سيناريوهات التدخل العسكري القادم في سوريا ( إيران إلى أين ومع من ؟؟! )

تابعنا على:   00:30 2013-10-21

اشرف الظاهر

يبدو أن بريطانيا مصممة على العيش في حلم عظمتها وقدرتها على تحقيق أهدافها ومشاريعها الجديدة في المنطقة بإصرارها اليوم على القيام بالعديد من المناورات الإعلامية والسياسية والعسكرية التي تصب في صالح إنجاح مخططها الخفي ورؤيتها الجديدة في التصالح مع الشعوب العربية والإسلامية بدلا من أمريكيا ومشروعها التصالحي التي أخذت تتخبط بدورها في انجازه , فها هي بعد أن قامت أمريكيا بطردها من بوابة مصر تعود هذه الأخيرة إلى المنطقة من شباك إيران بعملها اليوم على دعوة إيران للتحالف معها بدل أمريكيا وذلك على ما يبدو بعد أن أدركت بريطانيا حقيقة السياسة الجديدة التي أخذت تتبعها أمريكيا في تحريض حلفائها من بعض العرب على فك تحالفهم معها والضغط عليهم ومن هنا كان أن أخذت بريطانيا تعمل هي الأخرى بنفس الخطى بجهودها التي تبذلها اليوم بفك التحالف الإيراني الروسي الأمريكي فيما يتعلق بسوريا أملة بان يساعدها ذلك على تقويض مشروع أمريكيا وانجاز مشروعها الخاص بها ولما كان هذا هو الحال كان أن أخذت الدول الأوروبية المختلفة تتسابق في كسب ود إيران في طلب التحالف معها بدلا من أمريكيا وذلك بإبداء رغبتها واستعدادها بتقديم تنازلات اكبر لها فيما يتعلق بملفها النووي وتقاسم مغانم المنطقة العربية بينهما بدلا من أمريكيا والحق يقال انه إذا ما استطاعت بريطانيا الوصول إلى عقد اتفاق وتحالف مع إيران للسيطرة على المنطقة برفع العقوبات عنها وسماحها لإيران بامتلاك السلاح النووي فإنها بذلك ستكون قد وجهت ضربة قوية ليس فقط إلى من تحالف معها من العرب وإنما لحليفتها إسرائيل أيضا التي أخذت اليوم تهيم على وجهها هي الأخرى بإعلان أمريكيا عن رغبتها في التصالح مع إيران على حسابها بحالة المغازلة السياسية التي جرت بين روحاني واوباما مؤخرا وبهذا تكون إسرائيل قد أخذت تسير قدما في خسارة الكثير من أسس وجودها في المنطقة بسماحها لنفسها اليوم ان تكون مجرد سن في دولاب التحرك الأوروبي للمصالحة مع العالم الإسلامي ودون أن يكون عندها القدرة على إدراك أن المسالة في جوهرها وحقيقتها بين هذه الدول هي لعبة مصالح لا أكثر ولا اقل وما يعنيه ذلك من أن بريطانيا والاتحاد الأوروبي من وراءه لن يترددوا كثيرا في التنكر لها ولأمنها بل وحتى لوجودها إذا ما اقتضى مشروع تصالحهم مع العالم الإسلامي ذلك وهو ما قد بات يفرض عليها ضرورة أن يكون لها نظرة تصالحية خاصة بها تنظر منها للأمور والأحداث التي تجري من حولها غير تلك التي حددتها لها بريطانيا فالقضية في ملخصها بالنسبة لهؤلاء هي قضية مصالح لا أكثر ولا اقل , فكما كان وجود إسرائيل في قلب العالم العربي والإسلامي مصلحة لها فربما يكون العمل على تحالفها مع إيران اليوم على إنهاء وجودها والتخلص منها مصلحة لها أيضا .

