سيرة وطن- سيرة حياة ( الجزء الثاني)

تابعنا على:   22:07 2017-04-01

غازي الخليلي

فيما يلي فصول من الجزء الثاني من مذكراتي "سيرة وطن- سيرة حياة" أروي فيها حياة الثورة الفلسطينية المعاصرة، كما عشتها، تجربة ورؤى، ومواقف.

غازي الخليلي

 

الحلقة الأولى

سيرة وطن

البــدايـــــات

(1)

سنوات القلق والأمل

وتسألُ: ما معنى كلمة وطن؟

سيقولون: هو البيت

وشجرة التوت

وقن الدجاج

وقفير النحل

ورائحة الخبز

والسماء الأولى

وتسأل: هل تتسع كلمة واحدة من ثلاثة أحرف

لكل هذه المحتويات وتضيق بنا؟

محمود درويش

عندما غادرت مدينتي نابلس بعد أشهر قليلة من الاحتلال الإسرائيلي لها ولما تبقى من فلسطين وأراضٍ عربية أخرى، لم يكن ليخطر ببالي أو يدخل في تصوري السياسي، بالرغم من هزيمة الأنظمة العربية القاسية، أني لن أعود إليها إلا بعد سنين طويلة ناهزت الـــ 27 عاما. ذلك أن الانطلاقة القوية للمقاومة الفلسطينية المسلحة وما أعقبها من نهوض شعبي عارم، كانت تبعث الكثير من الثقة بالنفس والأمل بقدرة المقاومة المسلحة المدعومة من الجماهير العربية على تجاوز الهزيمة خلال فترة قد لا تطول هذه السنين الطويلة. لكنها طالت، بالرغم من كل الأمل-الوهم الذي ساد في حينه. وعندما باتت العودة ممكنة للبعض بعد اتفاق أوسلو عام 1993، كانت بمواصفات وشروط وضوابط لم تكن لتخطر على بال أحد. لقد عدت مثل كثيرين غيري بطريقة لم أكن أتخيلها يوما، أو أرتضيها لنفسي بعد هذه السنين الطويلة من الكفاح والألم والترقب. عدت وكأني لم أعد. فلم تكن العودة المظفرة التي حلمت بها، أو حلم بها جيلي. هي عودة ربما كانت أشبه بالخيبة ممزوجة بشيء من الأمل، أو ربما أمل امتزج بالخيبة التي أعيشها حاليا، مع النهايات اللا نهايات لاتفاق أوسلو، بعد ما يزيد على عقدين من السنين.

عندما سألتني ابنتي نورا في أحد الأيام: أي وطن هذا الذي أعدتنا إليه ونعيش فيه كأننا غرباء. هل هو الوطن-العودة الذي حلمت به وأفنيت في سبيله سنين طوال من عمرك. ترحل، وترحلُ بنا من بلد إلى آخر، ومن عاصمة عربية إلى أخرى. ها قد عدت وحطيت رحالك في الوطن، فكيف تراه بعد هذه السنين الطوال.

قلت لها يا ابنتي، الوطن ليس مجرد ذكريات، وليس مجرد أرض وشجر وحجر، أو بيت نعيش فيه، نحيا ونموت فيه. الوطن حالة يعيشها كل إنسان، أعجز أن أصفها أو أشرحها لك. ربما هي الحنين إلى ماضٍ، إلى ذكريات، أو إلى صُحبة عرفتهم وترعرعت بينهم ومعهم، وربما هي كل هذا وذاك وأمور أخرى، لست أدري. قد يغترب الإنسان ويعيش في بلد آخر سنين طويلة، يجد عملا ويبني أسرة ويحقق نجاحا، ويحمل جنسية البلد الذي يعيش فيه، ولكنه يظل يحن إلى وطنه الأول. إنه ما يطلقون عليه في اللغة الإنجليزية (Home Sick) أي مرض الحنين إلى الوطن. ولكن مأساة الإنسان الفلسطيني مع وطنه الفلسطيني لن تجديها لدى أي إنسان آخر، حيث أن لكل إنسان وطنا يسكن ويعيش فيه، حتى لو اغترب، أما نحن الفلسطينيين فلنا وطن يسكن فينا ولا نسكنه. هو معنا وفي داخلنا، يتغلغل في مسامات جلدنا، في عقولنا وقلوبنا. قد نعيش بعيدين عنه، ولكنه يظل معنا كحالة لن نقوى على نزعها من قلوبنا وعقولنا، لأنه يستوطنها ويسكنها. فأينما ارتحلنا أو جُلنا في بقاع الأرض، وعشنا في هذا البلد أو ذاك، سيظل الوطن معنا، يعيش معنا ولا نعيش فيه، يسكننا ولا نسكنه لأننا ممنوعون من سكناه، ولن تفارقنا هذه المأساة إلا بعد أن يصبح لنا مثل كل الشعوب الأخرى، وطن نعيش فيه، وليس وطنا يعيش فينا. قدرك يا ابنتي وقدر جيلك، وربما أجيال أخرى، لست أدري، أنكم ستعيشون مع وطن سيظل يسكنكم ولا تسكنوه، يستوطن عقولكم وقلوبكم وحياتكم، حتى ينتصر الحق ويكون للإنسان الفلسطيني أينما وُجٍد وعاش، وحيثما تغرب وأقام، وطن حر وسيِّد، يعيش فيه، يغادره ويحن إليه، ويشد الرحال إليه متى شاء بكامل حريته.

