المؤسسة العسكرية الذي يقودها ليبرمان ومصدر هذه الإشتراطات الإملائية الذي يصرح بها نتنياهو تكرارا في كل حديث عن العملية السلمية ..مصدرها الفكر الصهيوني العنصري والتي من شأنها أن تنسف أي حل سياسي عادل وشامل وكامل للقضية الفلسطينية. .هكذا يخرج الرئيس ترامب بلاده الولايات المتحدة من أي دور سياسي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بحكم انحيازه الفاضح للجانب الإسرائيلي وهو ما لم يفعله أي رئيس أمريكي آخر سواء أكان من الحزب الجمهوري أو الديموقراطي حيث كانوا حريصين دائما على بقاء السياسة الأمريكية فاعلة في قضايا الشرق الأوسط خاصة في موضوع الصراع العربي الصهيوني وذلك حفاظا على المصالح الحيوية القومية فعلى الرغم من الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني على كل المستويات ومنذ نشأته عام 48 حيث كانت الولايات المتحدة اول دولة في العالم تعترف به إلا أن بعض الرؤساء الأمريكيين السابقين كثيرا ما كانوا يعارضون بعض الإجراءات الإسرائيلية خاصة في موضوع التوسع الاستيطاني وحقوق الإنسان وقد وصل الأمر في احدى الفترات إلى وجود أزمة ثقة عميقة في العلاقات بين الرئيس السابق أوباما ونتنياهو الذي اتهمه البيت الأبيض بتحريض الكونجرس الذي كانت تسيطر عليه غالبية نواب من الحزب الجمهوري .. ان سياسات ترامب العدائية تجاه شعبنا الفلسطيني سوف تلحق الضرر آجلا أم عاجلا بالمصالح القومية الأمريكية لأنه يجعل الولايات المتحدة تقف في خندق واحد مع الكيان الصهيوني في مواجهة شعوب دول المنطقة التي تسعى للتحرر والاستقلال الوطني الكامل والتخلص من علاقات التبعية لأنه بمواقفه السياسية الرعناء تلك من القضية الفلسطينية التي هي قضية وطنية عادلة اضحت تحقق نجاحات سياسية ودبلوماسية متتابعة على الصعيد الدولي يدلل على أنه عنصري أحمق تنقصه الحكمة والتجربة السياسية ملتزم بتحقيق الرؤية الإسرائيلية التي هي مجموعة من أساطير وخرافات الميثولوجيا اليهودية التي لم تعد تنسجم مع التطور الحضاري العالمي.

اخر الأخبار