ومن هنا كانت ان جاءت الصورة واضحة في اكتشاف حقيقة التحالفات الجديدة التي بدأت تتشكل اليوم في سماء المنطقة على اثر ما يحدث ويجري اليوم في سوريا والمنطقة والتي أخذت تشير بدورها بشكل واضح وصريح إلى وجود شراكة حقيقية بين كل من روسيا وإيران وأمريكيا في تقاسم مغانم الجسد السوري والتي أخذت تعمل بريطانيا ومجموعة الاتحاد الأوروبي من وراءها على فكه طمعا في اكتساب بعض المغانم فيه وهو اخذ يظهر بوضوح بالمحادثات التي تجريها اليوم هذه الدول مع إيران فيما يتعلق بملفها النووي وإعلان إيران عن إمكانية توصلها لاتفاقات جديدة معها على حساب قضايا إقليمية ولعل أيضا ما اخذ يشير إلى حقيقية وجود شراكة سياسية وعسكرية بين كل من روسيا وأمريكيا وإيران فيما يتعلق بالملف السوري هو التوافق الواضح والصريح للعديد من المسئولين الامريكين والايرانيين والروس من عدم وجود حل عسكري للازمة السورية وان الحل الوحيد لها يكون بالحل السياسي والذي يقوم بدوره على إجبار الثوار على الجلوس مع الأسد لمناقشة خطة الحل الأمريكية والتي اخذ يحملها اليوم الأخضر الإبراهيمي معه إلى مؤتمر جنيف 2 , ولعل أمريكيا بذلك لا تريد أن تدرك بأنها تساهم من حيث تدري ولا تدري بإفشال مخططها ورؤيتها للحل بإصرارها على التمسك بهذا الولد المسمى ببشار والذي لم يعد مقبولا لا عند شعبه ولا عند شعوب الأرض كلها بما تلطخ وجهه وكفيه بدماء الكثير من أبناء شعبه من الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال وبهذا كان أن اخذ المشهد السينمائي الإعلامي الأمريكي التي تخرجه أمريكيا في تغطية حقيقية الاحتلال الروسي الإيراني لسوريا يذوب شيئا فشيئا مع طول سياسة الوقت التي أخذت ترتكز عليها أمريكيا في فرض حلها السياسي على الشعب السوري بتحريض كلا من روسيا وإيران ومليشياتهما من جند المالكي وحزب الله بالقيام بالمزيد من المجازر للضغط على الثوار وإجبارهم على الجلوس مع الأسد لمناقشة خطة الحل الأمريكية والذي أصبح بدوره يمثل حالة من الاستفزاز للكثير من أبناء الشعب السوري الذي عاث فيهم وفي أهاليهم قتلا وتدميرا وذبحا .

ولما كانت أمريكيا قد أخذت ترتكز على سياسة الوقت في إتمام حلها وعدم حاجتها لوجود تدخل عسكري حاليا وحصر هذا التدخل بها وبحلفائها إذا ما اقتضت الضرورة ذلك كان أن أخذت تعمل في اتجاهين عبر عملها على استبدال قضية توجيه ضربات جوية لسوريا بوضع سلاحه تحت الرقابة الدولية وبحصرها قضية التدخل العسكري بها وبمجموعة شركائها وجعلها تصب في صالحها وخصوصا مع بدء اعتمادها لمشروع بديل للمصالحة مع الشعوب العربية والإسلامية يقوم على إعطاء إيران دورا اكبر في السيطرة على المنطقة بكاملها بسماحها لها بغزو كل من سوريا والعراق وإقامة ما يسمى بالهلال الشيعي المقاوم وذلك كله في حال فشلت في إتمام مشروعها الأساس "مشروع الشرق الأوسط الجديد" والذي يقوم بدوره على تقسيم دول المنطقة العربية من جديد إلى دول اصغر وأحقر , أما كيف استطاعت أمريكيا أن تحصر قضية التدخل العسكري في سوريا بها وبمجموعة شركائها وحلفائها الجدد كروسيا وإيران فذلك من خلال دفعها روسيا لتقوم باستخدام حق النقد الفيتو في وجه أي قرار بهذا الشأن من داخله في الوقت التي أخذت تبدي فيه رغبتها قيادة أي تحرك عسكري يتم من خارجه .