يا ابنتي مأساتي أنا الإنسان الفلسطيني، أنني عشت وعاصرت نكبتين، وأخشى ما أخشاه أني أعيش حاليا في أجواء ومناخات نكبة أخرى قد تحل بالشعب الفلسطيني، قد تدمر آماله وطموحاته لأن يعيش حرا كريما كباقي الشعوب. ولكني أقول لك، وأنا على قناعة بما أقول، برغم تشاؤمي أو تشاؤلي الحالي، إن تَتابُع النكبات لن يقتل أو يكسر أحلام الشعب الفلسطيني في أن يكون له وطن كسائر شعوب الأرض، وطن حر وسيد، يعيش ويحيا فيه، يسكنه ويقيم فيه بكامل حريته. لأن الشعوب بما تحمله من أحلام، وبما تختزنه من طاقات وإرادة حرة، ستظل أحلامها عصية على الانكسار.

سأروي لك ولجيلك يا ابنتي، سيرتي مع الوطن، كما عشتها وكما رسمت مسار حياتي طيلة هذه السنين الطويلة من عمري. سأروي هذه الرحلة التي عشتها، شاهدا ومشاركا في بعض أحداثها، لتكون ذخيرة لك ولجيلك، ولربما لأجيال أخرى، تتعلمون منها، وتواصلون المسيرة، حاملين حلمكم، حتى تحققوا ما تحلمون به من حرية لإرادتكم، ومن حرية واستقلال لشعبكم ووطنكم، وطنا حرا سيدا، ديمقراطيا وتقدميا.

لقد عشت وعاصرت النكبة الأولى، نكبة العام 1948، وعشت وعاصرت النكبة الأخرى في حزيران عام 1967، وبالرغم من مرارة النكبتين ومأساة كل منهما الثقيلة على الشعب الفلسطيني وقدرته على مواصلة حياته، لم ينكسر الشعب الفلسطيني، ولم تنكسر أحلامه، واصل حياته، يعيش ويتعلم، يحيا ويموت ويخلف أجيالا، وواصل حلمه ومسيرته الكفاحية، مشتقا في أعقاب كل نكبة طريقا كفاحيا تجدد في وعيه الأمل، وتمده بطاقة على المواصلة والكفاح ضمن أي ظروف مستجدة.

عقب نكبة العام 1948 حملت مع جيلي راية الدعوة للوحدة العربية طريقا لاسترداد حقنا المغتصب في وطننا، دعونا لإسقاط الأنظمة العربية التي حملناها مسؤولية النكبة بتخاذلها وخيانتها، كي تقوم على أنقاضها دولة الوحدة العربية بأنظمتها المستقلة والديمقراطية طريقا للتغلب على ما حل بشعبنا من دمار وتشريد وتبديد لهويته الوطنية وكيانه المجتمعي الموحد.

انتعشت آمالنا بقيام دولة الوحدة العربية "الجمهورية العربية المتحدة" عام 1958 بين سورية ومصر بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر، الذي قاد وخاض معارك شرسة ضد بقايا الاستعمار في المنطقة العربية ومخططاته الجديدة لاستعادة هيمنته على المنطقة العربية.

لقد عشت هذه المرحلة التي شهدت نهوضا قوميا وهيمنة للفكر القومي العربي على تفكير جيلنا وعلى طموحه من أجل الوحدة والتحرير. كان أملنا بوحدة الدول العربية طريقا للتحرير والعودة كبيرا وطاغيا، فانخرطت ككثيرين غيري من النخب الفلسطينية والشباب الفلسطيني في الأحزاب والحركات القومية التي نشأت في تلك المرحلة، باعتبارها الطريق الواقعي في تلك الفترة لممارسة دورنا الكفاحي من أجل التحرير والعودة. لقد انتميتُ إلى حركة القوميين العرب التي جعلت من استرداد الأرض الفلسطينية المغتصبة هدفا رئيسيا في برامجها وتوجهاتها السياسية، كحال كثيرين الذين وجدوا في انتمائهم إلى أحزاب قومية أخرى، مثل حزب البعث الاشتراكي، ما يحقق هدفهم وأملهم في بناء مجتمعات عربية قوية وموحدة، طريقا للتحرير والعودة. آخرون وجدوا طريقهم من خلال الانضمام إلى الأحزاب الشيوعية العربية لما كانت تحمله من أفكار تقدمية وديمقراطية تتوافق مع طموحاتهم ورؤيتهم للحياة وبناء مجتمعات عربية ديمقراطية، تقدمية وحرة.

