المرشح لرئاسة مصر

تابعنا على:   11:17 2014-02-27

د.ناجي صادق شراب

لقد إستوقفنى في متابعة المشهد السياسى المصرى ، وإقتراب الإنتخابات الرئاسية الإستحقاق الثانى للشرعية السياسية الجديدة في مصر، عبارتين ألأولى للرئيس المصرى عدلى منصور الذي أدار بعضا من ملامح المرحلة الإنتقالية بعقلية القاضى الهادئ الذي يزن ألأمور بميزان العدل ، وبعقلية السياسى الذي فرضه عليه أعلى منصب سياسى في مصر بكل تحدياته، ولو أردت أن أوجز هذه الفترة من رئاسته إدراكه ماذا تعنى الرئاسة بقوله أن الرئيس ينبغى أن يكون على قدر مصر ق لا العكس وهذا الخطا الكبير الذي وقع فيه الأخون أنهم أرادوا قلب معادلة الرئاسة في مصر في جعل الرئاسة علي قدر الإخوان. والعبارة الثانية التي إستوقفتنى شعار حملة الفريق السيسى مصر. والعبار تحمل نفس دلالات عبارة الرئيس عدلى منصور, هذا هو الأساس في نجاح أى مرشح للرئاسة. هذه الكلمة ليست مجرد شعار،مصر هويه كلية شاملة ممتدة ، وحضارة ، ودور ومكانة ، حقيقة سكانية تغوص في أعماق التاريخ،ترفض التبعية ، وهذا الذي يفسر لنا المحاولات الدؤوبة للسيطرة على مصر ، وسلبها دورها الريادى.الشخصية المصرية شخصية طاردة للإستعمار والقوى المسيطرة ، ولا تقبل الخضوع ، ومصر أيضا ثورة من أجل العدالة ومحاربة الفساد والهيمنة الخارجية. فلا يكفى في المرشح إن يتحدث عن هذه الدلالات بشكل مطلق ومجرد بعيدا عن الواقع، فالحديث عن الدور الحضارى يعنى إستكمل هذا الدور بما يتوفرلمصر من قدرات عقلية كبيرة ، وقدرات مادية هائلة تحتاج فقط إلى رؤية ومشروع تنموى باهداف واضحة ، وأياد مصرية نظيفة. والحديث عن الدور والمكانة يعنى توفير كل عناصر القوة الشاملة ، وتقليل الإعتماد على الخارج، وبناء النموذج القدوة في الحكم والبناء السياسى والإقتصادىوالفكرى والثقافى. والحديث عن الهوية يعنى التاكيد علي مفهوم الهوية المواطنة الواحدة التي تحتضن كل المصريين في ظل هوية تستوعب وتحتوى كل الهويات الأخرى في ظل من التسامح، وألإنفتاح علي كل الهويات ، . هذه العبارات هى التىتحملها كلمة مصر بالنسبة للفريق السيسى. فهو يعنى ما يقول، ويدرك عمق دلالة مصر، وما تعنية من تحديات تفوق قدرات اى فرد. وأدرك إن كل المرشحين يؤكدون على هذه الروح. وحريصون على مصر،وهى المصلحة العليا والهادية للجميع. لكن ألأمر قد يختلف في حالة الفريق السيسى ، وبعبارة أخرى ستكون التحديات بالنسبة له أكبر، وأكثر صعوبة . ولعلى الخص الفارق ألأول بين السيسى كمرشح للرئاسة وغيره من المرشحين وكلهم في سلم الوطنية سواء،أن سلم التوقعات من المواطن المصرى العادى بالنسبة للسيسى المرشح اكبر، فالمواطن المصرى يتوعق الكثير والكثير منه، وكانه يحمل عصا سحرية بيدة يحقق بها كل المطالب ، هذا العصر إنتهى ، ولم يعد قائما ، السفينة المصرية تحتاج في هذه المرحلة إلى قائد مخلص، ولديه الرؤية وألأهداف الواضحة ، وليس خياليا ، لكنه من حقه ن أن يكون مثاليا حالما ، فالكل يحلم بمصر القوية ، ومصر القائدة والنموذج التى تقود ولا تقاد. هذا