ولما كان خيار التدخل العسكري في سوريا حساسا وحاسما للجهة التي تقوم به في حسم الأمور هناك لصالحها كان أن أخذت تتعدد أشكال السيناريوهات المتوقعة لحدوث هذا التدخل والتي تمثلت بدورها بهذه السيناريوهات :-

1-      السيناريو الأول :- عمل أمريكيا على إيجاد المبررات والذرائع لحليفها إيران لتقوم باجتياح كل من العراق وسوريا لإقامة ما يسمى بالهلال الشيعي تحت شعار المقاومة والممانعة والتي ستعمل أمريكيا على إيجاده لها بإعلانها عن رغبتها بتوجيه العديد من الضربات الجوية لسوريا بحجة عدم تعاون الأسد مع لجنة نزع السلاح وهو ما ستتخذه أمريكيا مبررا لها في توجيه ضربات عسكرية لبشار وإيجاد المبررات والحجج والذرائع لحليفتها إيران لتقوم باجتياح كل من العراق وسوريا ولعل هذا السيناريو ما اخذ يظهر بشكل واضح بإطلاق العديد من المسئولين الإيرانيين قديما سلسلة من التصريحات الرنانة والتي اخذوا يهددون فيها أمريكيا من مغبة توجيه ضربات عسكرية لحليفهم المقاوم بشار من أن ذلك سيؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية كبرى في المنطقة ولعل من الجدير ذكره هنا هو أن هذا السيناريو إذا ما وقع فمن شانه أن يكون له تبعات جسام وسلبيات كثيرة على أمريكيا وعلى ظهورها بمظهر تصالحي حقيقي مع المسلمين بإظهارها في صورة المحرض على وقوع حرب طائفية بين المسلمين وهو ما لا تريد أمريكيا الظهور به هذا بالإضافة إلى انه سيكشف حقيقية تحالفها مع إيران في إتمام هذا التدخل العسكري لصالحهما سويا .

2-      السيناريو الثاني :- الإعلان عن فشل لجنة نزع السلاح في عملها نتيجة إصابتها ببعض شظايا الاقتتال بين النظام والثوار وهو ما سيخلق لها ولغيرها من الدول مبررا في إعادة فتح ملف توجيه ضربات عسكرية للأسد لمنعة من استخدام السلاح الكيماوي من جديد ضد شعبه .

3-      السيناريو الثالث :- قيام الثوار بشن حملة عسكرية قوية على الأسد ومليشياته ومناطق تواجده وتواجد حاضنته الشعبية بقيامهم بمجموعة من الإعمال التي تصب في صالح إسقاط النظام وليس توسيع حجم سيطرتهم على مناطق جديدة في سوريا وخصوصا بعد إن بات هذا النظام ضعيفا ولم يتبقى منه إلى صورته الإعلامية التي تحرص أمريكيا اليوم على إظهار صموده بها ولعل قيام الثوار بهذه الحملة القوية التي تهدف الى اسقاط النظام كليا وعن بكرة أبيه هو ما سيعطي بدوره حجة لبشار ومجموعة حلفاءه ومرتزقته من مليشيات المالكي وحزب الله وغيرهم بتوجيه سلسلة من نداءات الاستغاثة بإيران للقدوم بجيوشها إلى سوريا والعراق لمساعدتهم على التصدي للثوار في كل من العراق وسوريا وهو ما سيعطي بدوره حجة لإيران لتقوم باجتياح كل من سوريا والعراق تحت ذريعة المقاومة والممانعة والثوار الموالين لامريكيا ولعل هذا السيناريو هو ما سيعطي بدوره أيضا العديد من الحجج الشعبية والجماهيرية والدولية للعديد من الدول العربية وعلى رأسها دول الخليج واليمن والأردن ومصر للدخول في حرب مع إيران تخت ذريعة التصدي للغزو الإيراني الفارسي للمنطقة العربية ولعل أيضا هذا ما سيعطي ميزة إضافية للعديد من الدول العربية من نزع قناع المقاومة والممانعة عن إيران والتي تعمل أمريكيا اليوم بجد واجتهاد على إلباسه لإيران في إيجاد قاعدة جماهيرية وشعبية داعمة لها في المنطقة لقيامها باي تدخل عسكري قادم في كل من سوريا والعراق .