الخطأ الذي ارتكبه جيلنا في تلك المرحلة، أنه لم يَتنبَّه باكرا إلى أهمية وضرورة التمسك بشخصيته الوطنية المستقلة وكيانيته الجغرافية المستقلة، التي تعرضت إلى عملية منهجية لتدميرها ومحوها بتآمر عربي ودولي، بفرض الأنظمة العربية وصايتها المطلقة على القضية الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني الذي خذلته وتآمرت عليه في حرب العام 1948، وبإلحاق وإتباع ما تبقى من فلسطين بدول عربية، حيث تم إلحاق الجزء الشرقي/الأوسط المتبقي من فلسطين، تحت مسمى الضفة الغربية بالمملكة الأردنية الهاشمية، وإتباع الجزء الساحلي المتبقي من فلسطين بالإدارة المصرية تحت مسمى قطاع غزة،" وبالتالي جرى محو اسم فلسطين من الخارطة السياسية والجغرافية. أما الشعب الفلسطيني كمسمى فقد غاب عن الوجود وتحول إلى مسميات جديدة وفقا لأماكن توزعه الجغرافي في فلسطين وأقطار اللجوء، أردنيون في الأردن، وغزيون أو غزازوة في قطاع غزة، وعرب إسرائيل للفلسطينيين الذين بقوا في أرضهم تحت حكم الاحتلال الإسرائيلي، ولاجئون ونازحون في المنافي والشتات.

وكمران ذهني أتساءل بعد هذه السنين الطويلة، ماذا لو أننا منذ البداية وفي وقت مبكر بعد نكبة العام 1948، أدركنا بعمق وبما فيه الكفاية، حجم المأساة المضاعف الذي حل بالشعب الفلسطيني وأرضه الوطنية، ورفضنا في حينه سياسات وإجراءات الإلحاق العربية وفرض وصاية وهيمنة النظام العربي على الشعب الفلسطيني وقضيته، وتمسكنا بحق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة كيانه الوطني المستقل على كامل ما تبقى غير محتل من أرضه الفلسطينيةـ، هل كنا سنكون فعلا بوضع أفضل بكثير مما عليه هو حالنا حاليا، كقضية وطنية وشعب. وهل كان نهجنا هذا سيتعارض مع أي جهد قومي عربي من أجل الوحدة والتحرير. هل كان من الضروري أن نقضي أكثر من عشر سنوات حتى نبدأ ندرك ونعي خطأنا وندرك أهمية وضرورة تشديد الكفاح والنضال من أجل إعادة إحياء الشخصية الوطنية الفلسطينية وبناء الكيان الوطني المستقل للشعب الفلسطيني، كمُكون أساسي يتكامل ويتفاعل مع الجهد القومي والعمل العربي المشترك.

أسئلة كثيرة كهذه وأخرى غيرها تراود ذهن الإنسان الفلسطيني وهو يستعرض مسيرة كفاح شعبنا قبيل نكبة العام 1948، وبشكل أخص بعد السنوات العشر أو ما يزيد التي أعقبت نكبة عام 1948. لا شك أن الأكذوبة الكبرى والمضللة التي روجها البعض عربيا وفلسطينيا، من أن إقامة كيان وطني فلسطيني مستقل على ما تبقى من أرض فلسطين غير محتل في ذلك الوقت، سيعني القبول بمشروع التقسيم للوطن الفلسطيني الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29/11/1947 بدعم أميركي وتواطؤ دولي. هل كان مشروع التقسيم هو الأخطر على قضيتنا، أم مشروع الوصاية والإلحاق والهيمنة التي فرضها النظام العربي على قضيتنا وشعبنا؟

قد يرى البعض أن الظروف المستجدة قبيل وبعد النكبة عام 1948 كانت أقوى من قدرة الشعب الفلسطيني على مواجهتها، حيث تكالبت وتآمرت عليه قوى دولية وعربية لمنعه من إقامة أي كيان فلسطيني مستقل، ويستشهدون على ذلك بتجربة حكومة عموم فلسطين التي أنشأها الحاج أمين الحسيني في قطاع غزة، والتي حوصرت منذ البداية، ولم يوفر لها أي نظام عربي ما يساعدها على الصمود والبقاء.

