
العلاقات الأمريكية _السعودية .. قراءة في قمة روضة خريم؟؟
أحمد رمضان لافي
مُنذ لقاء الملك السعودي عبد العزيز آل سعود مع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت في البحيرات المرة قرب السويس في شباط 1945 ,, تأسست العلاقات السعودية الأمريكية على قاعدة تعامُل قوة دولية عُظمى مع دولة لها وزنُها العربي والإسلامي والاقتصادي كدولة محورية في الإقليم , فقد عَصفت المنطقة بأحداث غَيّرت مَجرى التاريخ , بدءًا بالصراع العربي الإسرائيلي وتداعياتُه السياسية والإنسانية والاقتصادية في المنطقة, وحرب رمضان 1973 وموقف الملك الخالد فيصل من وقف النفط, والحرب العراقية الايرانية وما تلاها,, واحتلال العراق للكويت وتداعياتها الشاملة, واحتلال العراق واسقاط نظام صدام حسين, وهجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 وزج المملكة فيها من خلال بعض أسماء السعوديين المشاركين فيها وما تَبِعَها مِمَا سُمِى بالحرب ضد الإرهاب, وانعكاساتها على العالم بشكل عام والمسلمين بشكل خاص,
فقد استمرت العلاقة بين البلدين تأخذ أشكالًا مُتعددة شرط عدم استحضار العلاقة التصادمية بين البلدين حتى انتشر ما سُمى "بالربيع العربى" في المنطقة فبدت ملامح الخلاف تظهر بين البلدين بشكل جلى ليس فقط بين الأروقة الداخلية وفى اطار الصندوق الأسود السياسي بل كان الإعلام حاضرًا في علاقة البلدين التصادمية.. ففي الوقت الذى وقفت الولايات المتحدة داعمة للإخوان المسلمين كانت السعودية في الطرف الآخر, حيثُ أدركت الأخيرة أن مشروع الإخوان في المنطقة هو الأخطر ليس فقط على المملكة بل على المنطقة بشكل عام ,, حيث التباينات فى رؤية كلا البلدين واضحة حول الأحداث, فنرى كيف تعاملت واشنطن مع الملف المصري حيث دعمت الأخيرة الإخوان بشكلٍ فظ وكأن واشنطن تقول أن وجود الجماعة في مصر هى الأداة المناسبة لتنفيذ كل ما نريد في المنطقة.. أما الملف السوري فَحَدّثْ ولا حرج, ناهيك عن التقارب الأمريكي الإيراني خاصة بعد وصول الرئيس حسن روحانى للسلطة والتوصل إلى اتفاقية حول مشروعها النووي مع الغرب برعاية أمريكية , برغم الدعم الإيراني الغير مسبوق لنظام بشار الأسد, كما أن هذا الاتفاق يُعّزِزْ من نفوذ إيران في المنطقة على حساب العرب بشكلٍ عام والسعودية بشكلٍ خاص, غير ذلك فإن دعم إيران الواضح للجماعات الشيعية في اليمن ولبنان والبحرين ودعم منظمات فلسطينية كحماس وموقفها من المصالحة الفلسطينية كلُ ذلك يُؤثِر على كيانية المملكة كدولة محورية وأمنها القومي, ولا يُمكن تَجَنُب الحديث عن اسرائيل ربيبة واشنطن وما تفعله في فلسطين رغم كل ما قدمُه العرب من تسهيلات للوصول إلى حلٍ سلمى للصراع والذى كانت مبادرة السلام العربية التى قدمها الملك عبدالله السعودي في قمة بيروت هى المشروع العربي الأكثر جُرأةً في تاريخ الصراع وهى رغبة عربية حقيقية لإنهاء الصراع دون تفاعُل واشنطن بشكلٍ يُوحِى بأنها مَعنية في حلٍ يُلبى الحد الأدنى من الحقوق العربية. إذًا هذه الملفات الساخنة دفعت الرئيس أوباما بالسفر آلاف الأميال للقاء ملك السعودية لمحاولة ترميم ما حدث من تباينات في إدارة تلك الملفات بين البلدين والتأكيد على دور المملكة المحوري في المنطقة الذى لا يُمكن لواشنطن إغفاله, كما دفعت المملكة بالاستقبال الفاتر الواضح لأوباما من خلال استقباله أمير وليس ولى العهد. فهل نجح أوباما بلقائه الملك عبدالله بترميم العلاقة والمحافظة عليها من خلال تغيير سلوكها كدولة عُظمى ومُؤثرة في الملفات الإقليمية بما يُرضى السعودية؟؟ وإلى أى مدى سَتَقْبَلْ السعودية حُبْ واشنطن لها من طرفٍ واحد دونَ تقديم ما يُمكن تقديمُه للحفاظ على هذه العلاقة التاريخية بين البلدين؟؟ أعتقد أن دور واشنطن تراجع بشكل كبيرٍ في معظم القضايا بدليل موقفها المنحاز من المفاوضات الفلسطينية _الاسرائيلية وعدم مقدرتها على الضغط على اسرائيل للتراجع عن مواقفها السلبية اتجاه العملية السلمية,, ولم تستطيع واشنطن تسليح المعارضة السورية بمعداتٍ قتالية تصل بنهاية المطاف لأطرافٍ ارهابية تَستَخدمُها بعد ذلك ضد اسرائيل, ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء بالضغط على إيران لوقف برنامجها النووي الذى يُهدد المنطقة ويُعزز نفوذها على حساب السعودية .ولذلك فإن المتوقع ازدياد تأزم العلاقات الأمريكية _ السعودية رغم محاولة أوباما الأخيرة وتصريحاته الخجولة في قمة "روضة خريم", الأمر الذى يؤدى إلى توسيع دائرة التشابك السياسي على الساحة الدولية خاصة بعد الحضور الدولي القوى لروسيا كما رأينا في الأزمة السورية والأوكرانية..