مشاريع قوانين الحريات والاعلام تضع فلسطين في ذيل القائمة عالميا

تابعنا على:   23:13 2014-03-09

حنان ابوندى*

طالعتنا النشرة الشهرية لمركز البحوث والدراسات والسياسات والمصادر الاعلامية الفلسطيني في رام الله ببعض من القضايا القانونية التي تهم قطاع الاعلام الفلسطيني والحريات في فلسطين، منها ترتيب فلسطين في تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" حيث جاء ترتيب فلسطين متأخرا جدا ، بما يثير الغيرة ويعتبر طعنة لا تغتفر في خاصرة هذا الوطن الذي نعمل جميعا لجعله فخرا يستحق ان يكون عضوا فعليا في هيئة الامم المتحدة وليس عضوا مراقبا فقط، .

جاء ترتيب فلسطين في "التصنيف العالمي لحرية الصحافة" لعام 2014 الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود" صفعة جديدة للأداء الفلسطيني في مجال الاعلام ، حينما حصلت فلسطين على المرتبة 138 من بين دول العالم المئة والسبعين التي تطرق لها التقرير، ورغم التقدم الطفيف خلال السنتين الاخيرتين حيث كان الترتيب 153 وبعيدا عن اليات ومعايير التقييم التي تعتمدها المنظمة التي تحظى على احترام دولي كبير، الاّ ان ذلك يطرح تساؤلا هاما حول سبب هذا التأخر في الترتيب الدولي لدولة حصلت على اعتراف دولي لتكون دولة مراقب في هيئة الامم المتحدة ، واذا ما كانت هذه الدولة تبحث على سبل الاقناع الجدية والكفيلة بان تكون في مقدمة الدول الداعمة للحريات حتى يقتنع بها المجتمع الدولي لتكون عضوا كاملا في المؤسسات الدولية جمعاء لا سيما انها عانت و شعبها كل اساليب انتهاك الحريات من قبل الاحتلالات المتعاقبة؟ كما ان ذلك يقود الى تساؤلا اخر يجب توجيهه ليس فقط الى الحكومة بل الى مؤسسات المجتمع المدني العاملة على رصد الاداءات المختلفة للحكومات الفلسطينية المتعاقبة بما فيها المجال الاعلامي وبالتالي يصبح التساؤل مشروعا اذا ما اتضح ان هذه المؤسسات قد قدمت مشروعا لقانون حق الحصول على المعلومات يضعها في المرتبة ال 36 بدلا من ان يضعها بين العشرة الاوائل على اقل تقدير، في حين ان اليمن تتبوأ المركز الثامن عشر دوليا، الشيء الذي يثير تساؤلا هاما الا وهو: هل اصبحت مسودات مشاريع الاعلام الجاري الحديث حول اقرارها بشكل محموم هذه الايام مثل مشروع قانون "المجلس الأعلى للأعلام" ومشروع "القانون المرئي والمسموع " هدفا بحد ذاتها؟!! وهل هي بالمستوى المطلوب من المهنية واعطاء الحريات للصحفيين بما يضمن تقدم فلسطين في الترتيب الدولي في الأعوام القادمة ؟ أم أن الموضوع سيبقى في الغرف المغلقة لورشات العمل والتنازع حول تقديم مشاريع قوانين لا تسمن ولا تغني من جوع اضافة إلى انها قد لا ترى النور ابداً ؟

عند استقراء اداء بعض مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني وغالبية المؤسسات الاكاديمية الفلسطينية نستشف أن هناك بعضاً من الغنائم المادية والمنح التي تبحث هذه المؤسسات للفوز بها تحت شعار العمل في مشاريع قوانين تغري المانحين بما يضمن سيلان وتسرب هذه المنح واموالها إلى جيوب مجموعات بعينها في هذه المؤسسات خاصة اذا ما علمنا أن الأسماء تتكرر ومشاريع القوانين يعاد تنقيحها في ورش عمل جديدة لنفس المؤسسات التي وضعتها وهي تحتوي نقاط الضعف المقصودة ، وكأنها وضعت وصيغت بطريقة تضمن منحة جديدة وتكليفاً جديداً لنفس المؤسسات التي تدعي حرصها الاصلاح القانوني في مجال الحريات ، وعطفاً على بدء ، لو سمحنا لأنفسنا بتمحيص ما سمّاه البعض مشروع قانون المجلس الاعلى للإعلام ، فإنه سيتضح مدى التراجع الذي ستشهده البيئة القانونية للإعلام الفلسطيني وبما يضمن أن تكون فلسطين في الترتيب الأخير لذيل القوائم الدولية في موضوع الحريات لما في هذا القانون من تضارب سافر بين مواده المختلفة اضافة إلى تضارب مكوناته الادارية فيما تمت تسميته أمين عام المجلس الاعلى للإعلام "سبحان الله امين عام تنظيم سياسي !! وكأننا لم نملّ كثرة الامناء العامين" ورئيس مجلس الادارة ، أضف إلى ذلك الصلاحيات التي يخولها لهما مشروع القانون في مواضيع التراخيص وغيرها ؟ والاكثر اساءة في أغلب هذه المشاريع للقوانين المقدمة بما فيها قانون حق الحصول على المعلومات والذي يرأسه "المفوض" أن جميع هذه المشاريع تنص على استقلالية هذه المجالس بينما يتم تعيين القائمين عليها من قبل مجلس الوزراء و الرئيس اضافة إلى حق الفيتو الممنوح لهما بالاعتراض ، بينما الواجب أن تعتمد الاستقلالية على المصادقة على التعيين من جهة قضائية بما يضمن عدم تدخل السلطة التنفيذية في اداء هذه المؤسسات وبما يعطيها الحرية في اتخاذ القرار والاستقلالية . هذا قليل من غيث يمكننا قوله في هذا السياق وبما يجعلنا نضع علامات استفهام كبيرة حول مصداقية هذه المشاريع لهذه القوانين التي يحاول الكثيرون تمريرها وما يثير القلق اكثر هو اقحام المؤسسات الاكاديمية لنفسها في كثير مما لا يعنيها ، و يكفينا أن نرى فيها كليات اعلام تنتهك حقوقها من قبل مراكز تدريب اعلامية كل همها هو الصراع مع هذه الكليات بدل ان تكون مكملة لنتاجات هذه الكليات ، و الاغرب ان هذه المراكز تتسابق للحصول على رخص بث اذاعي و تلفزيوني محلي وعبر الاقمار الاصطناعية لكي تتنافس مع وسائل الاعلام المحلي و الرسمي بدلا من ان تكون ادوات لتدريب طلاب كليات الاعلام في هذه الجامعات !؟ كان الله في عون هذا الوطن وشعبه !

*مستشارة قانونية

اخر الأخبار