بتقديري أن المسالة أعمق من الاكتفاء بإلقاء التبعية على شدة وطأة العوامل الخارجية، ذلك أن مجموعة من العوامل الذاتية الفلسطينية كان لها دور سلبي لا يمكن التقليل من أهميته ودوره في الكارثة التي أحاقت بالشعب الفلسطيني، سواء قبل نكبة العام 1948 أو بعدها، ويأتي في مقدمة ذلك ضعف القيادة الفلسطينية التي قادت النضال الفلسطيني في تلك المرحلة، وتشتت ولاءات بعض رموزها القيادية بين هذا النظام العربي أو ذاك، وعدم قدرتها على اشتقاق السياسات والمواقف الصائبة في الوقت المناسب. إن التخفي وراء الرفض المطلق لكل شيء وفي كل المراحل النضالية يعبر عن فشل سياسي، إن لم يكن غباء سياسيا وعجزا سياسيا في القيادة نفسها. الرفض المطلق في كل المراحل وفي كل الظروف في العمل السياسي والنضالي، هو عجز قيادي مطلق وقاتل.

إن إحدى أبرز سمات القيادة السياسية الناجحة هي التي ترى إمكانية تحقيق هدفها في إطار ما يجري حولها من تغيرات وتحولات، فإذا نشأت ظروف وأوضاع تحول دون أن تحقق أية حركة وطنية طموحاتها السياسية كاملة، وبرزت إمكانية لحلول سياسية دون ذلك، تبقي على وجودها وتنقذ روحها وذاتها، وأحجمت عن التعاطي معها، تخطئ بحق شعبها، وتمكن العدو من مواصلة سحقها. صحيح أن مواقف كهذه لا تمثل سياسة بطولية تلقى الدعم الشعبي الواسع، ولكنها في ظروف معينة، قد تكون أكثر السياسات بطولة. وهذا هو الخطأ التاريخي الذي ارتكبته قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية قبل الــــــ 1948، حين أحجمت عن التعاطي مع مشاريع ومواقف كان يمكن أن تنقذ الذات الوطنية والوجود الوطني من التبعثر والتشرد والتبديد لكيانيته المجتمعية والوطنية

 

(2) حرب حزيران: الهزيمة والانطلاقة

رسميا ومن ناحية تاريخية انطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة "حركة المقاومة الفلسطينية" بعد نكبة العام 1948 في الأول من يناير عام 1965، حين أعلنت "العاصفة" التشكيل العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" عن أولى عملياتها العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. لكن واقعيا، فإن الانطلاقة الفعلية وبزخم قوي للثورة-المقاومة كانت بعد حرب حزيران عام 1967 مباشرة، وتحديدا بعد معركة الكرامة في 21 آذار عام 1968، حين تمكنت التشكيلات العسكرية الفلسطينية الأولى "الفدائيون" والمتمركزة في الأغوار شرقي نهر الأردن من صد الهجوم الإسرائيلي الواسع وتكبيد القوات الإسرائيلية الغازية خسائر جسيمة بدعم فعال من مدفعية الجيش الأردني. لقد شكلت هذه المعركة-الملحمة البداية الحقيقية والفعلية، ليس فقط لانطلاقة الثورة الفلسطينية العاصرة وإعلاء دور الشعب الفلسطيني في النضال من أجل تحرير وطنه، وإنما أيضا، في إطلاق شعلة الأمل والخروج من جو الهزيمة الكئيب الذي عم وطغى، إلى حد كبير، بعد هزيمة الجيوش العربية في حزيران عام 1967 واحتلال إسرائيل لما تبقى من الوطن الفلسطيني وأراضي عربية أخرى في مصر وسورية "سيناء والجولان."

لقد عشت هذه الفترة-المرحلة المضيئة في تاريخ الشعب الفلسطيني ومسيرته الكفاحية الطويلة لاستعادة أرض وطنه وبناء كيانه الوطني المستقل كغيري من أبناء جيلي الذين عاصروا وعاشوا تلك المرحلة. عشتها بكل تداعياتها وعنفوانها وإرهاصاتها، وشاركت بفعالية فيما دار أثناءها من حوارات فكرية خصبة وغنية بين مختلف الأطراف والقوى الفاعلة، فلسطينيا وعربيا، سواء قبل حرب حزيران بسنوات أو بعدها، وبخاصة حول الدور المحوري للشعب الفلسطيني ومقاومته التي انطلقت قوية بعد حرب حزيران من أجل تحرير وطنه وبناء كيانه الوطني المستقل.

