
رسالتنا ل"حماس"
عادل عبد الرحمن
كل يوم تقريبا ترسل حركة حماس رسائل للقيادة تعكس تلاوينها وتياراتها المختلفة، والتي تبدو احيانا كأنها تلعب لعبة الادوار المتعددة، لارباك المتلقي اولا؛ ولرؤية ردود الفعل، ثانيا؛ والسعي للبحث عن شماعات ولو مؤقتة لتجاوز بعض المنعطفات الماثلة في الواقع/ ثالثا؛ ولطمانة الاعضاء والانصار، أن الحركة مازالت متماسكة، ولديها ما تقوله، رابعا؛
لكن قيادة حركة حماس حتى اللحظة غير مستعدة، وليست جاهزة لارسال رسالة واحدة وموحدة تحدد فيها موقفها من موضوع المصالحة، كونها ترفض إعطاء موقف محدد، وترغب ابقاء الصورة مائعة وضبابية، لافتراض ان المشهد السياسي في المنطقة مازال في حالة السيولة، ممكن ان يتغير لصالحها، مما يمنحها الفرصة لفرض وجهة نظرها او للمساومة من موقع القوة. وفي ذات الوقت، تسعى لفتح ثغرة في الجبهات ، التي اغلقتها نتيجة سياساتها الغبية جراء تماهيها مع سياسة جماعة الاخوان المسلمين، لتتسلح بها في مواجهة الرؤية الوطنية، التي تمثلها القيادة الشرعيةة
هذا الواقع يفرض ارسال رسالة وطنية شديدة الوضوح لقيادة حماس، لا تقتصر على قبول إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، وانما رؤية جديدة تتوافق مع التحولات الاستراتيجية في المنطقة وخاصة في بلاد الراعي الاساسي للمصالحة الوطنية، اي الراعي المصري، اضف الى ان دول الاعتدال في النظام السياسي العربي: السعودية؛ الامارات العربية المتحدة، الكويت والاردن، بات لها رؤية متناغمة مع الرؤية المصرية، وكون القيادة الشرعية وما تمثل سياسيا تتوافغق مع هذه المجموعة، فإن رسالتها السياسية لحركة حماس، عليها ان تأخذ بعين الاعتبار هذا المعيار.
بالتأكيد الرسالة الوطنية، من المفترض ان تحمل بشكل واضح وعميق الحرص على النسيج الوطني والاجتماعي، وعدم السماح بتعميق الشرخ بقدر ما تحمل ترميم النسيج، ومد الجسور بين جناحي الوطن، وضمان عودة الشرعية الى محافظات الجنوب، لكن على القيادة ان تدرك جيدا، انها لا تستطيع ان تتجاوز الواقع العربي والتطورات الجارية فيه، رغم خصوصية كل ساحة من الساحات العربية، غير ان الخصوصية لا تسقط السمة العامة للمشهد السياسي العربي، لان هناك علاقة جدلية عميقة شاءت القيادة ام ابت. وبالتالي الرسالة المفترض ان تتضمن، ان على حركة حماس القبول بالامر الواقع، وتفتح الابواب وتشرعها لعودة الشرعية فورا الى محافظات غزة، وتتسلم كل مقاليد الامور، وليس مسموحا لحركة حماس فرض رؤيتها، او الاعتقاد انها تستطيع ان تساوم، والقاء بلالين الاختبار لرؤية ردود فعل القيادة، هكذا محاولات لم تعد تجدِ.وباتت خلفنا، ومن يعتقد ان حماس قادرة على الاملاء، يكون جاهل وفاقد القدرة على قراءة التطورات. بالمقابل على القيادة ان تحسم خيارها في العودة الى القطاع مستفيدة من الواقع القائم والمساعد لها، دون ان يعني ذلك تحملها لفاتورة حركة حماس, لان من التحق بحماس في اجهزة ومؤسسات زمن الانقلاب، ليس جزءا من الشرعية الوطنية، ولم يخضع لمعايير المؤسسات الشرعية، ولا يمكن له ان يحمل السلطة ما يحصل له، لانه ارتضى ان يكون اداة بيد الانقلاب على الشرعية.
هذا يفرض على القيادة اولا اعادة ترتيب الييت الفتحاوي بعيدا عن الحسابات الصغيرة؛ وثانيا وضع رؤية مشتركة مع فصائل منظمة التحرير والتنسيق مع جمهورية مصر العربية بشكل خاص ودول الاعتدال العربية في عودة الشرعية للقطاع؛ لان هذا في مصلحة فلسطين اولا ومصر ثانيا والنظام العربي ثالثا. والكف عن ربط موضوع العودة باجراء الانتخابات في خلال ثلاثة او ستة شهور، والعودة لمؤسسات المنظمة المركزية المجلس المركزي والمجلس الوطني، لمنح الشرعية الثقة والدعم لمشروعها الوطني على الصعد المختلفة الداخلي الوطني وعلى صعيد التسوية، لاسيما وان الامور لا تسير حتى الان بالاتجاه الصحيح، حيث لم يتم اي اختراق في المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، والولايات المتحدة مازالت تنتظر وتتلكأ في تدخلها، في الوقت الذي ينهش الاستيطان الاستعمار جسد الوطن الفلسطيني، والمواطنون يدفعون الثمن من لحمهم الحي صباح مساء، حتى كفر الناس بالواقعن وبات قطعان المستوطنون يعيثون في الارض فسادا وتخريبا، وامسى ابناء الشعب تحت سيف ارهابهم، كما ان الاماكن المقدسة تنحر كل يوم وخاصة الحرم الابراهيمي الشريف والمسجد الاقصى، آن الاوان طي صفحة الانقلاب الاسود مرة والى الابد، وتعزيز عناصر الصمود الوطني لمواجهة إسرائيل والاستعداد للسيناريوهات القادمة والاكثر صعوبة في المواجهة، لا سيما وان إسرائيل وقادتها وقطعان مستوطنيها في حالة إنفلات من عقالهم ضد مصالح الشعب الفلسطيني الخاصة والعامة ,,,
الرسالة لحركة حماس عنوانها دون لف او دوران، تسليم المؤسسات الشرعية، والانسحاب مع ما تمثل من الشارع، لتتسلم اجهزة الامن الوطني المسؤولية. والكف عن ارسال ناقلي الرسائل او حتى استقبالهم، اللحظة لحظة إملاء لا مساومة مع قيادة حماس.