حقيقة صراعنا مع الكيان الصهيوني

تابعنا على:   18:14 2014-04-05

رفيق أحمد علي

يخطئ من يظن أنّ صراعنا مع العدو الغاصب الصهيوني هو فقط من أجل استرداد أرض سلبت واستعادة حقٍّ ضيّع أو الأخذ بالئأر ممن سفك الدماء البريئة ويتّم الأطفال وشرّد الأُسر.. وإن كان ذلك من صميم الواجب الوطني والشرعي؛ إذ يقول الله تعالى لنا :".. فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم.."(البقرة 194) ويقول جلّ وعز:"..وأخرجوهم من حيث أخرجوكم.."(البقرة 191) إلا أنّ الحقيقة التي لا يمكن إغفالها هي أنّ هذا الصراع أولاً وقبل كل ذلك هو صراع وجهاد عقيدة واعتقاد.. وهذا ما بنى عليه المغتصب الإسرائيلي الصهيوني نفسه عدوانه وأقام كيانه ؛ إذ أعلنها دولةً بمسمّى أحد أنبيائهم وجدودهم(إسرائيل) الرمز الذي يكفي دلالةً على عدوان عقائدي وغزو باسم العقيدة، ولو تأملنا لوجدنا أنّ هذه العقيدة ليست بالضبط هي (اليهودية) لأنّ اليهودية إنما وجدت بظهور موسى (عليه السلام) بعد المرموز به(إسرائيل) وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (عليهم جميعاً السلام) إذ أنّ هؤلاء كانوا على الحنيفية الإبراهيمية وهي عقيدة الإسلام أيضاً؛ إذ يقول الله تعالى:" .. ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين"(آل عمران 67) في الوقت الذي يدّعي الكيان أنه على اليهودية الموسوية ويطالبنا بالاعتراف بدولته(دولة يهودية)! والمعروف أنّ التوراة أُنزلت على موسى (عليه السلام) ولكنها اندثرت ولم تحفظ كما نزلت، فلم يبق منها إلا روايات محرّفة ادّعوها على ألسنة أنبيائهم ممن جاءوا بعد موسى(عليه السلام) وسطّروا ما أسموه بالعهد القديم والعهد الجديد.. فبدلوا فيما حُرّم عليهم وأُحلّ، وحرفوا الروايات فزادوا وأنقصوا بحسب أهواء مادية أحياناً وسياسية أحياناً أخرى.. ليظهر لديهم بعد ذلك في هذا الإطار ما أسموه بالتلمود الذي يدعوهم إلى قتل الأغيار من دونهم واستباحة أموالهم وديارهم واعتبارهم عبيدا لهم بل حيوانات مسخّرة! وليصبح لهذا التلمود العقيدي السياسي من القداسة عندهم ما يزيد عن التوراة ذاتها! وما هو إلا من وضع حاخامات السياسة ودعاة الدولة التي مهدوا به لها؛ لتقوم على أرض فلسطين.. فما كان قيامها إلا على موروثات نصية من تناقضات وتحريف، وأسس مذهبية من خرافات وأساطير، ووسائل تنفيذية من عنف وإرهاب واعتداء واغتصاب لا غير! وما دام الأمر بهذا الواقع وهذا الوضوح، فما حربنا وصراعنا مع الكيان الصهيوني ـ إضافةً إلى عدوانه واغتصابه الوطن ـ إلا صراع بين حقٍّ وباطل.. بين عقيدة وشريعة صحيحة حفظت بحفظ القرآن الكريم الذي قال الله تعالى فيه:" إنّا نحن نزّلنا الذكرَ وإنّا له لحافظون"( الحجر 9) وبين عقيدة انحرفت وشرائع حُرّفت ؛ إذ يقول الله تعالى في ذلك:" .. من الذين هادوا يحرّفون الكلِمَ عن مواضعه.."(النساء 46) ويقول:".. يحرّفون الكلِم عن مواضعه ونسوا حظّاً مما ذُكّروا به.."(المائدة 13) وهكذا يترسخ لدينا سببان للصراع مع الكيان الإسرائيلي الصهيوني: سبب العدوان واغتصاب الحق وسبب شيوع الفساد وهيمنة الباطل أمام الحق.. ويُزهق الله الباطل ويحق الحق! وبالتالي فإنّ لعدم اعترافنا بيهودية هذا الكيان في شكل الدولة أيضاً سببان: الأول هو أنّ الاعتراف بيهودية الدولة يعني أنه يصبح لا حقّ للعرب الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين في فلسطين إلا كأقليات وجنسيات ثانوية! والسبب الثاني أنّ الاعتراف يعني اعترافاً ورضىً بباطل اعتقاد، وإقرارا بشيوع فساد وإفساد ورجس وضلال على أرض طُهر ورشاد.. وهذا ما لا يقبله مسلم يدين بدين الحق على أرضه و وطنه وجوار موروثاته وفي مقدساته! ونظل على الحق مرابطين ظاهرين لعدونا قاهرين بإذن الله وعونه منتصرين!