قبل حرب حزيران بسنوات قليلة، كان ثمة تباين وخلاف في الرأي بين العديد من القوى الفلسطينية حول رؤيتها لدور الحركة الفدائية الفلسطينية التي بادرت إليها بعض القوى الفلسطينية في المعركة من أجل تحرير فلسطين. حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" التي أعلنت عن أولى عملياتها العسكرية داخل فلسطين، حسمت موقفها بالتأكيد على الدور المحوري للشعب الفلسطيني في النضال من أجل تحرير وطنه عبر الكفاح المسلح، في حين رأت قوى أخرى مثل حركة القوميين العرب، التي كانت على علاقة قوية مع القيادة المصرية بزعامة الرئيس جمال عبد الناصر، أن دور الحركة الفدائية الفلسطينية في هذه المرحلة هو دور إسنادي وداعم للجيوش العربية عندما تُقرر الحرب من أجل تحرير فلسطين، واشترطت أن تكون العمليات الفدائية حاليا بمستوى معين "فوق الصفر وتحت التوريط"، حتى لا تؤدي إلى توريط الأنظمة العربية ودفعها إلى حرب مبكرة قبل أن تكون مستعدة لها.

لقد حسمت هزيمة حزيران الجدل حول هذه المسألة، بالتأكيد على الدور المحوري والمركزي للحركة الفدائية الفلسطينية والكفاح الشعبي الفلسطيني المسلح طريقا وحيدا للتحرير واستعادة الأرض المغتصبة، واعتبار الأنظمة العربية القائمة، ببنيتها الطبقية والفكرية البورجوازية والبورجوازية الصغيرة عاجزة عن توفير شروط التحرير واستعادة الأرض المغتصبة، وأن الثورة الفلسطينية المسلحة بانتهاجها طريق الكفاح الشعبي المسلح أو ما بات يطلق عليه حرب الشعب الطويلة الأمد على الطريقة الماوية (نسبة إلى الزعيم الصيني ماوتسي تونج وكتاباته عن حرب الصين الشعبية الطويلة الأمد)، سيكون لها تداعيات وإرهاصات وتفاعلات ستؤدي إلى تثوير الجماهير العربية وإحداث تحولات ثورية، في بنية وتركيبة وسياسات الأنظمة العربية الحاكمة.

لقد كانت الساحة الأردنية بحكم تركيبتها الديموغرافية التي تضم غالبية واسعة من الشعب الفلسطيني، وبحكم حدودها الطويلة مع الأرض الفلسطينية، ومع انحسار قبضة النظام الأمنية بعد هزيمة حزيران، هي الساحة العربية المؤهلة لاحتضان حركة المقاومة الفلسطينية في مرحلتها الجديدة. فبادرت مختلف الأطراف والقوى الفلسطينية، وبخاصة حركة "فتح" أولى التنظيمات الفلسطينية المسلحة وأكبرها، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تشكلت بائتلاف عدة تنظيمات فدائية بعد أشهر قليلة من حرب حزيران، إلى بناء قواعد عسكرية لها في منطقة الأغوار، واستدعت العديد من كادراتها العسكرية والمدنية المقيمة في البلدان العربية للقدوم إلى الساحة الأردنية، ودفعت بالعديد من هذه الكادرات إلى داخل الأرض المحتلة لبناء قواعد وبؤر ثورية على الطريقة الجيفارية (نسبة إلى المناضل الأممي تشي جيفارا)، لشن عمليات عسكرية من الداخل، إضافة إلى العمليات التي كانت تنطلق من قواعدها في الأردن ضد المستوطنات الإسرائيلية الحدودية، وبخاصة في منطقة الغور الأوسط والشمالي.

إسرائيل المنتشية والمغرورة إلى حد الثمالة بالهزيمة النكراء التي ألحقتها بالجيوش العربية في حرب حزيران، واحتلالها السهل لما تبقى من الأرض الفلسطينية وسيناء والجولان، ظنت أن بإمكانها إنهاء المقاومة الفلسطينية المسلحة قبل أن تنمو وتقوى، وتقضي عليها بضربة قاضية. فشنت عدوانها الواسع والمدعوم بالطيران وبقوات مُؤَلَّلة كبيرة على مراكز تواجد المقاومة في الأغوار الشرقية صبيحة يوم 21/3/1968، مستهدفة بشكل رئيسي بلدة ومخيم الكرامة الفلسطيني حيث التواجد الكثيف للمقاتلين الفلسطينيين. لقد صمد المقاتلون الفلسطينيون الذين تلقوا دعما فعالا من مدفعية الجيش الأردني، وأفشلوا عدوانه وكبدوا قواته خسائر فادحة، واضطروه إلى الانسحاب مخلفا وراءه عددا من آلياته المدمرة وجنوده القتلى.

