لسنا طوائف ولسنا أعداء
عماد الدين عبد الحميد الفالوجي
كل متابع لتطورات قضية الموظفين في قطاع غزة وكيفية التعامل معها وبتفاصيلها يصيبه الحزن على ما وصلنا إليه في طريقة التفكير والحكم والتعامل مع جمهور الموظفين ، حتى وصل الأمر أن يتوجه لي سؤال في إحدى اللقاءات ، هل تعتقد أن يعمل موظف حماس مع موظف فتح في نفس الدائرة بكل أريحية ؟ سؤال يحمل في طياته فكرا خطيرا لا يجوز التوقف عنده بشكل سطحي ، الثقافة الكارثية الناتجة عن مرحلة الانقسام أوجدت هذا الفكر المريض الذي يحتاج الى علاج وليس فقط الى جواب مجرد ..
كلنا شعب واحد تقع مسئوليته على القيادة الحاكمة بدون تمييز أو تفريق بين أبنائه ، نحن لسنا طوائف متناحرة تعمل على السيطرة الكاملة ضد طائفة أخرى ، نحن شعب واحد ينتمي الى وطن واحد موحد وله هدف واحد متفق عليه هو أن نعيش بكرامة على أرضنا وأن نواجه عدونا الذي يتربص بنا ،،
نحن لسنا أعداء لبعضنا البعض مهما كانت شدة الخلافات بيننا ، نحن نختلف في الآراء لخدمة قضيتنا وشعبنا ، ننتمي الى فصائل متعددة وهذا أمر طبيعي ويدلل على قوة الوعي لدى شعبنا وتعدد الثقافات دليل صحة وإبداع وليس تخلف وجهل ، نحن نعترف بذلك ونفخر به بين الشعوب الحرة ولا يتجاهل بعضنا البعض الآخر ، ونحن من أكثر الشعوب التي مارست الحوار الداخلي فيما بينها لتجاوز الخلافات ، ومن أكثر الشعوب إيمانا بالديمقراطية ومارسها طوال العقود الماضية بكل اقتدار وشهد لنا العالم بأسره ..
ماذا دهانا في هذه المرحلة النكدة من تاريخ شعبنا حتى تجاوزنا الحدود الحمراء للخلاف ؟؟ وأصبحنا نتناحر وتناسينا حقيقة ذاتنا أننا لازلنا تحت الاحتلال ، وهناك عدو يتربص بنا ويخطط ليل نهار لإضعافنا وزرع الفرقة بيننا ..
لماذا هذه القسوة فيما بيننا ؟ ولماذا هذه الأنانية الجاثمة على صدورنا ؟ لماذا هذا التمييز القاسي الذي لا يرحم شبابنا ؟
إن التمييز بين مواطن ومواطن على أساس تنظيمي كارثة الكوارث وذنب لن يغفره التاريخ لأن ذلك سيجسد التنظيم وكأنه طائفة وتشتعل بينا حرب الطوائف ،، مجرم ومجرم ومجرم من يغذي هذا الفكر أو يسمح به ..
كل مواطن من حقه أن يفخر فقط بأنه ينتمي الى هذا الوطن " فلسطين " ، وكل مواطن من حقه أن يفخر بفكره وقناعته طالما هي تحت سقف " فلسطين " ، ولا يجوز التمييز بين أبناء الشعب الواحد في الحقوق والواجبات ..
أزمتنا الحقيقية هي أزمة ثقافة قبل كل شيء ، اختلت الموازين والأحكام في العلاقة بيننا ، لابد من مواجهة تداعيات ثقافة الانقسام من خلال تعزيز ثقافة الإخوة التي نفتقدها ، ثقافة الحب بدلا من ثقافة الكراهية والأنانية الفردية والحزبية ، كيف يقبل مواطن أن يحل مشاكله الخاصة على حساب مواطن آخر ؟ لابد من تكثيف المسئولية الجماعية والشعور الجمعي العام تجاه الكل الفلسطيني ..