خدعتني قارئة الفنجان بقطاع غزة

تابعنا على:   21:14 2013-10-03

د.كامل خالد الشامي

بعد التوقيع علي اتفاقية أوسلو ووصول الرئيس الشهيد ياسر عرفات ورفاقه إلي غزة في عام1994 دب التفاؤل في كل مكان واعتقدنا أننا علي مرمي حجر من الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس, وتصورت أنا شخصيا أن الصناعة والتجارة سوف تكون في أحسن حال لكن شخصا واحدا لم يكن كذلك ألا وهو الرئيس ياسر عرفات, فعندما خاطبة أحد الشخصيات المهمة "بسيادة الرئيس " رد علية قائلا:"هو دة الخزوء". لقد غرف الرجل مبكرا أن اتفاقية أوسلو لم تكن الحل الأمثل لإنهاء الصراع مع إسرائيل.
فاتفاقية أوسلو كما يصفها المتبحرون في أعماق السياسة الفلسطينية أدخلت الذئب عند الغنم.وهذا ما نعاني منه فعلا فقد استطاعت إسرائيل أن ترغم السلطة الفلسطينية التي نصت عليها الاتفاقية أن تتحمل مسئولية الشعب الفلسطيني ولكن بدون الموارد, وتركت للسلطة حرية البحث لهم عن موارد من خارج نطاق الأراضي الفلسطينية, واستطاعت إسرائيل فصل غزة عن الضفة الغربية , كما أنشأت أكثر من نصف مستوطناتها بعد توقيع هذه الاتفاقية, وأعادت احتلال الضفة الغربية وأطبقت حصارها علي غزة تحت مسميات احتجاز شاليط وسيطرة حماس علي غزة. ومنعت مئات الآلاف من مزاولة عملهم داخل الخط الأخضر, وأنشأت طرقا التفافية, وفرضت علي الفلسطينيين لوحات زرقاء لمنعهم من استخدام هذه الطرق, وأقامت السور العازل,الذي حول حياة أكثر من نصف مليون فلسطيني إلي جحيم, وحولت الضفة الغربية إلي كانتونات ومعازل.
وتدني الاقتصاد الفلسطيني ليصل متوسط دخل الفرد في الضفة الغربية إلي 2093 دولار وفي غزة إلي 600 دولار في العام بينما يصل متوسط دخل الفرد في إسرائيل إلي
حوالي 32000 دولار في العام, علي الرغم أن المناطق الفلسطينية مرتبطة ارتباطا شبه كلي مع إسرائيل, فهي تستورد منها ما يعادل 95% من احتياجاتها.
لقد استطاعت إسرائيل أن تبقي علي احتلالها للضفة وغزة وان كانت لا تتواجد داخل غزة إلا أنها تسيطر علي الحدود والجو والبحر وهذا ما كانت ترغب به أصلا .واستطاعت بهذا التهرب من مسئولياتها الأخلاقية والقانونية, ولم يعد الاحتلال يشكل عبئا عليها بل بالعكس فهي تربح من الأراضي الفلسطينية عدة مليارات سنويا من خلال البضائع والضرائب المفروضة علي السكان في فلسطين.
بشكل خاص استطاعت إسرائيل أن تدمر الإمكانيات والموارد في قطاع غزة من خلال شنها الحروب المتواصلة علية وإطباق الحصار ومنع سكانه من السفر أو مغادرة قطاع غزة إلا بصعوبة بالغة, وأصبح الإنسان الغزي يقضي نهاره بحثا عن الغاز والكاز والأدوية والانتظار أياما طويلة حني يسمح له بالسفر وحتى فلسطينيو غزة في الخارج يعيشون أزمة السفر عندما يفكرون بالعودة إليها.
عندما بدأ مرشحوا الحملة الانتخابية في عام 1996 نشاطهم الانتخابي, كانوا متفائلين جدا فقد أطلقوا جملتهم المشهورة بأن غزة ستكون سنغافورة!إلي هنا وتنتهي الحكاية .
الغريب في الأمر أن أغلب المرشحين آنذاك تركوا غزة لصعوبة الحياة فيها
أما أنا فلم يبقي لي إلا أن أقول لنفسي خدعتني قارئة الفنجان.

أستاذ جامعي وكاتب
جامعة غزة

اخر الأخبار