أكسبت معركة الكرامة الحركة الفدائية زخما قويا وتأييدا جماهيريا واسعا واندفعت أعداد كبيرة من الجماهير للالتحاق بالحركة الفدائية. كانت التنظيمات الفاعلة آنذاك والمهيأة لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة من الجماهير تكاد تنحصر في أربعة تنظيمات رئيسة هي: حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" كبرى هذه التنظيمات والتي كانت المبادرة إلى إعلاء شأن الكفاح الشعبي المسلح قبل حرب حزيران باعتباره الوسيلة الكفاحية الأساسية إن لم تكن الوحيدة لتحرير فلسطين، والتي بادرت قبل غيرها بالإعلان عن بدء عملياتها المسلحة داخل الأرض المحتلة أو من قواعدها التي أنشأتها في الأغوار شرقي النهر "نهر الأردن". وهي بهذه الوضعية وبما تملكه من خبرات سابقة في الإعداد والتدريب قبل حرب حزيران، تمكنت من استقطاب وتعبئة العدد الأكبر من الجماهير.

التنظيم الرئيسي الثاني كان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتي تشكلت بعد أشهر قليلة من حرب حزيران بائتلاف ثلاثة تنظيمات فدائية كانت قائمة قبل حرب حزيران هي: "شباب الثأر" التنظيم الفدائي لحركة القوميين العرب، و "جبهة التحرير الفلسطينية" بزعامة أحمد جبريل، وهي تنظيم فدائي كان ينشط بين الفلسطينيين في سورية، ثم "أبطال العودة" وهي تشكيلات فدائية من عناصر من حركة القوميين العرب تشكلت بدعم من اللواء وجيه المدني قائد جيش التحرير الفلسطيني قبل حرب حزيران، وكانت تنشط في منطقة الخليل، ومن أبرز قادتها فايز جابر وصبحي التميمي. كما ضمت الجبهة عند بداية تأسيسها مستقلين وعددا من الضباط المسرحين من الجيش الأردني قبل حرب حزيران لنشاطهم السياسي، منهم أحمد زعرور.

أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن بداية عملياتها المسلحة داخل الأرض المحتلة في 12/12/1967. إلا أن هذا التشكيل الثلاثي لم يدم طويلا، حيث فكت جبهة التحرير الفلسطينية ائتلافها مع المكونين الآخرين بعد معركة الكرامة، وشكلت ما بات يعرف " الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة" والتي باتت تعرف باسم "القيادة العامة" وعمليا بقيت الجبهة الشعبية بمٌكونيها "شباب الثأر وأبطال العودة"، وكلاهما يعودان بانتمائهما إلى حركة القوميين العرب. كما تعرضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى انشقاق كادري واسع آخر في شباط 1969، بانشقاق عدد واسع من الكوادر اليسارية فيها بزعامة نايف حواتمة، القيادي في حركة القوميين العرب، وشكلوا ما بات يُعرف باسم "الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين" والتي باتت تُعرف لاحقا باسم "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين".

التنظيم الثالث كان تنظيم طلائع حرب التحرير الشعبية "قوات الصاعقة" وهي تشكيل فدائي شكله الفرع الفلسطيني-الأردني لحزب البعث العربي الاشتراكي السوري بعد حرب حزيران. ثم "قوات التحرير الشعبية" وهي تشكيلات فدائية من ضباط وجنود من جيش التحرير الفلسطيني، تشكلت بعد حرب حزيران وكانت تنشط بشكل رئيسي في قطاع غزة.

كانت هذه التنظيمات الأساسية القائمة بعد حرب حزيران مباشرة، والتي كان لبعضها نشاط قبل حرب حزيران. وهي التنظيمات التي شكلت النواة الأولى من الحركة الفدائية التي أعادت تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني بعد حرب حزيران بمشاركة ممثلين لها بشكل رسمي في الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني المنعقدة في القاهرة في بداية شهر شباط 1969، وتشكيل لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة الأخ ياسر عرفات، زعيم حركة فتح، وانتخاب الأخ خالد الفاهوم رئيسا للمجلس الوطني.