هو الفارق بينه كرشح وبين غيره من المرشحين، وهذا يجعل المهمة أصعب ، والتحدى أكبر، وفى النهاية هو إنسان له حدود وقدرات. ولعل أول التحديات التي تواجهه أن ينتصر على نفسه ، وأن يبقى المواطن المصرى العادى القريب من نبض المواطن المكافح ، وقريب بصورته التي لم تصلها مفاتن السلطة ومغرياتها كما هى ، أن ينتصر على نفسه كإنسان أمام هذا الحب الكبير، وأمام هذه الثقة اللامحدودة التي يمنحها شعب لأول مرة لإنسان قبل أن يصبح مرشحا أو رئيسا. هذا التحدى هو الذي يحول دون الفسادـ ودون التسلط، ودون الغرور، ودون الإستعلاء,أى أن يبقى مفهوم الإنسان لديه دائما يسبق مفهوم الحاكم. أما التحدى الثانى وهو إمتداد للتحدى ألأول، وهو تحدى الحكم نفسه ، فعلية أن يفند نظرية الحكم العسكرى ، وأن يبرهن علي الدور الوطنى والدستورى والديموقراطى للجيش المصرى ، وان يدحض مقولة الإنقلاب العسكرى ، بالتأكيد على طبيعة الحكم المدني ، والتاكيد علي حكم المؤسسات وليس حكم ألأشخاص، وأن يثبت إن الجيش لم يكن في أى أى يوم ساعيا لحكم بقدر ما تفرضه الظروف. هنا المهم أن يؤكد علي مدنية الحكم ، وعلى الهوية المدنية ، وعلى الدستور المدني ، وعلى التوافق بين مفهومى الدولة المدنية التي لا تتخلى عن الدين كأحد اهم مكونا ت الشخصية المصرية . وفى تحدى الحكم تبرز تحديات كثيرة تتعلق بعدالة القضاء، وسيادة القانون وحماية منظومة الحقوق والحريات التي يقوم عليها الدستور المصرى. والتحدى الثالث وهو التحدى الآنى ، والذى تفرضه شخصيته العسكرية وألأمنية تحدى محاربة ألعنف والإرهاب الذي يضرب حياة المواطن المصرى العادى ، ويمس هيبة مصر الدولة ، هذا التحدى وإن كان يحتاج إلى قرارات صارمة ، فلا بد من رؤية مجتمعية إقتصادية أمنية قضائية قانونية للتصدى له، وهو تحدى الجميع وليس تحدى الفرد فقط. وتستمر التحديات في حلقة لولبية تجعل من الصعوبة بمكان القول إن هناك تحد رئيس إلا بالقول أن السيسى المرشح وفى حال فوزه يأتى في ظل بيئة تحدى ، يأتى في أعقاب ثورتين ، وفى أعقاب سقوط نظامين للحكم لا يمكن للعقل البشرى تصور سقوطهما بهذه السهولة ، ولذلك المطلوب منه تقديم نموذج للحكم يتسم بالديمومة والتاسيس للجمهورية الثالثة ،بمؤسسات مدنية قوية ، ودستور أكثر ديموقراطية وتوافقية ، هنا فقط أذكر بديجول الذي جاء بعدأكثر من ثورة ، واكثر من جمهورية ، وبعد حالة من الفوضى الشاملة عاشتها فرنسا ليؤسس للجمهورية الخامسة التي عندما يأتى ذكرها يأتى ذكر ديجول. التحديات كبيرة وكثيرة أذكر منها المشروع القومى في كافة المجالات التعليمية والتكنولوجية والنووية السلمية وألإقتصادية ومحاربة الفقر والبطالة ، وتلبية حاجات المواطنيين السريعة. كل هذه التحديات تحتاج إلى وقوف الكل وراء المرشح الذي سيفوز، وكم اتمنى أن أرى صورة كل المرشحين بعد الإنتخابات تقف وراء الرئيس الجديد، ومن خلفها الشعب المصرى الذي من حقه في مصر الجديدة التي يعتز بالإنتماء لها ، والتى ضحى من أجل الحفاظ علي هويتها ودورها وانها أم الدنيا بحق.

اخر الأخبار