دلالة الانتخابات التركية

تابعنا على:   21:55 2014-04-02

عمر حلمي الغول

جرى في الثلاثين من مارس الماضي انتخابات بلدية في الجمهورية التركية، إعتبرها رجب طيب اردوغان البارومتر لقياس شعبيته وشعبية حزبه. واعلن انه في حال لم يقز فيها، فإنه سينسحب من الحياة السياسية، وبالتالي لن يترشح للانتخابات التشريعية القادمة في الصيف القادم.

وضع رئيس وزراء تركيا الاسلاموي ثقله الشخصي والحزبي في معركة الانتخابات البلدية، لا بل قادها بنفسه، لعدم رهانه على أعضاء حزبه في مواجهة التحديات، التي برزت في العام الماضي، وأبرزها تحدي الفساد، الذي طاله وطال ابنه وعدد من اركان حزبه. لذا إعتبر نتائج الانتخابات من حيث المبدأ شكلا من اشكال رد الاعتبار لمكانته ودوره في الحياة الحزبية والسياسية او العكس صحيح.

مع ان إستطلاعات الرأي السابقة للانتخابات، جميعها أعطت حزب العدالة والتنمية الفتقدم والفوز بنسبة 44%، إلآ ان اردوغان لم ينم على وسائد الاستطلاعات الايجابية ، كما لم يكتف بالتوجيهات والاردشادات لقيادات وكوادر حزبه، ولم تثنيه العواصف والتجاذب بينه وبين خصومه، بل اعطته الحافز لخوض غمار الانتخابات لاستنهاض طاقات الحزب ومناصريه، وتوجيه لطمة لكل الخصوم.

مرة جديدة يفوز حزب العدالة والتنمية بنسبة تصل الى 45%، حاصدا المكانة الاولى في 49 مدينة من اصل 81. وحتى لو افترض المرء خسارته في انقرة العاصمة التركية (رفع حزب الجمهورية، الذي حل ثانيا بنسبة تزيد عن ال 25% دعوى قضائية قضائيةضد حزب اردوغان متهما اياه بالتزوير فيها) فإن النتيجة العامة للانتخابات تصب في صالح حزب العدالة والتنمية. لماذا فاز مجددا حزب الاخوان المسلمين في تركيا، رغم انه في العام الاخير إتخذ سلسلة من من الاجراءات المتناقضة مع حقوق الانسان، وبات يفرض انظمة تتوافق مع رؤيته وخلفياته الاخوانية ، ورغم ان جماعة الاخوان أصيبت بانتكاسة إستراتيجية في المنطقة؟ ما هي الاسباب؟ وكيف حصل ذلك؟

اولا ضعف وتفكك قوى المعارضة التركية، وغياب مصداقيتها في اوساط المواطنين.

ثانيا تماسك حزب العدالة والتنمية، رغم حدوث بعض الانشقاقات المتفرقة هنا وهناك، وسلسلة الفضائح الملازمة لها، والاجراءات الاردوغانية المتطرفة في إغلاق صفحات التواصل الاجتماعي بشكل تعسفي.

ثالثا قبول الجماهير التركية ببرنامج حزب اردوغان غول واوغلو، وبالتالي ابتعادها عن احزاب المعارضة.

رابعا رغبة الجماهير التركية باستعادة دور الخلافة الاسلامية من خلال حزب العدالة والتنمية، وانتقامها ولو بأثر رجعي من إرث مصطفى اتاتورك، القائد التاريخي، الذي قاد عملية التغريب للمجتمع التركي مطلع القرن العشرين.

خامسا محافظة الاقتصاد التركي، مع انه اصيب ببعض الانتكاسات، على مستواه في النمو.

سادسا حرص الغرب وخاصة اميركا على بقاء حزب اردوغان في سدة الحكم، لاسيما وان ادارة اوباما وإسرائيل تراهنا على دور هام لتركيا "السنية" في مشروع الشرق الاوسط الجديد.

اي كانت الملاحظات المسجلة على الانتخابات البلدية التركية، فإن النتيجة الجلية والواضحة تشير إلى فوز حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب اردوغان. وعلى قوى المعارضة الاعتراف بهزيمتها امامه، وتعيد النظر في سياساتها وبرامجها، وتعمل على بناء إئتلاف سياسي فيما بينها على اساس برنامج القواسم المشتركة لاستعادة تركيا من يد حزب جماعة الاخوان المسلمين واعادة الاعتبار للروح القومية التركية.

[email protected]

[email protected]