بالإضافة إلى هذه التنظيمات الأساسية والتي شكلت مع عدد من الشخصيات الوطنية المستقلة المكون الرئيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية في انطلاقتها الجديدة بعد حرب حزيران، وبميثاقها المعدل الذي بات يعرف بالميثاق الوطني بدلا من الميثاق القومي، تعبيرا عن الشخصية الوطنية الفلسطينية لمنظمة التحرير الفلسطينية، شهدت الساحة الفلسطينية نشوء وتبلور تنظيمات فلسطينية أخرى منها "جبهة التحرير العربية" التابعة لحزب البعث الاشتراكي العراقي و "جبهة النضال الشعبي الفلسطيني" التي نشأت بداية في القدس من عناصر وكوادر كانت في حركة القوميين العرب" بمبادرة من الدكتور صبحي غوشة وبهجت أبو غربية، و"الهيئة العاملة لتحرير فلسطين" بزعامة طاهر دبلان، إضافة الى تنظيمات أخرى صغيرة كان لها نشاط محدود قبل حرب حزيران، ولكنها سرعان ما تلاشت أو التحقت عناصرها بتنظيمات أخرى.

 

(3) تعددية تنظيمية بمرجعيات فكرية مختلفة وتوافق على الهدف السياسي المركزي

تميزت الحركة الفدائية الفلسطينية منذ نشأتها، سواء قبل حرب حزيران أو بعدها، بتعدد تشكيلاتها التنظيمية وبالمرجعيات الفكرية المختلفة لهذه التشكيلات، مع توافقها وتوحدها على الهدف السياسي المركزي المعبر عنه بالتحرير الكامل لأرض فلسطين التاريخية عبر الكفاح المسلح وحرب الشعب، طريقا وحيدا لانتزاع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني باستعادة كامل أرض فلسطين التاريخية المحتلة وعودة اللاجئين الذين هُجِّروا من أرضهم وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، و رفض أي تسوية تنتقص من هذه الحقوق، ورفض قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر بعد حرب حزيران ووافقت عليه بعض الأنظمة العربية، وتأكيد الالتزام بلاءات مؤتمر القمة العربي الذي انعقد في الخرطوم بعد حرب حزيران بأشهر قليلة، وهي: لا صلح ولا مفاوضات ولا اعتراف بإسرائيل ولا تصرف بحقوق الشعب الفلسطيني. وهذا ما نص عليه الميثاق الوطني الفلسطيني كما جرى إقراره في الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني المنعقدة في بداية شهر شباط عام 1969.

لقد شكل هذا التعدد التنظيمي والفكري، والقائم على الوحدة أو التوافق والائتلاف على الهدف المركزي في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الإطار الجامع للكل الفلسطيني، إحدى أبرز سمات حركة المقاومة الفلسطينية في انطلاقتها الجديدة.

حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" تميزت باتجاهها الوطني الفلسطيني العام بلا مرجعية فكرية محددة، مركزة على وحدة العمل والهدف كأساس للانتماء إلى صفوفها، وليس على مرجعية فكرية محددة. وعلى قاعدة هذا التوجه العام استقبلت عناصر من توجهات فكرية عدة، ومن مكونات طبقية عدة، وضمت في صفوفها القومي واليساري والإسلامي، وبخاصة أن البعض من القيادات المؤسسة لفتح كانت ذات انتماءات فكرية وتنظيمية إسلامية "الإخوان المسلمون". لقد أكسب هذا التوجه العام حركة فتح قاعدة جماهيرية واسعة منذ البداية، بفتح صفوفها للكل الفلسطيني، طبقيا وفكريا.

التنظيمات ذات المنشأ الفكري القومي مثلته بشكل أساسي التنظيمات المنبثقة عن أحزاب قومية عربية حاكمة في بعض البلدان العربية، وهي طلائع حرب التحير الشعبية "قوات الصاعقة" والمنبثقة عن حزب البعث العربي الاشتراكي-سورية، و"جبهة التحرير العربية" والمنبثقة هي الأخرى عن حزب البعث العربي الاشتراكي، العراق.

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومعها الكوادر اليسارية التي انشقت عنها لاحقا، مثلت ما بات يُطلق عليه اليسار الفلسطيني الجديد تمييزا له عن اليسار الشيوعي التقليدي ممثلا بالأحزاب الشيوعية العربية المرتبطة بعلاقات أممية مع الاتحاد السوفيتي. الجبهة الشعبية المنبثقة عن حركة القوميين ولها فروع عديدة في البلدان العربية، كان يصطرع في داخلها تحولات فكرية وتنظيمية قبيل وعشية حرب حزيران، باتجاه التحول إلى الفكر الماركسي. لم تحافظ الحركة على وحدتها التنظيمية بعد حرب حزيران، وانقسمت إلى أحزاب قطرية عدة بمرجعيات فكرية يسارية. الفرع الفلسطيني في حركة القومين العرب بزعامة الرفيق جورج حبش، استقل هو الآخر مكونا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمرجعية فكرية ماركسية، وعلى قاعدة التحول طبقيا وفكريا من حزب قومي بورجوازي صغير إلى حزب بروليتاري ماركسي لينيني.