ولعل ما يجب ذكره هنا من أن هذا السيناريو لا يمكن له أن يتحقق أو يكون إلا بوجود تنسيق وتحالف وتوافق كامل بين مختلف الكتائب الثورية السورية الإسلامية وذلك بعيدا عن أي ارتباطات أو وعود خارجية وذلك عبر وضع خطة عسكرية مشتركة بينها يكون عنوانها التوكل على الله والإيمان المطلق بان النصر من عنده لا من عند احد غيره وان مجرد الظن ولو لبرهة من الزمن بان النصر لا يتحقق إلا بالتمسك بوعود هذا الشيطان وذاك فان من شانه أن يورثهم الهزيمة والخسران المبين في الدنيا والآخرة ويبقيهم في عذابهم يهيمون إذ أن الله سيحبس هذا النصر عنهم حتى يعودوا للإيمان بمعاني إلوهية الله وربوبيته من أن النصر والرزق والمحيى والممات بيده لا بيد احد غيره وانه بذلك لن يصيبهم إلا ما كتب الله لهم وان أمره قبل وبعد ذلك كله بين الكاف والنون إذا أراد لشيء أن يقول له كن فيكون وان الله أراد إن يصيبهم ببعض ذنوبهم بما استأنسوا بوعود بعض الشياطين لهم لعلهم يرجعون مصداقا لقوله تعالى ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) ولعل كلمة " لعل " هنا في كلام الله تفيد بأنهم سيرجعون وهذه لعمري بشارة للمؤمنين بالعودة والرجوع للعمل بمقتضيات ومعاني الإيمان به وبقدرته على كل شيء فالله ينصر من ينصره وإنها فإنما والله هي إحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة وعلى الله فاليتوكل المؤمنون قال تعالى ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ) .

ولعل وجود مثل هذه السيناريوهات هو ما من شانه أن يبقى السؤال الجوهري مفتوحا على مصراعيه والمتعلق بمدى حقيقة ولاء النظام الإيراني للإسلام والمسلمين وهل حقا هذا النظام هو نظام مقاوم وممانع ومعادي لامريكيا وإسرائيل أم أن هذا القناع الذي اخذ يلبسه على مر وجوده في سدة الحكم في إيران ما هو إلا مناورات سياسية اخذ يذر بها الرماد في عيون بعض المرضى النفسين من العرب والمسلمين لتحقيق مصالح العرق الصفوي الإيراني على حساب أعراق شعوب المسلمين الأخرى وتحديدا العرق العربي , وهل بالفعل أصبحت مصالح المقاومة والممانعة في العالم الإسلامي عند هذا النظام المقاوم والممانع لا تقوم إلا على حساب الدخول في حروب مع غيره من الشعوب العربية والإسلامية وإزهاق الكثير من أرواح ودماء المسلمين كما فعل في حربه مع العراق وكما يحاول أن يفعل اليوم في حربه مع الشعب السوري بل وحتى مساعدته للكفار كامريكيا في احتلالها لكل من أفغانستان والعراق ؟ تبقى هذه التساؤلات قائمة وتحتاج إلى إجابة واضحة وشافية ومقنعة بدورها لله ولرسوله وللمؤمنين ولعل الأسابيع وربما الأيام القادمة ستكون كفيلة بكشف حقيقة الإجابة على هذه التساؤلات وهو ما سيحتاج بدوره من السيد حسن نصرالله الانتباه لها والإجابة عنها ...ولننتظر ونرى ما سيكون عليه رده .

واخبرا ارجوا هنا من بعض ناشري هذا المقال ممن لا تسمح لهم توجهاتهم وتوجهات مواقعهم الإخبارية بتجاوز بعض ما ورد فيه من تعابير وآيات ربما قد تخالف ما نص عليه الميثاق الصحفي ذلك أن مستوى الدماء التي تسيل اليوم على ارض الشام وغيرها من دول العالم الإسلامي قد تكون أكثر أهمية من الالتزام بأي مواثيق بشرية كان ان فصلها الغرب على مقاسه لاستعمار الأمة فكريا وثقافيا بها عسى الله يجعل لنا بذلك وللناس أجمعين من بعد هذا الهم فرجا ومن بعد هذا الضيق مخرجا.

اخر الأخبار