هذه التنظيمات بمكوناتها الطبقية والفكرية "الوطنية العامة والقومية واليسارية" شكلت الأساس التنظيمي والفكري في بدايات انطلاقة حركة المقاومة الفلسطينية أو الثورة الفلسطينية المعاصرة. اليسار الشيوعي التقليدي ممثلا بالأحزاب الشيوعية العربية بما فيها الحزب الشيوعي الأردني-الفلسطيني، فقد اتخذت في البداية موقفا نقديا ومتحفظا من الحركة الفدائية، سواء على صعيد هدفها السياسي المعلن "التحرير الكامل" أو انتهاجها طريق الكفاح المسلح، وكانت تعبر بشكل أو آخر عن موقف الاتحاد السوفييتي الذي تعامل في البداية، بحذر وتحفظ حول انطلاقة الحركة الفدائية الفلسطينية وأهدافها المعلنة. إلا أن العديد من كوادر وقواعد الحزب الشيوعي الأردني وكوادر من بقايا الحزب الشيوعي في غزة، لم تتقيد بمواقف الحزب المعلنة وشكلت "قوات الأنصار" فصيلا مسلحا بمسئولية " التنظيم الشيوعي الفلسطيني" في كنف الحزب الشيوعي الأردني، وهو التنظيم الذي استقل بعد سنوات عديدة عن الحزب الشيوعي الأردني باسم "حزب الشعب الفلسطيني". وتم لاحقا في ضوء ذلك موافقة المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثامنة عشرة المنعقدة في الجزائر في شهر شباط عام 1987 على عضوية الحزب الجديد في منظمة التحرير الفلسطينية كغيره من الفصائل الأخرى.

أما “جماعة الإخوان المسلمين" كأكبر وأوسع حركة إسلامية، فلم تكتف بالاستنكاف وعدم المشاركة والانخراط في الكفاح الشعبي الفلسطيني المسلح أو غيره، وإنما اتخذت ومنذ البداية، موقفا عدائيا من الحركة الفدائية وأدانت توجهاتها الفكرية والسياسية القومية واليسارية. والاسلامويون بشكل عام، لم يشكلوا عنصرا فاعلا في حركة المقاومة الفلسطينية إلا مؤخرا وبعد أكثر من عقدين من السنين، باستثناء بعض العناصر الاسلاموية التي استوعبتها حركة فتح ومنحتها حيزا ومجالا للقيام بنشاطات عسكرية وسياسية تحت لوائها، أو كتشكيلات إسلامية محدودة "مجموعة "أسعد بيوض التميمي" كانت ترعاها وتدعمها حركة فتح، حرصا منها وبخاصة الأخ ياسر عرفات والأخ خليل الوزير، القيادي في حركة فتح، لتأكيد أن الكل الفلسطيني بمختلف تياراته الفكرية والسياسية منخرط في الكفاح الشعبي الفلسطيني المسلح من أجل التحرير والعودة.

وبالنسبة للتشكيلات السياسية لفلسطينيي الـ 48، فقد كانت لهم برامجهم النضالية الخاصة، من خلال وضعهم تحت الاحتلال الاسرائيلي، من أجل الحفاظ على بقائهم وصمودهم على أرضهم والحفاظ على هويتهم الوطنية، باعتبارهم جزءا فاعلا من الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل حريته واستقلاله الوطني.

لقد تـأخرت "جماعة الإخوان المسلمين" ما يزيد على عشرين عاما للمشاركة في الكفاح الوطني الفلسطيني، مارست خلالها موقفا عدائيا وصراعيا ضد فصائل العمل الوطني الفلسطيني ونشاطها المقاوم، سواء داخل الأرض الفلسطينية المحتلة أو خارجها. فقط وبعد اندلاع الانتفاضة الوطنية الفلسطينية الأولى في 7/12/1987 في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أعلنت الجماعة عن تشكيلها تنظيما إسلامويا مرتبطا بــ "جماعة الإخوان المسلمين" تحت اسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مُناكفا لمنظمة التحرير الفلسطينية ومستقلا عنها، وببرنامج إسلاموي ديني أصولي وبفعاليات خاصة بها، حيث رفضت المشاركة في القيادة الوطنية الموحدة "قاوم" التي تشكلت عقب اندلاع الانتفاضة المجيدة عام 1987 من جميع فصائل العمل الوطني الفلسطيني المنضوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، لقيادة عمليات ونشاط المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي من أجل الحرية والاستقلال الوطني.

 

اخر الأخبار